شؤون محلية

التصدير… معوقات بالجملة ومعالجات بالترقيع..! … معاون وزير الاقتصاد: 350 مليون يورو صادرات سورية خلال الثلث الأول من العام الجاري

| شادية إسبر

يتشارك الجميع في سورية همَّ الوضع المعيشي، إن كان على المستوى الأسري، أو الاقتصاد العام للبلاد، فحساسية إدارة الأزمة الاقتصادية تنبع من أهميتها واختلاف الآراء والآليات والتشابكات والتفرعات المرتبطة، ومن الأهمية الاعتراف بالأخطاء قبل أن تتعمق وتتحول إلى كارثة اقتصادية في بيئة مجتمعية وأوضاع سوقية متعَبة لا تتحمل أي نوع من الصدمات، لكونها بالأساس ما زالت تئن تحت وطأة حروب متعددة، وفقر يزداد مع كل تحرك سعري محلي وعالمي، ما يعني أن تداعيات أي «خضة» ستكون تراجعاً اقتصادياً مضاعفاً مقارنة ببلدان لم تتعرض للظروف ذاتها.

على المستوى الاقتصادي الأسري يحاول رب الأسرة بمساعدة باقي أفرادها تأمين متطلبات الجميع، عبر إدارة واستثمار ما يملك بالشكل الأمثل والبحث عن مصادر دخل مع جدولة المشتريات والمبيعات، وكثيراً ما يتم تقييم القرارات، ما يعني أن كل ما يدور في همومنا المعيشية هو تطبيق عملي لنظريات الاقتصاد بآليات تختلف من أسرة إلى أخرى، والأمر ببساطته ينسحب على الوضع الاقتصادي في البلاد، وهذا الكلام لا يهدف بأي حال من الأحوال إلى تبرير السياسات الاقتصادية الخاطئة التي تركت آثاراً كارثية على المستوى المعيشي، بل يمكن وضعه بإطار البحث عن مكامن الخلل لإيجاد الحلول وتوالد الأفكار للنهوض.

التصدير مثالاً

«العنوان الأول والأهم بالنسبة لنا جميعاً في سورية هو الوضع المعيشي»، هذا ما أكده الرئيس بشار الأسد في كلمته خلال الاجتماع الموسع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في أيار الماضي، وتحت هذا العنوان طرح تحليلاً مفصلاً ومعمقاً للواقع الاقتصادي ومشاكله والتحديات التي تواجهه، ووضع أسساً للنهوض به بمشاركة الجميع، كما فتح باب النقاش الاقتصادي الواسع على مستوى البلاد كلها؛ وأمام كل الشرائح في إطار الإعداد لبناء «الاقتصاد السوري» وفق النموذج الذي يناسبنا، وهي فرصة حقيقية بالمعنى الاستثماري والاقتصادي والمجتمعي للدولة والمجتمع ومكونات الاقتصاد بشقيه العام والخاص للمشاركة في هذا البناء كي «يربح الجميع»، وفق إستراتيجيات طولية لا تتوقف عند إيجاد الحلول للوضع الراهن بل للانطلاق إلى تحقيق النمو.

التوازن بين الأيديولوجي والاقتصادي هدف الاقتصاد السوري للمرحلة المقبلة، وفي شرحه عن المقصود بهذا التوازن، وكيف تكون العناوين والسياسات رأى أن هدفها شيء والنتائج تذهب باتجاه آخر، وأورد الرئيس الأسد مثالاً وهو سياسة التصدير، كقاعدة أساسية من قواعد التطوير الاقتصادي، طارحاً أسئلة مهمة يجب الإجابة عنها «لكي تتمكن الحكومة والسلطة التنفيذية من وضع برامج تحقق هذه التوازنات».

التوازن في السياسة التصديرية.. كيف؟

تمر البلاد بمرحلة انتخابات تشريعية يليها تشكيل حكومة جديدة سيكون على كاهلها ملفات ضخمة أثقلها الاقتصادي، حيث ينتظر المواطن السوري الشق المعيشي في برنامجها كأهم جزء في الهيكل الاقتصادي الذي عليها أن تضع مقومات نجاحه وأسس بنائه، مع ارتفاع تحذيرات خبراء الاقتصاد من نتائج الاستمرار بالوضع الحالي، وتعتبر تنمية الصادرات إحدى روافع الاقتصاد الوطني، ومن الضرورة إعادة التصدير إلى موقعه الإستراتيجي، عبر جهد وجرأة وتفكير أعمق «خارج الصندوق».

التصدير أحد مداخل تطوير الإنتاج

في حديث لـ«الاقتصادية» أكد معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية شادي جوهرة أن التصدير أحد المداخل المهمة لتطوير الإنتاج وتحفيزه، وهو رافعة حقيقية للنمو الاقتصادي، واستقرار عمليات التصدير واستدامتها يعني تحقيق موارد مهمة بالقطع الأجنبي تضمن تصحيح الميزان التجاري مع توفير مصدر مهم لتمويل المستوردات المحفزة للنمو مع زيادة معدلات التشغيل وتحقيق فرص للعمل، وما لذلك من أثر إيجابي في استقرار سعر الصرف وتوفير ضمانات مستمرة للدفاع عن قوة الليرة السورية.

ورأى جوهرة أن توصيف الواقع يستلزم عدم تجاهل حجم الضرر الكبير الذي أصاب قطاعات الاقتصاد السوري وبناه الإنتاجية والتحتية خلال سنوات الحرب التي ترافقت مع ظروف الحصار الاقتصادي والمالي وآثارها السلبية، مع سيطرة المجموعات الإرهابية والاحتلال الأميركي على مراكز ثرواتنا من النفط والقمح والعديد من المنتجات الزراعية التصديرية، مؤكداً: على الرغم من أن الحرب لم تنتهِ بعد، إلا أن المنتج الوطني في كثير من القطاعات- رغم تراجعه- ما زال قادراً على النفاذ إلى الأسواق العالمية، حيث تمتاز الصادرات السورية بتنوّع تشكيلتها السلعية على الرغم من بقاء جزء من مصادر تنويع الإنتاج خارج السيطرة، وتبعاً لهذا التنوع فإن مقصد الصادرات السورية يصل إلى ما يفوق 100 دولة رغم ظروف الحرب والحصار، ولكن بأرقام متواضعة.

بالأرقام..

وبلغة الأرقام فإن الصادرات السورية بلغت في العام 2023 نحو مليار يورو بارتفاع ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة، سواء من حيث القيمة أو الكمية، فعلى صعيد القيمة نمت الصادرات السورية في العام 2023 بنسبة 61 بالمئة مقارنة بالعام 2022، وهو أكبر رقم- رغم تواضعه- للصادرات منذ عام 2013، وعلى صعيد الكمية نجد زيادة في الصادرات في عام 2023 بنسبة 230 بالمئة مقارنة بعام 2019 وبنسبة 124 بالمئة مقارنة بعام 2020 ونسبة 101 بالمئة مقارنةً بعام 2021 و53 بالمئة مقارنةً بعام 2022، وبالسياق ذاته وتبعاً لبيانات الصادرات في الثلث الأول من العام 2024 نجد أن قيمة الصادرات في هذا الثلث 350 مليون يورو قياساً بـ200 مليون يورو للفترة نفسها من العام الماضي أي بزيادة 74 بالمئة.

آليات دعم متنوعة

معاون وزير الاقتصاد أوضح: ضمن السياق الرقمي نجد تركيبة الصادرات السورية في العام 2023 وفق تفاصيلها العريضة قد توزعت إلى صادرات زراعية بنحو 22 بالمئة من قيمة إجمالي الصادرات، في حين بلغت نسبة صادرات الصناعات الغذائية نحو 13 بالمئة، وبلغت نسبة صادرات الصناعات الأخرى بخلاف الصناعات الغذائية نحو 42 بالمئة، في حين النسبة المتبقية والبالغة 23 بالمئة تعود للصادرات الاستخراجية.

وأشار جوهرة إلى أن توجه سياسة التجارة الخارجية في مجال التصدير في سورية تستهدف تبسيط إجراءات عملية التصدير بغية تعزيزها مع الإعداد والتحديث المستمر لقائمة السلع السورية المعدّة للتصدير، وتعميمها على السفارات والبعثات الدبلوماسية للترويج لها في الأسواق الدولية، إلى جانب اعتماد برامج دعم للصادرات تُقدم بالليرات السورية بشكل حوافز تشجيعية للمصدرين، والعمل بالتوازي على بناء مفهوم علمي وتقني عبر برامج التأهيل في مجال التصدير كدبلوم التصدير الاحترافي، مؤكداً سعي الوزارة إلى توفير برامج دعم المشاركة في بعض المعارض الخارجية أو تنظيم المعارض التصديرية، لدورها الترويجي والتسويقي، مع التوجه لإطلاق برنامج خاص تحت مسمى «صادراتنا بقيم مضافة»، لزيادة القدرة التنافسية للصادرات التي يتصف إنتاجها بتحقيق قيم مضافة مهمة.

من جانبه الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور ظافر حمّود وفي تصريح لـ«الاقتصادية» أكد أن الأزمة التي مرت بها سورية أثرت سلباً وبشكل واضح على مختلف القطاعات الاقتصادية والتي أدت إلى تراجع الحصة السوقية لمختلف السلع، والحكومة لم تدخر جهداً من أجل تنشيط التصدير، لكن ضمن هذه المرحلة لا بد من العمل بجدية أكبر من أجل تطوير القطاع التصديري وحرق المراحل للتعويض عن المراحل السابقة.

الدخول بالصناعات التكنولوجية

د. حمّود أوضح أن ذلك يتم من خلال التركيز على مجموعة من النقاط، منها على سبيل المثال لا الحصر العمل على تطوير وتحسين تنافسية هياكل الإنتاج والدخول في الصناعات التي تعتمد على التكنولوجيا والبرمجيات الحديثة ثم التركيز على الاستثمارات في القطاعات المنتجة وتوجيه الدعم لها، بالإضافة إلى نشر مفهوم الوعي التصديري وتقديم الدعم الفني والتدريب المطلوب من أجل زيادة عدد الشركات المصدرة من خلال الاعتماد على منهج واضح للتدريب.

معوقات أمام التصدير

الخبير والباحث الاقتصادي الدكتور شادي أحمد أرجع سبب عدم عودة قطاع التصدير في سورية إلى سابق عهده أو على الأقل إلى نوع من أنواع التعافي، إلى أربعة أسباب (قانونية، تنظيمية، تمويلية، فنية).

في القانونية قال: على الرغم من أن القرارات الاقتصادية والمالية تدعم التصدير من ناحية النصوص غير أن بعض التطبيقات تأتي بنتائج عكسية، وعلى سبيل المثال القرار 21 الصادر عن المصرف المركزي والذي لا يسمح للمصدّر الذي يريد أن يستفيد من عائدات القطع في تمويل مواده الأولية، إلا بتصدير منتجاته حصراً، متسائلاً ما الذي يمنع مصدّراً ما لديه متسع في حاوية الشحن أو لديه طلبية خارجية فيها تنوع من البضائع لا ينتجها كلها؟!

وعن التنظيمية وصف برامج هيئة دعم الصادرات بالجيدة قياساً على الإمكانيات المتوافرة للحكومة، منتقداً بعض الآليات بقوله: الدعم لا يكون فقط بمبلغ مالي، بل يبدأ من قبل الإنتاج وصولاً إلى خروج البضاعة من باب المعمل، مع ضمان وصولها إلى ميناء التصدير من دون تكاليف إضافية.

وفيما يتعلق بالتمويلية أوضح د. أحمد أن معظم الدول المتطورة والتي ترغب بالتطور، لديها مصارف متخصصة بالصادرات، مهمتها تقديم تسهيلات وخطوط ائتمان للتصدير فقط، مشيراً إلى أن منصة تمويل المستوردات تتأخر غالباً في تلبية حاجة القطاع الخاص الاقتصادي لمستحقاته من العملة الصعبة ما يؤثر في إعادة تدوير العملية الإنتاجية وبالتالي التصدير، في حين تحدث بالأسباب الفنية: «من الضرورة تعاظم الجهود لتكون عبارة (صنع في سورية) ذات مدلول اقتصادي أكثر لجهة المواصفات والأسعار والجودة».

التصدير بين الاستمرارية وتأمين السوق المحلية

التوازن بين الاستدامة لتحقيق الموثوقية وتأمين احتياجات السوق المحلية، أمر في غاية الحساسية، فكيف يُلحظ ضمن الإستراتيجيات والآليات؟

سؤال أجاب عنه معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية بالقول إن السياسة التصديرية تُعنى بمفهوم الإتاحة والاستمرارية مع الزمن إلى جانب تحقيق توازن نسبي بين تأمين احتياجات السوق المحلية ومتطلبات المستهلك وفق أسعار مقبولة مع الحفاظ على استمرار العملية الإنتاجية من دون إلحاق الضرر بالمُنتج وبالمحصلة مؤشرات النمو الاقتصادي على مستوى البلد، ومفهوم إتاحة التصدير مع الزمن، والذي يُعتبر في غاية الأهمية سواء للمستهلك أم للمُنتج، مع التنويه بأن الإتاحة في التصدير تمنح المُنتج حافزاً لزيادة طاقاته الإنتاجية، وعلى العكس فإن عدم استقرار سياسات التصدير عند مفهوم الإتاحة سيجعل المنتجات السورية في أسواق الصادرات غير موجودة نظراً لضبابية الموقف بالنسبة للمُنتج، الذي لا يمكن له اتخاذ قرار في مدى استمرارية عمله في السوق المحلية والأسواق الخارجية، وبالتالي يفقد حافزيته للإنتاج والتوسع به- وفي أحسن الظروف- سيتجه إلى إنتاج السلع ضمن حدود تقل عن طاقته الإنتاجية، وبالتالي سنجد ارتفاعاً في كلف الإنتاج، وفي أسعار المستهلك مع انخفاض في معدلات التشغيل، إلى جانب فقدان السلع السورية في أسواق التصدير وحرمان المُنتج السوري من عوائد عمله، وبالتالي حرمان البلد من عوائد قطع التصدير، مؤكداً أن العبرة في سياسة التصدير هي للإتاحة مع تحقيق توازن بين مصالح الأطراف كافة (مستهلك، مُنتج، الدولة).

«الكوريدور الأخضر»

معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أوضح أن الحكومة تسعى للتخفيف من حدة التحديات والصعوبات التي تواجه عمليات التصدير من خلال العمل الدبلوماسي الدؤوب، وتوسيع دائرة البلدان التي يمكن التعاون معها عبر «نظام الكوريدور الأخضر»، بالإضافة إلى تحديث أسطول النقل السوري المبرد، وتشغيل سفينة شحن «رورو» إلى روسيا والدول الأخرى لاختصار الوقت والتكلفة والحفاظ على البضائع المصدّرة، إلى جانب تعاون الوزارة مع مصرف سورية المركزي للتخفيف من الأعباء المالية التي يتكبدها المصدر في عمليات تحويل الأموال.

وعن دور القطاع الخاص؟ لفت جوهرة إلى أن المرونة والديناميكية التي يتمتع بها القطاع الخاص كان لها الدور البارز في تجاوز العقوبات المفروضة ولاسيما مع وصول الصادرات السورية لأكثر من 100 دولة، وأضاف: بالوقت ذاته لابد من التأكيد على الدور الكبير المنوط بالقطاع رغم مخاطر العمل المتعلقة بالشحن وتحصيل قيم الصادرات في دول قد لا تتوافر فيها قنوات لتحويل الأموال بنتيجة الواقع المذكور، وضمن هذا السياق نجد أن المصدر الرشيد وباعتباره صاحب المصلحة والمسؤولية بإبرام اتفاق البيع مع الجهة المستوردة سيسعى إلى تعزيز صادراته والوصول إلى أسواق جديدة أو حيازة حصة سوقية أكبر في أسواق صادراته القائمة من خلال تعزيز تنافسية منتجاته في أسواق المقصد من خلال تحقيق رغبات مستهلكي تلك الأسواق سواء بالجودة أو السعر أم كليهما معاً، ومن جانب آخر نجد أن دور الدولة يكون بمنزلة المساند والداعم للمُصدر في عمله من خلال برامج التحفيز ودعم الصادرات وتبسيط إجراءات العمل بما يضمن استمراريته.

في المقترحات

إضافة لما ذكره آنفاً، رأى الدكتور د. حمّود أن من الإجراءات المهمة لتنمية الصادرات أيضاً العمل على دراسة الأسواق الخارجية والاستفادة من مرحلة التعافي وتحسن العلاقات مع الدول العربية ضمن هذه المرحلة، والعمل أيضاً على تطوير الأسطولين البري والبحري، لافتاً إلى أنهما يعانيان من الضعف والقدم وبحاجة إلى التجديد من أجل تسهيل عمليات النقل وانسياب السلع من وإلى الدول الأخرى، مؤكداً أن كل هذا سوف ينعكس بشكل إيجابي على تخفيض تكلفة عمليات التصدير.

وتابع الأستاذ الجامعي: من الإجراءات الضرورية أيضاً العمل على إيجاد إستراتيجيات مرتبطة بالقطاعات التصديرية المهمة من خلال اعتماد برامج زمنية محددة لرفع معدلات التصدير وتحسين تنافسيتها واختيار الأسواق المستهدفة.

من جانبه، الباحث الاقتصادي د. أحمد وعبر منبر «الاقتصادية» قدّم مقترحاً بدأه على شكل تساؤل: لماذا لا يقوم رجال الأعمال في سورية بتأسيس مصرف متخصص بتمويل الصادرات؟ شارحاً الفوائد الديناميكية له بالقول: سيكون أربح مصرف على الإطلاق، وسيتم تمويل قطاع التصدير بشكل يسير، توازيه شركة تأمين متخصصة، وبذلك سيتم الاستغناء عن منصة تمويل المستوردات، مؤكداً أنه أجرى «دراسة اكتوارية» خاصة كهذا مصرف.

من جانبه، وبخصوص منصة تمويل المستوردات اعتبر د. حمّود أن الاعتماد عليها أثر سلباً وأدى إلى تراجع كبير في كمية البضائع المعروضة في الأسواق كما أدى إلى تراجع الحصة السوقية للمنتجات، وهذا التراجع ناتج بشكل أساسي عن عدم القدرة على توفير المواد الأولية الداخلة في إنتاج عدد من الصناعات التي تعتمد على تمويل هذه المنصة، موضحاً أنه ضمن هذه المرحلة معظم الصادرات هي صادرات زراعية بالإضافة إلى بعض الصناعات النسيجية، ونتيجة لارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي وفقاً لهذه المنصة أدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وإلى عدم القدرة على المنافسة، فهذه المنصة أثّرت بشكل سلبي على العمليات الإنتاجية وخاصة على عاملي الزمن والتكلفة.

ولتلافي هذه السلبيات ضمن المرحلة القادمة، أكد الأستاذ في الاقتصاد ضرورة إعادة النظر في هذه المنصة وتقييم هذه التجربة من أجل تلافي السلبيات الناتجة عن تطبيقها، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار ترك هامش محدد من أجل تمويل بعض المواد المستوردة خارج المنصة، وبخاصة تلك التي لها علاقة مباشرة بالقطاعات التصديرية المباشرة والمهمة التي من شأنها تخفيض عامل التكلفة والزمن في الإنتاج، موضحاً على سبيل المثال لا الحصر: يمكن اتخاذ قرارات متعلقة بتوسيع قاعدة السلع والمواد التي يسمح بها بقصد التصنيع وإعادة التصدير، بالإضافة إلى السماح باستيراد مستلزمات الإنتاج للسلع ذات الميزة النسبية، وأن تكون عملية الاستيراد هذه مرتبطة وفقاً للاحتياجات الفعلية لعمليات التصنيع وإعادة التصدير.

في الرؤية المستقبلية.. صناعات موجهة للتصدير

معاون وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية قدّم الرؤية المستقبلية لسياسة التصدير بالتأكيد على أنها تستهدف تبنّي التصدير باعتباره مدخلاً تطويرياً للسياسة الصناعية وسياسة التجارة الخارجية من خلال إقامة صناعات موجهة للتصدير، مع السعي لتوسيع قطاعات التصدير بالتركيز على المجالات المحتملة للنمو، وتنويع قاعدة المُصدرين (قطاعياً وجغرافياً) لتشمل المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وفقاً لاحتياجات الأسواق الخارجية، مع تعزيز استدامة نمو الصادرات واستدامة العوامل المؤثرة في تنميتها من خلال التركيز على قضايا الاعتمادية والجودة وتحقيق رغبات وأذواق المستهلكين تبعاً لثقافات الاستهلاك المتعددة في الأسواق الخارجية، إلى جانب توجيه محفزات التصدير وتصميم البرامج وعمليات الترويج والدعم إلى التصدير القائم على المنتجات ذات القيم المضافة المرتفعة، والقطاعات الإنتاجية ذات الأهمية والأسواق المستهدفة.

وعن الآليات التنفيذية لتحقيق هذه الرؤية أوضح جوهرة أن الوزارة تستهدف استقرار البيئة المحفّزة على التصدير من خلال الحد ما أمكن من قرارات منع التصدير لبعض المواد، والاستمرار بتقديم حوافز التصدير بنسب تتواءم مع نوعية وحجم الصادرات، وتعزيز فرص وصول صادرات المنشآت التي تتوافر لديها الجاهزية للتصدير إلى الأسواق الأخرى من خلال تقديم خدمات جديدة لتنمية الصادرات كإطلاق برنامج المصدّر المعتمد، وتصميم برامج تمويلية تربط الإنتاج بالتصدير، بحيث يتم منح تسهيلات ائتمانية خاصة بدعم الإنتاج للمنشآت التي تصدّر 50 بالمئة وأكثر من طاقتها الإنتاجية، والتوسّع بالمعارض التصديرية المقامة محلياً لتشمل قطاعات أخرى- إضافة للقطاع النسيجي- كالغذائية والكيميائية، مع العمل على التوسّع بعدد المواد المدرجة في قائمة الإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير تحفيزاً لعمليات الإنتاج وتخفيضاً للكلف وتحقيقاً لتنافسية السلع السورية في الأسواق الخارجية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى