شؤون محلية

سهل عكار الفسيح يستصرخ تطويره منذ 15 عاماً من دون جدوى!

شركة بلغارية توصلت إلى أن السهل خزان غذائي إستراتيجي

| هيثم يحيى محمد

تبلغ مساحة سهل عكار أكثر من 26 ألف هكتار، منها نحو 20 ألفاً ضمن أراضي طرطوس، والباقي ضمن أراضي حمص.. وتخترقه خمسة أنهار (الكبير الجنوبي- الأبرش- العروس- خليفة- أبو الورد) ومياهه الجوفية غزيرة جداً، ويسكن فيه أكثر من مئة ألف نسمة في 89 قرية، 55 منها في طرطوس والباقي في حمص ..إلخ

رغم ما تقدم ورغم إنشاء سدين كبيرين لإرواء أراضي السهل (سد الباسل– سد تل حوش) إضافة إلى سد صغير هو سد خليفة منذ سنوات عديدة، مازال استثماره في أسوأ حالاته، سواء من حيث طريقة الاستثمار، أم من حيث المساحة المستثمرة من أصل المساحة الكلية، أم من حيث الزراعات المناسبة لتربته، ومن حيث الصناعات الزراعية التي يفترض إقامتها فيه، والثروة الحيوانية التي يمكن تربيتها فيه إلى جانب الزراعات العلفية المناسبة…إلخ.

ومن خلال المتابعة يمكننا القول: إن الحكومات المتعاقبة لم تقم بأي خطوات عملية جادة لتنفيذ أي من الدراسات التي جرت لتطوير هذا السهل، سواء منها الدراسة التي أجرتها إحدى المنظمات الدولية منذ نحو أربعة عشر عاماً، أم الدراسة التي أعدها فريق متخصص شكله وزير الزراعة بداية نيسان 2004 وضم 17 مهندساً زراعياً وغير زراعي من المختصين، وكانت مهمة الفريق دراسة واقع السهل الراهن واقتراح الزراعات والمشاريع التي يمكن أن تقام فيه بهدف تنميته زراعياً، وقد تم إعداد هذه الدراسة متضمنة الاقتراحات المناسبة، لكنها مازالت بمعظمها حبيسة الأدراج، ومن ثم مازال واقع السهل كما هو !!
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم وغيره: لماذا التقصير تجاه هذا السهل؟ وهل من خطوات حكومية جديدة مع بداية مرحلة زيادة الإنتاج ومرحلة إعادة الإعمار؟ هذا السؤال توجهنا به لكل من مديرية الموارد المائية ومديرية زراعة طرطوس، فماذا كانت وجهة نظر كل منهما؟

يقول مدير الموارد المائية عيسى حمدان وطاقم المديرية الفني في إجابتهم الخطية لـ«الاقتصادية»: تبلغ مساحة سهل عكار حوالي 18640 هكتاراً ضمن محافظة طرطوس، وكانت هذه المساحة قبل تنفيذ مشاريع الري فيها تمتلك مواصفات وتصانيف الترب كافة (منها القابلة للزراعة ومنها الغدقة ومنها الصخرية…..)، إلا أنها في المجمل لم تكن تمتلك مقومات الأراضي الزراعية المروية والمستثمرة زراعياً بالشكل الأمثل، حيث عانت مساحات كبيرة من السهل من وجود رامات دائمة وتجمعات للمياه الآسنة وعدم إمكانية الدخول إلى بعضها قبل شهر أيار أو حزيران سنوياً ومن الجفاف وعدم إمكانية الاستثمار لعدم وجود مياه فيها للبعض الآخر باستثناء بعض الآبار القليلة.

وأضافوا: تمت دراسة التطوير الشامل لسهلي عكار والبقيعة من الشركة البلغارية أغرو كومبلكت على أساس أنها خزان غذائي إستراتيجي عموماً، حيث تضمنت الدراسة تنفيذ بعض السدود مع شبكاتها (للري والصرف) وهي سد الباسل (الأبرش سابقاً) وتل حوش والمزينة إضافة إلى سد خليفة وإلى مشروع الري بالآبار الجوفية لإرواء كل المساحات الممكنة والقابلة للإرواء في هذا السهل، وتم تنفيذ تفاصيل الدراسة كافة، حيث بلغت مساحة الأراضي المشمولة بالري حوالي 17519 هكتاراً، منها مساحات مروية فعلية 14466 هكتاراً بعد استبعاد الشغولات، كما بلغت أطوال شبكات الري المنفذة 755 كم، وأطوال شبكات الصرف المنفذة 902 كم، حيث يغطي الصرف المكشوف كامل مساحة سهل عكار منها صرف مغطى لمساحة 1087 هكتاراً، حيث لوحظت فعالية هذه المصارف وقيامها بالعمل المطلوب منها، وذلك بالمقارنة مع الوضع التصريفي لسهل عكار قبل وبعد إنجاز أعمال الصرف.

ومن خلال الدراسة المعدّة في وزارة الزراعة في عام 2004 وفق ما ورد في تساؤلكم، قامت المديرية بتنفيذ جميع المقترحات الواردة في تقرير الدراسة المذكورة والمتعلقة بأعمالنا وهي الاستمرار بتعزيل أماكن الاختناقات في الأنهار وشبكات الصرف الحكومية والسواقي القديمة سنوياً وفق خطط المديرية والإمكانات المتاحة، والسماح بالترخيص للأراضي الواقعة في سهل عكار لحفر الآبار ضمن شبكات الري الحكومية كآبار تصريفية، وتنفيذ مجموعة مشاريع صرف مطمور للأراضي التي تظهر عليها معالم الغدق وفق التحاليل المخبرية اللازمة، حيث بلغت مساحة العقارات المصرفة حوالي 550 هكتاراً من خلال عقود سنوية، وهناك إضبارة جاهزة للتنفيذ، تم إدراجها في خطة المديرية للعام القادم بمساحة حوالي 100 هكتار وبتكلفة حوالي 250 مليون ليرة سورية، وتم إنجاز وتنفيذ مجموعة كبيرة من الأقنية الإضافية على الشبكات المكشوفة لإيصال المياه إلى العقارات البعيدة عن الشبكة، وكذلك تركيب عدد كبير من السكورة الإضافية .

وختموا بالقول: في إطار الرؤية الإستراتيجية للوضع المائي في المحافظة وللحفاظ على المخازين المائية قدر المستطاع وتوجيهها ورفع كفاءة شبكات الري المكشوفة قامت المديرية من خلال مجموعة من فنييها بأعمال دراسة تحويل شبكات الري المكشوفة إلى مطمورة ذات ضاغط يصلح لاستخدام بعض تقنيات الري الحديث، وبمساحة تبلغ حوالي /10000/ هكتار، وهي كامل المساحة المروية من الشبكات المكشوفة في سهل عكار وتشمل شبكات الباسل والآبار الجوفية، وتمّ تدقيق الدراسة من الشركة العامة للدراسات المائية.

والزراعة ترد

أما مدير زراعة طرطوس علي يونس فقد بيّن في ردّه على أسئلة «الاقتصادية» أن أهمية سهل عكار تأتي من موقعه المميز، وسمي سهل عكار نسبة إلى خليج عكار في لبنان، ويشمل الأراضي التي تقع شمال الخليج والممتدة بين لبنان وسورية وضمن محافظتي طرطوس وحمص.

وتم تحديد قرى سهل عكار وتسميتها من المحافظة بكتابها رقم /2820/10/11 عام 2018 وبلغ عند قرى سهل عكار /40/ قرية منها /5/ في منطقة صافيتا و/35/ منطقة طرطوس والمساحة الإجمالية للجزء الواقع في محافظة طرطوس تبلغ /20631/ هكتاراً .

وأشار إلى أن كامل المساحة قابلة للزراعة والسهل ضمن المحافظة مستثمر زراعياً، وتوجد زراعات تكثيفية تنخفض مساحتها في سنوات الجفاف (قلة الأمطار) وتزداد في سنوات وفرة الأمطار، وعدد الوحدات الإرشادية في سهل عكار /13/ وحدة تغطي كامل القرى على العمليات الزراعية الفنية كافة، كذلك توجد محطات بحثية تبعيتها المباشرة لمركز البحوث الزراعية وتقوم بتنفيذ البحوث على بعض المحاصيل لزراعتها.

ويضيف يونس: وفي عام 2004 صدر القرار رقم /530/ تاريخ /7/ 4/ 2004 / المعدل بالقرار رقم /3367/ ولتاريخ /9/12/2004/ لإعداد دراسة حول الواقع الراهن لسهل عكار في محافظتي طرطوس وحمص وإمكانية استثماره زراعياً بالشكل الأمثل، وتم إنجاز الدراسة، وقد تضمنت جميع المقترحات والتوصيات والحلول المناسبة من أجل تطوير هذا السهل، وحالياً يتم إعداد دراسة من الجهات المعنية لاستثمار سهل عكار بالشكل الأمثل، وتم الانتهاء من جمع البيانات الزراعية من مديرية الزراعة الخاصة بقرى سهل عكار ضمن محافظة طرطوس، وتمت موافاة مديرية التخطيط الإقليمي ودعم القرار بالبيانات المطلوبة.

لنا كلمة

مما تقدم، يتبين أن الدراسة الأساسية لتطوير السهل لم تجد طريقها للتنفيذ، كما أن الدراسة التي أعدتها اللجنة التي شكلتها وزارة الزراعة 2004 لم تنفذ هي الأخرى، بدليل البدء بدراسة جديدة الآن لاستثمار السهل بالشكل الأمثل، وكل ما نطالب به هو تطوير واقع هذا السهل، لأن تطويره من شأنه توفير كميات كبيرة جداً من الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وأيضاً من الإنتاج الصناعي المتوافق مع هذا الإنتاج ومع بيئة المحافظة ومتطلبات تأمين فرص عمل فيها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى