طرطوس تذكر الحكومة… ولعل الذكرى تنفع المسؤولين
| هيثم يحيى محمد
رغم كل التصريحات والتوجيهات الحكومية عن أهمية وضرورة إقامة مشاريع تنموية في المحافظات بهدف تأمين فرص عمل وإعادة دوران عجلة الإنتاج وتحقيق التنمية المستدامة، مازالت محافظة طرطوس تنتظر إقامة مثل هذه المشاريع وما زال المعنيون فيها يشكون ويكتبون ويطالبون الجهات الحكومية في العاصمة لمعالجة الصعوبات والعقبات التي حالت وتحول دون إقامة المشاريع التنموية والسياحية المنتظرة، مؤكدين أن استمرار تلك العقبات بما فيها البلاغ رقم 4، الخاص باستخدامات الأراضي ومنح التراخيص لإقامة منشآت استثمارية (صناعية– سياحية)، يعني استمرار الواقع على ما هو عليه لجهة عدم إقامة أي مشروع تنموي أو سياحي على امتداد ساحة المحافظة من الجهات العامة أو الخاصة!
وسبق أن تم طرح العقبات المركزية على مدى السنوات الماضية أمام الوفود الحكومية التي زارت المحافظة، كما سبق ونشرتها بعض وسائل الإعلام، لكن رغم ذلك مازالت من دون معالجة لتاريخه، ويخشى أنها ستبقى كذلك بسبب إصرار الوزارات ذات العلاقة على موقفها، ومن ثم عدم موافقتها على تعديل التعليمات المركزية وعلى البلاغ رقم 4 لعام 2017 المعدل للبلاغ 9 لعام 2014 وما قبله!
في مادة اليوم نذكّر الحكومة بمذكرة أعدتها محافظة طرطوس في شهر تشرين الأول من عام 2018 بناء على كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم 13809/1 تاريخ 9/10/2018 بخصوص متابعة المواضيع المطروحة أثناء زيارة الوفد الحكومي إلى محافظة طرطوس والتكليف بإعداد ورقة عمل تتضمن متطلبات محافظة طرطوس من المشاريع التنموية والسياحية ، مع ذكر الصعوبات ، وتقديم المقترحات والآليات التنفيذية لذلك ، وتحديد سلبيات وإيجابيات تطبيق البلاغ رقم (4) وسبب التذكير هو عدم معالجة ما ورد في مذكرة المحافظة حتى الآن، والاكتفاء بردود روتينية لا تغني ولا تسمن من جوع، وبالتالي عدم إقامة المشاريع التنموية الواردة فيها.
طلبات المحافظة
يقول محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى في كتابه الموجّه إلى رئيس مجلس الوزراء ع/ط وزير الإدارة المحلية والبيئة: بناء على الاجتماعات المنعقدة للجنة البلاغ رقم /4/ برئاسة الأمين العام للمحافظة وبحضور المعنيين تم استعراض حاجة محافظة طرطوس من المشاريع التنموية والسياحية والصعوبات والعقبات التي تعترض ترخيصها وصعوبات تطبيق البلاغ في محافظة طرطوس نظراً لطبيعة المحافظة الجغرافية والزراعية والسياحية، حيث تم التوصل إلى أن متطلبات المحافظة من المشاريع التنموية والسياحية اعتماداً على طبيعة طرطوس الجغرافية هي المنشآت الصناعية التي تعتمد على المنتجات الزراعية (معامل العصائر الطبيعية _ معامل الكونسروة– معامل أغذية الأطفال- استخراج زيت العرجون– معامل تجفيف الفواكه – معامل الأجبان والألبان– الفرز والتوضيب– معامل تكسير وجرش وغربلة الحبوب –وحدات تبريد – معامل الأعلاف)، ومشاريع طحن وجرش الحبوب وتقشير وتبييض الأرز وتعبئة المساحيق الغذائية ومستودعات لتخزين الحبوب، ومشاريع تصنيع الأدوية البيطرية والزراعية ومبيدات الحشرات والقوارض والفطريات ومبيدات الأعشاب ومضادات الإنبات ومنظمات نمو النبات، ومشاريع تصنيع الأدوية البشرية السرطانية، ومعامل أغذية الأطفال، ومشاريع سياحية، وخصوصاً المشاريع التي تعتمد على السياحة البيئية (البرية – البحرية)، والمشاريع الزراعية (الزراعات العضوية والمزارع البيئية) التي تضمن الحصول على منتجات سليمة بيئياً وصحياً، ومشاريع تربية الكائنات الحية البرية والبحرية وإكثارها (الحيوانات البرية – الطيور البرية– الحلزون– دودة القز الإسفنجيات– الإشنيات– القريدس– الأسماك)، ومشاريع إنتاج الطاقة البديلة النظيفة والطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية – الطاقة الريحية – الطاقة البحرية –الطاقة الناتجة من معالجة النفايات والصرف الصحي)، ومشاريع معالجة النفايات (صلبة- طبية) والصرف الصحي وإعادة تدويرها.
أما المشاريع السياحية، فإن المحافظة تحتاج إلى مشاريع سياحية تعتمد على السياحة البيئية والبحرية وتستثمر هذه المشاريع من الوحدات الإدارية (كالغابات الحراجية- جبل النبي متى– مغارة جوعيت– مغارة سبه- شاطىء شعبي على كورنيش طرطوس وبانياس) وهذه المشاريع تتطلب وضع شروط ناظمة من الجهات المعنية (وزارة الإدارة المحلية والبيئة– وزارة الزراعة– وزارة السياحة– وزارة الموارد المائية– وزارة النقل).
وعن الصعوبات أمام إقامة مثل هذه الصناعات والمنشآت، فهناك شروط ناظمة للبعض منها، إضافة إلى الاشتراطات الواردة في البلاغات الناظمة للتراخيص للبعض منها وخاصة حالياً البلاغ رقم 4/15/ب لعام 2017 لجهة تصنيف التربة حيث معظم أراضي المحافظة ضمن الصفوف الأولى للتربة التي لا يسمح بالترخيص عليها إلا لمنشآت الإنتاج الحيواني، ووقوع البعض منها ضمن أراض مروية من شبكات الري الحكومية التي لا يجيز البلاغ /4/ الترخيص عليها، وعدم وجود شروط ناظمة للبعض الآخر منها.
المقترحات
استثناء المنشآت للمشاريع التنموية والسياحية من أحكام البلاغ رقم 4/15/ب لعام 2017 لجهة تصنيف التربة بعد التأكد من حاجة المنطقة لمثل هذه المنشآت من لجنة البلاغ رقم /4/، وإصدار صك تشريعي يجيز إقامة بعض هذه المشاريع في المناطق المروية والتي تقتضي الحاجة لها وتقرر هذه الحاجة من لجنة البلاغ رقم /4/، ووضع شروط ناظمة للمنشآت الصناعية التي لا يوجد لها شروط ناظمة من مجلس المحافظة وبما ينسجم مع قانون الإدارة المحلية ولاسيما المادة 32 منه، واستثناء هذه المنشآت من البعد عن الحراج بعد وضع شروط وضوابط تحافظ على الحراج.
أما فيما يتعلق بالإيجابيات والسلبيات للبلاغ رقم /4/ والمقترحات فبين الكتاب أن من إيجابياته أن البلاغ رقم 4/15/ب لعام 2017 وضع شروطاً وضوابط لجميع المنشآت والصناعات وكانت متشددة لجهة التوسع على حساب الأراضي الزراعية والمروية، ووضع البلاغ شروطاً وضوابط للمنشآت الخدمية والسياحية نعتبرها جيدة ومناسبة.
أما السلبيات، فتتجلى بأن البلاغ /4/ لم يراع خصوصية محافظة طرطوس بما يتعلق بالمنشآت الصناعية وخاصة التي تعتمد على المنتجات الزراعية الواردة في البند ثانياً من البلاغ لجهة التقيد بالمسافات التي تفرضها القوانين والأنظمة والقرارات النافذة لدى الوزارات والجهات المعنية كالقرار رقم 104/ن لعام 2012، وكذلك تصنيف التربة والري لجهة الترخيص الجديد أو التسوية حيث يتعذر تسوية أي منشأة واقعة ضمن شبكات الري الحكومية مع أنها قائمة ومستثمرة وموقعها أصبح خارج الاستثمار الزراعي، كما لم توضح آلية تسوية المنشآت القائمة لجهة استثنائها من جميع الشروط الواردة في أحكام البلاغ والاكتفاء بشروط السلامة الفنية والبيئية، كما لم توضح آلية تسوية المنشآت القائمة ضمن مناطق الحماية والتي أصبحت حماية بعد توسع المخطط التنظيمي.
مقترحاً تسوية جميع المنشآت القائمة من دون التقيد بالشروط الواردة بالنسبة للترخيص الجديد (وخاصة المنشآت الواردة في البند ثانياً من البلاغ) شريطة تحقيق السلامة الفنية والبيئية والإنشائية وموافقة لجنة البلاغ، وتسوية المنشآت القائمة والمستثمرة والواقعة ضمن الأراضي المروية من شبكات الري الحكومية قبل تاريخ صدور البلاغ بعد جردها وتحديد مواقعها ومساحتها مقابل فرض الرسوم والغرامات المستحقة من مديرية الموارد المائية لكون الأراضي المشغولة بهذه المنشآت أصبحت خارجة عن الاستثمار الزراعي، والسماح لجميع المنشآت المرخصة والحاصلة على الترخيص الإداري بتكبير حجمها أو استبدال آلياتها بزيادة الاستطاعة وإعفائها من الحصول على الترخيص الجديد شريطة حصولها على السلامة البيئية والفنية إضافة إلى وضع ضوابط للبعد عن الحراج من خلال فرض بعض الشروط الفنية على طالب الترخيص تحافظ على الحراج كبناء سور حول المنشأة بارتفاع مترين فما فوق أو زراعة أشجار التوت نظراً لصعوبة تحقيق البعد المطلوب عن الحراج بموجب كتاب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 156/ت لعام 2018، وتسوية المنشآت القائمة ضمن منطقة الحماية نتيجة توسع المخططات التنظيمية والتي لم تكن واقعة في منطقة الحماية أثناء إقامتها، وإعادة النظر بتصنيف الحرف والصناعات (بلوك – منشرة خشب– منشرة ألمنيوم – حدادة) حيث يقتصر تصنيف صناعات الصنفين الأول والثاني على الصناعات ذات الاستطاعات العالية (خمسة أحصنة وما فوق) وتعتبر بقية الحرف والصناعات من الصنف الثالث.
أخيراً
في الختام نشير إلى أن محافظة طرطوس قادرة بما تمتلكه من مقومات كثيرة أن تنجح في تحقيق التنمية المستدامة لأبنائها وأن تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني فيما لو أتيح لها إقامة المشاريع المقترحة أعلاه، لكن على ما يبدو ستبقى هذه المشاريع حبراً على ورق عاماً بعد آخر طالما بقيت الصعوبات والعقبات المركزية قائمة وطالما بقي الروتين القاتل موجوداً والمتابعة التقليدية سيدة الموقف!