التأمين.. ثقافة غائبة وخدمات قاصرة..! و نسبة المؤمنين صحياً لا تتعدى الـ5 بالمئة و«900» ألف ليرة لمن لديه دواء مزمن … التأمين الصحي.. وعي مفقود وقصور مكشوف!
| هني الحمدان
الثقافة التأمينية في المجتمع السوري ما زالت ضعيفة، وهي سبب من جملة أسباب في عدم نمو هذا القطاع وتطوره، ومن أسباب ضعفها النظرة المتشككة في التأمين وقلة الثقة؛ لعدم التقدير لأهمية العملية التأمينية ودورها الاقتصادي والاجتماعي ومستوى الخدمات التي تقدمها شركات التأمين، وحسب إحصاءات غير رسمية فإن 79 بالمئة من السوريين ليس لديهم فكرة عن التأمين، ونسبة كبيرة يعتقدون أنهم ليسوا بحاجة للتأمين.
فالثقافة التأمينية لا تزال ضعيفة، مع أن التأمين من أسس الحضارة، ويمنح جزءاً من الطمأنينة ضد الكثير من الأزمات والكوارث، وأيضاً هناك شركات لم تول أهمية التأمين تلك المنزلة لجهة التثقيف خدمة للقطاع كصناعة وليس كمصلحة فردية.
المرحلة المقبلة مهمة جداً وتحتاج إلى دعم العملية التأمينية؛ لما لها من دور اقتصادي كبير، بوقت أن الكل يتطلع لأن يشهد قطاع التأمين تغيراً ملموساً خلال الفترة القادمة، وذلك بالبدء في زيادة الوعي والثقافة التأمينية للمجتمع ووجود استراتيجية واضحة لسوق التأمين وتطوير كفاءات وطنية في المجال نفسه.
فلا الثقافة موجودة، ولا الخدمة اللائقة السريعة أتقنتها الشركات العاملة، وكانت النتائج متواضعة على كل الصعد، لدرجة أن المواطن فقد الثقة بدورها، لما واجهه من تعقيدات من مقدمي الخدمة ببعض المفاصل.
بشفافية نقول: لم يحقق القطاع المستوى المأمول بعد، حتى المواطن العادي لم يستطع القطاع أن يقنعه بأهمية خدماته بعد.. اليوم هيئة الإشراف على التأمين لديها من الخطط والإجراءات لرفع جودة الخدمة المقدمة وتوسيع المظلة، ويبدو أنها ستسلك الإلزامية حيال التأمين للمجتمع والاقتصاد لكون التأمين لا يشكل تلك الأولوية.
«الاقتصادية» تفتح اليوم ملف التأمين.. هذا القطاع المهم بأهدافه، المتواضع بنتائجه حتى يومنا هذا، ما المعوقات والتحديات وما الآفاق المستقبلية لجعل القطاع رائداً بحق؟
حوار خاص لـ«الاقتصادية» مع الدكتور رافد محمد مدير عام هيئة الإشراف على التأمين في سورية. المملوء بالخبرة والمعرفة، والذي يحاول جاهداً لبلورة رؤى وإجراءات تسرع الخطوات من شأنها تعزيز دور التأمين بصورة أشمل في سورية.
التأمين الصحي
هناك جفاء تجاه التأمين وخاصة الصحي.. لماذا وما الأسباب..؟
يستمر سوق التأمين في الاقتراب أكثر من تلبية حاجات المجتمع السوري بكل شرائحه وقطاعاته الاقتصادية، وفي تطوير منتجاته لمواكبة ذلك، وإيجاد الحلول للتغلب أو التخفيف من وطأة الظروف القاسية التي يعمل في إطارها وبشكلٍ خاص التضخم المتسارع وغياب إعادة التأمين.
إن الدور الذي تقوم به بعض شركات التأمين دون غيرها لا يكفي، خاصة في ظل وجود سوق لا تزال ناشئة، بل يجب أن تتحمل جميع شركاته مسؤولية المبادرة في توعية الجمهور بأهمية التأمين، ويكون لها دور فاعل في ذلك وتطالب بتقديم ما يثبت ذلك للمشرع، فنظام التأمين نشأ استجابة لحاجة المجتمعات الحديثة للتغطيات التأمينية، ونشر الوعي التأميني هو نشر الإدراك الكامل للأخطار المحيطة بحياة الإنسان وممتلكاته والاقتناع بضرورة مواجهة هذه الأخطار، والفهم بأن التأمين هو أنسب وسيلة لذلك، حيث يتحمل تكلفة قليلة عاجلة بدلاً من مواجهة خطر لا يعرف حدوده أو مداه.
ارتفاع بأسعار الأدوية وأجور المشافي
واجه التأمين الصحي بجميع شرائحه، وبشكل أكبر تأمين العاملين في الدولة القطاع الإداري خلال السنوات الأخيرة، العديد من التحديات، تنوعت بين التضخم الكبير الذي طال القطاع الصحي من ارتفاع أسعار الأدوية وأجور مشافي وتعرفة طبية، إضافة إلى سوء الاستخدام الممارس من مختلف أطراف العملية التأمينية، من المؤمن عليهم إلى مزودي الخدمة إلى الشركات، وصولاً إلى قلة إيرادات الأقساط وصعوبة زيادتها.
إجراءات لتحسين الخدمة
أمام هذا الواقع الذي تصفه بالصعب ماذا كان دوركم كهيئة إشراف..؟!
نعم كان لابد للهيئة أن تتخذ عدداً من الإجراءات الجديدة وغير المعتادة لضمان استمرار هذا المشروع ذي الصبغة الاجتماعية والموجه لخدمة العاملين في الدولة، واتخذت المعالجة منحيين، الأول نحو إدارة الموارد المالية عبر تحديد الأولويات، حيث تم تحسين كامل التغطيات الصحية للإجراءات المقدمة في المشافي وهي الأكثر إرهاقاً مادياً في ظل التضخم الكبير للتكاليف الطبية، وتمت مراعاة رفع الحدود المالية داخل المشفى على مراحل لتصل في شكلها الأخير إلى رفع الحدود المالية للإجراءات داخل المشافي الخاصة (عمليات جراحية…) إلى /5/ ملايين وإلى 10 ملايين في المشافي العامة والعسكرية، وزيادة الحد المالي للبدائل الصناعية إلى /2,5/ مليون في المشافي العامة والعسكرية وإلى 5 ملايين في المشافي الخاصة، وبالمقابل تمت مقاربة التغطيات المقدمة خارج المشفى للمعايير العالمية للتأمين الصحي من عدد الزيارات ونسب التحمل حيث تم رفع الحد المالي للإجراءات خارج المشفى (معاينات، مخابر، أدوية، مراكز أشعة) إلى /750/ ألفاً، وإلى (/900/ ألف لمن لديه دواء مزمن)، مع استمرار حرصنا على عدم سداد المؤمن عليهم من حاملي بطاقة التأمين الصحي أي مبالغ خارج ما ينص عليه عقد التأمين، حيث حددت نسب التحمل بـ25 بالمئة الإجراءات الخارجية (تحاليل، أشعة)، 30 بالمئة الوصفات الدوائية العادية (الحادة)، و15بالمئة الوصفة الدوائية المزمنة، وتم تحديد مبلغ ثابت يتحمله المريض بقيمة 10 آلاف ليرة، حيث بقيت مؤسسة التأمين تتحمل العبء الأكبر من تكلفة المعاينة، وبالوقت ذاته الحد من حالات سوء الاستخدام.
البصمة لدى مزودي الخدمة
كان هناك بعض التصرفات من مزودي الخدمة.. هل من محددات لتلافيها..؟!
لاشك وفي منحى المعالجات لبعض الإشكالات وبهدف الحد من سوء الاستخدام تم اتخاذ العديد من الإجراءات كان آخرها اعتماد نظام البصمة لدى مزودي الخدمة الطبية، بما يضمن عدم استخدام البطاقة إلا من صاحبها، وفي الوقت ذاته عدم حصول أي إجراء صحي من أي مزود خدمة من دون وجود صاحب العلاقة، وبشكل مواز كثفت الهيئة جهودها لرفع الثقافة التأمينية الصحية للعاملين بالدولة عبر القيام بجولة في المحافظات، لشرح حقوق وواجبات المؤمن لهم وغيرها من المعلومات التي تهم المؤمن لهم ومزودي الخدمة، ونشر معلومات تثقيفية عبر صفحات التواصل الخاصة بالهيئة ومجموعات الواتس أب التي تم تشكيلها للإجابة عن تساؤلات أو شكاوى من المؤمن لهم.
وتجدر الإشارة إلى اتخاذ الهيئة عدداً من الإجراءات لرفع جودة الخدمة التأمينية المقدمة لمؤمني القطاع الإداري منها رفع قيمة «تعرفة» معاينة الأطباء لتتوافق مع التعرفة المعمول بها في القطاع الخاص، إضافة إلى التعاقد مع المشافي العسكرية التي يشهد لكوادرها بالخبرة الكبيرة والاستفادة من الوفر المحقق من هذا الإجراء كرصيد إضافي في بطاقة المؤمن له، بحيث تصبح التغطيات في المشافي العسكرية بحد مالي 10 ملايين ليرة مقارنة بـ5 ملايين في القطاع الخاص، وزيادة الحد المالي للبدائل الصناعية إلى 5 ملايين ليرة، كما تم العمل على فلترة الشبكة الطبية، من خلال استبعاد مزودي الخدمة غير الفعالين وغير الملتزمين باستقبال حاملي بطاقة التأمين منذ فترة طويلة، ناهيك عن حرص الهيئة على عكس أي تدفقات نقدية إضافية تحقق عبر مراسيم زيادة الرواتب على المنافع التأمينية المقدمة في وثيقة التأمين الإداري.
التأمين الصحي بلغة الأرقام
لم تكن الخدمات الصحية المقدمة مرضية وكافية قياساً بين المؤمن من عدد السكان..؟
بلغة الأرقام ما تم تقديمه حول هذه النقطة مهم من جهة تقديم الخدمات وحجم الصعوبات.. فمثلاً كان هناك /3,2/ ملايين خدمة صحية قُدمت للمؤمنين صحياً في سورية، لإجمالي عدد المؤمَّن عليهم صحياً لعام 2023 البالغ نحو /927/ ألف مؤمَّن عليه، وبلغت نسبة المستفيدين 64 بالمئة من عدد المؤمن عليهم.
وبمقارنة عدد المؤمَّن عليهم مع العدد الإجمالي للسكان، نجد أن نسبة المؤمَّنين صحياً لا تتجاوز 5 بالمئة من المواطنين السوريين، مع التأكيد أنه لا يزال بالإمكان العمل على توسيع المظلة التأمينية، ولاسيما في قطاع الأعمال الخاص بشكل أساسي.
وبلغت المطالبات نحو 145 مليار ليرة سورية، بمعدل نمو 95 بالمئة، وهذا يوضح أثر تضخم تكاليف الخدمة الطبية داخل وخارج المشفى، كما يوضح أهمية التأمين كحل مثالي لتخفيف هذا العبء عن المواطن، ونجد أن أعداد المؤمَّن عليهم صحياً وتوزعهم في شركات الإدارة على المحافظات والقطاعات، كان وفق ما يلي:
القطاع الإداري (الحكومي): بلغ عدد المؤمن عليهم صحياً نحو /574/ مؤمناً عليه، حيث انخفض عدد المؤمن عليهم نحو /39/ ألفاً خلال عام 2023، وذلك بسبب إجراء مطابقة بين المؤسسة العامة السورية للتأمين والجهات المؤمنة، وبلغت نسبة المستفيدين /68 بالمئة/، وبلغ عدد المطالبات نحو /2/ مليون مطالبة، قيمتها نحو /66/ مليار ل.س.
الاقتصادي (الحكومي): بلغ عدد المؤمن عليهم صحياً نحو /109/ آلاف مؤمن عليهم، بحيث ازداد عدد المؤمن عليهم نحو /12/ ألفاً خلال عام 2023، وبلغت نسبة المستفيدين /65 بالمئة/، وبلغ عدد المطالبات نحو /413/ ألف مطالبة، قيمتها نحو /19/ مليار ل.س.
القطاع الخاص (المؤسسة العامة للتأمين): بلغ عدد المؤمن عليهم صحياً نحو /35/ ألف مؤمن عليه، وبلغت نسبة المستفيدين /69 بالمئة/، وبلغ عدد المطالبات نحو /162/ ألف مطالبة، قيمتها نحو /9/ مليارات ل.س.
شركات التأمين الخاصة: بلغ عدد المؤمن عليهم صحياً نحو /140/ ألف مؤمن عليه، وبلغت نسبة المستفيدين /71 بالمئة/، وبلغ عدد المطالبات نحو /644/ ألف مطالبة، قيمتها نحو /45/ مليار ل.س.
صناديق الرعاية وهي بشكل أساسي: صندوق وزارة النقل – صندوق نقابة الأطباء، صندوق نقابة الصيادلة: بلغ عدد المؤمن عليهم صحياً نحو /68/ ألف مؤمن عليه متوزعين على شركتي إدارة، وبلغت نسبة المستفيدين /18 بالمئة/ حيث إن انخفاض نسبة المستفيدين في هذه العقود يعود إلى تغطيات العقد، حيث إن أغلبها يشمل الاستشفاء داخل المشفى فقط وبالتالي معدل تكرارها منخفض، وبلغ عدد المطالبات نحو /49/ ألف مطالبة، قيمتها نحو /6/ مليارات ل.س.
جريح الوطن
أدخلتم مشروع جريح الوطن ضمن المظلة.. ماذا تشمل خدمتكم ونسبتها..؟
من باب التوسع ببعض الخدمات تولى قطاع التأمين واجبه في مشروع جريح الوطن إضافة لبعض المشروعات الأخرى، وتم لمشروع جريح الوطن العمل من خلال:
صندوق الرعاية الاجتماعية المحدث في هيئة الإشراف على التأمين: ويتم من خلاله تمويل شراء مستلزمات (البكتاج) جرحى العجز الكلي (نسبة عجز فوق 80 بالمئة)، كما يمول الصندوق عقد التأمين الصحي لنسبة عجز بين 70 إلى 79 بالمئة.
عن طريق الاتحاد السوري لشركات التأمين: من خلال تمويل الخدمات الطبية لجرحى العجز الكلي، بشكل خاص العمليات الجراحية والأدوية وسواها.. وتمويل عقد تأمين صحي لجرحى القوات الرديفة.
التأمين على الزلازل
بعد الزلزال صار الحديث مهماً حول التأمين ضد الزلازل والمباني.. أين وصلتم؟ وهل من مؤشرات إيجابية..؟!
يعد التأمين أحد أهم الحلول (إن لم يكن أهمها)، لتعويض الأضرار في حالة حدوث الكوارث الطبيعية التي قد تأتي على دمارٍ هائل بلحظة أو فترة زمنية بسيطة مسببةً صدمةً وهلعاً ومخلفةً نتائج مأساوية، وتاركةً وراءها مواطنين من دون مأوى، إضافة إلى ما تسببه من أضرار مادية هائلة وإصابات جسدية ناتجة عن الحرائق والانهدامات وغيرها من الظروف التي تعقب حدوث الكارثة، وتُعرف بأنها الحوادث الناتجة عن – القضاء والقدر – Act of God.
وتأمين الزلازل موجود حالياً في سورية، كتغطية إضافية بوثائق تأمين أساسية أبرزها تأمين الحريق، إلا أن استمرار العمل بالتعاطي التأميني مع خطر الزلازل وفق الواقع الحالي لن يؤدي إلى تحقيق الغاية الاجتماعية من التأمين وقت وقوع الزلزال، إذ إن انتشار التأمين على خطر الزلازل في شكله الطوعي الإفرادي ضعيف جداً، إضافة إلى أن قدرة شركات التأمين السورية على تحمل هذا الخطر محدودة جداً خاصةً في ظل عدم توافر إعادة تأمين خارجية، فالقدرة على تأمين الحريق متوافرة إلا أن تراكم الأخطار المؤمنة الناتجة عن الزلازل هو ما يجعل شركات التأمين محلياً وعالمياً تحجم عنه ـوتقيده بشروط مختلفة ومتحفظة، كما لا تكتتب به أو تقبله شركات الإعادة مستقلاً عن وثيقة تأمين الحريق.
وبالعموم فإن التأمين على المباني ضد الزلازل متدن كثيراً مقارنة مع بقية أنواع التأمين ومعظم الحالات في هذا النوع من التأمين تكون متلازمة مع التأمين ضد الحريق، ولأن الأصل في الموضوع أن يكون هذا التأمين (ضد الزلازل) إلزامياً أو شبه إلزامي ليسهم في كثرة عدد المؤمنين وبالتالي انخفاض تكلفة القسط على المؤمن له وتمكين الشركات من تغطية الأضرار، وفي حال المقارنة مع بعض الدول فمثلاً هناك تأمين إلزامي في تركيا على المباني ضد الزلازل، حيث بادرت تركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضربها في العام 1999 بفرض إلزامية التأمين على المباني ضد الزلازل.
علماً أن الهيئة وعلى خلفية الزلزال المؤسف الذي وقع في شهر شباط من العام 2023، أجرت الدراسات الفنية لمشروع التأمين على الزلازل، بحيث تكون جاهزة في حال إقرار إطلاق منتج تأميني إلزامي لهذه الغاية.
تشميل مرضى السرطان بتقديم مبلغ مالي
كان هناك مطالبات لتشميل مرضى السرطانات هل من جديد على هذا الصعيد..؟
بعد المراجعات والنقاشات حيال هذه الشريحة وما تحتاج من صرفيات كبيرة، ونتيجة لوجود وفر في صندوق الرعاية الاجتماعية في الجزء المخصص للمدنيين المتضررين من الإرهاب، حيث تتوزع إيرادات صندوق الرعاية الاجتماعية بين 25 بالمئة للمدنيين المتضررين من الإرهاب و75 بالمئة لدعم مشروع جريج الوطن وعقود التأمين الخاصة بالجرحى العسكريين، والوفر المتحقق في الصندوق جاء نتيجة انخفاض حجم مطالبات المدنيين المتضررين من الإرهاب خلال الفترة الأخيرة المقدمة لإدارة الصندوق.
وبعد النظر في هذا الوفر وافق مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين على مقترح بتخصيص هذا الوفر لمصلحة مرضى السرطان من العاملين في الجهات العامة ويحملون بطاقة التأمين الصحي الصادرة عن المؤسسة العامة للتأمين (العاملون في القطاع الإداري) نظراً لما يتكبده مرضى السرطان من تكاليف علاجية باهظة بما فيها المستلزمات الطبية المرافقة لمراحل العلاج وأجور النقل والمواصلات التي يحتاجها المرضى وكل ما يحتاجونه من خارج الخدمات التي توفرها الدولة مجاناً لمرضى السرطان، ويتم تسهيل تقديم الطلبات من أصحاب الحالات الطبية الذين يستحقون الاستفادة من هذا الدعم، وبلغ إجمالي عدد المستفيدين من الإجراء 234 مريضاً.
كما أقر مجلس إدارة الهيئة بجلسته الأخيرة بتاريخ 2 تموز، تشميل مرضى السرطان من المتقاعدين المدنيين بتقديم مبلغ الدعم أيضاً.
إلزامية التأمين
في ظل عدم القناعة والرضا بدور التأمين.. هل تنوون السير تجاه الإلزامية؟
حالياً التأمينات الإلزامية، هي تأمين المسؤولية المدنية تجاه الغير للمركبات، وعملت الهيئة على بعض المشاريع لمنتجات تأمينية يقوم نجاحها على الإلزامية منها:
التأمين الصحي للمتقاعدين، والتأمين الصحي لأُسر الموظفين، وتأمين المسؤولية المهنية للأخطاء الطبية، والتأمين ضد أخطار الزلازل، بانتظار إقرارها من الجهات المعنية وإصدار الصكوك القانونية اللازمة.
إن إصرار الهيئة على الإلزامية في بعض أنواع التأمين، منطلق علمي تأميني، إذ يستحيل نجاحها من دون تحقيق مبدأ الأعداد الكبيرة فيها، لتحقيق التكافل بين الأخطار الجيدة والرديئة، وعدم حصول انتقائية سلبية لجهة تأمين الأخطار الرديئة فقط، وكذلك التغلب على عدم توافر خيارات خارجية قوية في إعادة التأمين حالياً.
إن الإخلال بالمبادئ العلمية للعمل التأميني يؤدي حكماً إلى عدم نجاحه، وهو ما حصل في التأمين الزراعي بعد انطلاقته الناجحة، وفي تأمين المتقاعدين.
ومن هنا تدعو الهيئة أيضاً إلى الإلزامية من مبدأ تسويقي للتأمين في مجتمع واقتصاد لا يمثل التأمين فيه أولوية أو عدم إدراك أهميته.. وهذا شيء مسبوق في معظم دول العالم.
التأمين الخاص متواضع!!
12 شركة خاصة ماذا قدمت؟
يتضمن سوق التأمين السوري 12 شركة تأمين خاصة يتفاوت نشاطها وأداؤها بين شركة وأخرى، ينظم عملها والرقابة على أدائها هيئة الإشراف على التأمين، وتمارس عملها في النشاط التأميني والاستثماري، كما تضم السوق 7 شركات إدارة نفقات طبية، إضافة إلى مقدمي خدمات تأمينية أخرى كالوكلاء ووسطاء التأمين، ويتضح من دراسة واقع السوق حيازة المؤسسة العامة للتأمين (المؤسسة العامة الوحيدة) على الحصة الأكبر من سوق التأمين، وتعمل الهيئة بشكل مستمر ودؤوب للنهوض بأداء الشركات وتنوع نشاطاتها في الجانب الاستثماري وتشجعها وتساعدها في ذلك، توازياً مع الأداء الفعال لمهمتها الرقابية، وضمن ذلك، كان إحداث مجمعات إعادة التأمين، لأول مرة في السوق السورية بهدف التغلب على آثار العقوبات الاقتصادية الظالمة… ومثلت المجمعات حالة تعاون مثلى بين مكونات السوق كافة من شركات تأمين وإعادة تأمين، برعاية الهيئة.
بانوراما سوق التأمين 2023
هل تحسنت نسب الأقساط والتعويضات في قطاع التأمين..؟
بلغ إجمالي الأقساط في قطاع التأمين نحو /291,435/ مليار ليرة سورية، بنسبة نمو 63 بالمئة عن الفترة المقابلة من العام الفائت، والسبب الرئيسي في ذلك لتضخم القيم التأمينية، حيث بلغت حصة شركات التأمين الخاصة من إجمالي الأقساط /137,78/مليار ليرة سورية (47 بالمئة من الإجمالي) بمعدل نمو 106,9 بالمئة، في حين بلغت حصة المؤسسة العامة السورية للتأمين /153,65/ مليار ليرة سورية (53 بالمئة من إجمالي أقساط سوق التأمين) بمعدل نمو 36,88 بالمئة وذلك نتيجة تطوير المؤسسة لسياستها الاكتتابية والتسعيرية، وزيادة عدد وثائقها في تأمين القروض بفضل اتفاقياتها مع المصارف.. وبلغ إجمالي التعويضات في قطاع التأمين لعام 2023 نحو /164,751/ مليار ل.س، بنسبة نمو 95 بالمئة عن العام السابق.
بلغت حصة القطاع الخاص من إجمالي التعويضات 36 بالمئة بقيمة /59040/ مليار ل.س، حيث بلغت نسبة تعويضاته 43 بالمئة من أقساطه، أما حصة المؤسسة العامة السورية للتأمين فقد بلغت نسبتها 69 بالمئة من الإجمالي وبقيمة /105,711/ مليارات ل. س، مشكلة ما نسبته 69 بالمئة من أقساطها.
22 مليار ليرة الربح التشغيلي
مسألة الربح ذات خصوصية بهذا الشق.. هل توضيح حول الربح التشغيلي؟
وصل إجمالي الربح التشغيلي في شركات التأمين الخاصة بلغ نحو /22,3/ مليار ل.س، بنسبة نمو بلغت 45 بالمئة عن الفترة المقابلة من العام الفائت.
وبالنسبة للفروع، حقق فرع تأمين السفر الحصة الأكبر من الربح التشغيلي لدى شركات التأمين الخاصة بنسبة 31 بالمئة من إجمالي السوق وبقيمة /6,889/ مليارات ل.س، يليه فرع المركبات التكميلي بنسبة 22 بالمئة من إجمالي السوق وبقيمة /5,018/ مليارات ل.س، في حين سجل فرع التأمين الهندسي أقل ربح بين فروع التأمين بنسبة 0,6 بالمئة وبقيمة /141,943/ مليون ل.س.. وإن إجمالي قيمة الاحتياطيات الفنية لدى الشركات الخاصة بلغت نهاية عام 2023 نحو 96,176 مليار ليرة.
ثقة غائبة!
متى يشعر المواطن بأن التأمين خدمة؟
غالباً يلجأ المواطن إلى التأمين عندما يلمس دوره الإيجابي الفعال في حمايته والحفاظ على حاجته الأساسية واستقراره المادي والمعيشي، من خلال المنافع التي يوفرها له والتعويضات التي يمكن الحصول عليها في حال تحقق المخاطر المؤمن ضدها (الصحة، المنزل، السيارة، المعمل، المكتب).
ويمكن القول إن شعور المؤمن له بأن التأمين أصبح خدمة عندما يلتمس الدور الإيجابي الفعال للتأمين… ويزداد حالياً إدراك أهميته بحكم تضخم التكاليف وحجم الخسائر الهائل في حال وقوع الحوادث من حريق ومرض وسواه.
فمهما بلغت تكلفة الحصول على التأمين، فهي لا تقارن بـحجم التعويض الذي يحصل عليه المتضرر في حال وقوع الخسائر… من مرض وسواه.
جودة الخدمة المنشودة
التأمين بجودة عالية مطلب الجميع.. ما الآليات الواجب اتباعها؟
يعد قطاع التأمين من أهم القطاعات في مجال الخدمات المالية ذات العلاقة بالأهداف التنموية، وبالتالي فإن الارتقاء بجودة الخدمة التأمينية وتطوير مواصفاتها، ودراسة واقع رضا العميل والاستجابة لرغباته يعد ميزة تنافسية للشركة نفسها.
وتشدد الهيئة بشكل مستمر على مكونات قطاع التأمين في سورية واعتماد الدراسات المنهجية والموضوعية في تطوير هياكله وأفراده، وإدخال التقنيات الحديثة ضمن الإمكانيات المتاحة بما يمكن من الارتقاء بمستوى قطاع التأمين وتحسين جودة الخدمات التأمينية.
وتتبع شركات التأمين المداخل العلمية لتحسين أداء الخدمات بهدف تقديم منتجات تأمينية تقابل متطلبات ورغبات العملاء وتتجاوز توقعاتهم، ويعد تبني شركات التأمين لمدخل إدارة الجودة الشاملة ضرورة استراتيجية لرفع كفاءة وفعالية هذه الشركات وهذه الخدمة، إذ إن التأمين يقدم خدمة تستوجب التزامها بمواصفات محددة، وإن المحافظة على جودة الخدمات المقدمة من الشركة يعزز رضا العملاء إضافة إلى ولائهم للشركة.
تأمين كفالة القروض
هل تركت خدمة تأمين كفالة القروض أثراً ملحوظاً؟
تم إطلاق منتج تأمين بكفالة القروض لتسهيل الأمور والإجراءات على المواطنين بحيث يتاح لهم الحصول على القروض من مصرف التسليف الشعبي من دون كفلاء.
يُعد تأمين الائتمان من أهم أنواع التأمين تحفيزاً للنشاط التمويلي للمصارف ومن خلاله للنشاط الاقتصادي، ويقترب بالتالي من كونه أداة سياسة مالية ونقدية غير تقليدية، تُحفّز التمويل دون تعديل أسعار الفائدة المصرفية.
قامت الهيئة بإصدار قراراتها الناظمة لتسويق التأمين عبر المصارف (بيع وثائق التأمين في المصارف)، وذلك سواءً من خلال استثمار المزايا الكبيرة التي أقرها المشرع في القانون رقم /8/ لعام 2021 المتضمن نظام عمل مصارف التمويل الأصغر، ومن ضمنه السماح لتلك المصارف بتقديم خدمات التأمين، أم من خلال تطوير قرارات الهيئة المتعلقة بالمصارف التقليدية كافة.
واستناداً لذلك، أبرمت معظم شركات التأمين اتفاقيات مع المصارف لتسويق مختلف منتجات التأمين، كان أهمها المنتج التأميني الحديث في السوق، وهو تأمين القروض (بكفالة وثيقة التأمين) في مصارف التمويل الأصغر والمصارف التقليدية، ومنها اتفاقية المؤسسة العامة السورية للتأمين مع مصرف التسليف الشعبي، التي ضمنت من خلالها المؤسسة «23289» مقترضاً بعد انطلاقها في 1/11/2022، «42576» قرضاً لنهاية الشهر الأول من عام 2024، وكذلك الأمر مع مصرف التوفير الذي ضمنت فيه /19298/ مقترضاً بعد انطلاقها في 1/3/2023.
مما وفّر على الإخوة المواطنين الكثير من الجهد والوقت والكلف المالية المتعلقة بإيجاد الكفلاء الشخصيين.
ويبقى السؤال: هل ستتغير الأوضاع وتتعزز الثقة أكثر وأكثر مع قادم الأيام ويصبح التأمين ثقافة عامة ليحقق ليس الأهداف المادية البحتة؟ أم سيكون ضامناً للأفراد والمؤسسات وداعماً للاقتصاد بكل قنواته؟ فالتأمين بصورته وواقعه اليوم مازال يشكل الخطوة الأولى على طريق الألف ميل..!