رجل النسيج.. محمد السواح يتحدث لـ«الاقتصادية»: نصدر إلى أكثر من 100 دولة ومعظم صادراتنا غذاء ونسيج
الأسعار الرسمية من الصادرات لا تساوي 10 بالمئة من الأرقام الحقيقية
وفاء جديد
تصدر سورية منتجاتنا اليوم إلى أكثر من 100 دولة حول العالم، وتتربع الصادرات الغذائية على عرش قائمة التصدير، حيث وصلت نسبتها إلى 40 بالمئة من حجم الصادرات السورية، ويمكن القول إن قوام المواد هو الذي يكسبها الميزة التنافسية.
وعلى الرغم من كل الظروف والمعوقات التي اعترضت قطاع الصادرات إلا أنه ظل واقفاً على قدميه.
لتبقى سورية صامدة كل تلك السنوات وغيره كان محور الحديث مع رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح وهو رجل أعمال دمشقي من عائلة تعمل بالنسيج، همها الأول الرقي بمنتجاتها للوصول إلى كل دول العالم، وهو أول من أسس رابطة المصدرين للألبسة والنسيج عام ٢٠٠٨ وهو من أوائل المصدرين في سورية للقطاع النسيجي، له شركات في إيطاليا ودول الخليج.
تم تعيينه كرئيس اتحاد المصدرين عام ٢٠١٤ وما زال حتى الوقت الحاضر، محمد السواح «رجل النسيج» كما يطلق على نفسه، وشيخ كار النسيج كما يصفونه.
واقع التصدير، ومتطلبات دعمه، وواقع العملية الاستثمارية كانت أبرز النقاط في الحوار الذي أجرته «الاقتصادية» مع السواح، وفيما يلي نص الحوار كاملاً.
بداية، حبذا لو تحدثنا عن واقع التصدير في سورية اليوم؟
اليوم في ٢٠١٩، تحسن واقع التصدير بشكل ملحوظ خاصة بعد فتح معبر نصيب، ونصدر اليوم لأكثر من ١٠٠ دولة حول العالم، وظروف الحرب أنتجت حاجة أساسية للقطع الأجنبي وأمام ضرورة تأمين هذه الاحتياج لا بديل آخر عن التصدير الذي يعتبر المصدر الأساسي، ما يجعل انتهاج السياسية التصديرية أولوية توجب على الفعاليات الإنتاجية كافة انتهاجها للوصول إلى صناعات ومنتجات تصديرية منافسة وذات مردودية عالية.
ويأتي على رأس قائمة الصادرات السورية الصادرات الغذائية (الكونسروة) والمواد الزراعية الجافة مثل الحمص، واليانسون وزيت الزيتون، ويمكن القول إن القطاع النسيجي قطاع رائد في التصدير له سوق واسعة ورغبة في الأسواق الخارجية بسبب الجودة العالية للمنتجات السورية النسيجية.
ما نسبة مساهمة كل صناعة من الصناعات المحلية في قطاع الصادرات؟
تساهم الصناعات الغذائية في قطاع التصدير بنسبة تقرب من ٤٠ بالمئة، على حين تساهم الصناعات النسيجية بما يقرب من ٣٠ بالمئة، أما النسبة المتبقية فموزعة على بقية الصناعات.
ما أكثر الدول التي يتم التصدير إليها؟ وما أكثر الصادرات التي تحظى باهتمام الأسواق الخارجية؟
إن أكثر الدول المصدر إليها هي دول الخليج والعراق ودول الجوار كالأردن ولبنان، وتتمثل الصادرات التي تلقى اهتماماً ورواجاً في الأسواق الخارجية بالكونسروة وزيت الزيتون والأقطان السورية.
هل بإمكانك أن توضح لنا ما الذي يجعل هذه الصناعات مرغوباً فيها أكثر من غيرها؟
يمكن القول إن قوام المادة في سورية والخامات أفضل من غيره، ما يكسبها قيمة تنافسية قوية، إذ إن زيت الزيتون يعتبر من أفضل أنواع زيت الزيتون في العالم، وكذلك هو الأمر بالنسبة للفاكهة، وإلى ذلك تعتبر سورية رائدة في صناعة الحلويات.
ماذا عن دعم التصدير؟ ماذا يمكننا أن نضع في إطار المطالب من الحكومة في هذا الصدد؟
في الحقيقة كما يعلم الجميع أن هناك حصاراً، الحكومة تقدم كل ما في وسعها تقديمه لكن هناك حصاراً عالمياً، وهناك معوقات ومشكلات متعلقة بالطاقة والمعابر المغلقة، والطيران والنقل الجوي، وصعوبة قدوم البواخر، لذا فإن المشكلة خارجة عن إرادة الحكومة.
وإن دعم التصدير يلزمه في الدرجة الأولى دعم الشحن لأن هناك معوقات أمام ذلك، وتوجد إمكانيات لتقديم هذا الدعم، حيث قدمت الحكومة خلال معرض دمشق الدولي دعماً مجانياً لمن يبرم العقود وهذا يمكن أن يستمر.
ما مقومات نجاح عملية التوسع باتجاه الأسواق الخارجية؟ وكيف يمكن تجاوز اختلاف ثقافات المستهلكين؟
لا يمكن لأي منتج أن يحل محل المنتج السوري، كما هو الحال للبن البرازيلي الذي لا يحل محله نوع آخر، فزيت الزيتون والقطن السوري والكزبرة والمشمش والكرز وقمر الدين منتجات لا يمكن أن يعوض مكانها منتجات أخرى، فضلاً عن امتلاكنا لأيد ماهرة بصناعة الحلويات وصناعة الأغباني والموبيليا وغيرها، وهي صناعات مرغوبة نتفرد بها في مختلف دول العالم ويمكننا تجاوز اختلاف ثقافات المتلقي بأن يكون هناك أصناف متنوعة للمنتجات.
بعد اجتماعكم مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، هل توصلتم إلى حل لمعالجة الفارق بين أسعار التصدير التي يعلن عنها رسمياً والحقيقية المنفذة فعلياً، علماً بأن الحقيقية أكبر بكثير من المعلن عنها؟
بالطبع أن الأسعار المعلن عنها رسمياً منخفضة تصل إلى ١/٨_ ١/١٠، والسبب الحقيقي وراء الفارق بين القيم الرسمية والأرقام الحقيقية للصادرات هو ظروف الأزمة وعدم إمكانية تحويل قيم الصادرات إلى سورية واضطرار التجار إلى تخفيض الأسعار الاسترشادية للحصول على تخفيضات جمركية في بلغ المقصد، وهذا الموضوع يتابعه الاتحاد باستمرار مع الجهات الوصائية للوقوف على الأرقام الحقيقية.
هل يمكن أن تطلعنا على واقع الاستثمار في البلد؟
الاستثمار قادم، وكلما هدأت الأجواء واستقرت الأمور كان هناك استثمار أكبر، لكن بداية علينا الخروج من عنق الزجاجة.
ويجب الاهتمام بالمعارض لكونها من أهم النوافذ المعتمدة في العالم للترويج لمنتجات البلد واقتصاده وانعكاساً واضحاً لمعافاته ومحولات جادة وحقيقية لإظهار إمكانية المنتجات بالشكل اللائق والمناسب، كما يعتبر نافذة ترويجية تسهم في فتح المجال أمام المصدرين إلى أسواق داخلية وخارجية جديدة ناهيك عن الدور المهم الذي تلعبه هذه المعارض في تعريف المستهلكين بالمنتج السوري الذي بات يحتل مكانة مرموقة في الأسواق الخارجية.
ما توقعاتكم للمرحلة المقبلة؟
من المؤكد أنه سيكون هناك استثمار، فالبلد ستكون الأكثر جاذبية للاستثمار مع مرحلة إعادة الإعمار الكبرى، وسيكون هناك استثمارات كبرى لكن الأمر يلزمه الصبر وطولة البال.
ونسعى بقوة إلى إعادة قاطرة الصادرات السورية إلى زهوها السابق بالتزامن مع استعادة الجيش العربي السوري لأراضي الوطن وبسط الأمان على الأراضي السورية وذلك من خلال إعادة تفعيل الأسطول البري الذي يعتبر نافذة الصادرات الأولى، واستكمال فتح مراكز الصادرات في عدة دول، والاستمرار في العمل على فتح مراكز الصادرات في عدة دول، والاستمرار في العمل على فتح أسواق جديدة واستعادة الأسواق التقليدية، إضافة إلى السعي إلى إيجاد حلول لمعوقات المواد القابلة للتصدير، وإيجاد حلول لتصدير المنتج الزراعي إلى جانب الاستمرار في حل مشكلات المصدرين التي تواجههم في كل المجالات.
ما أبرز المعوقات والصعوبات التي واجهتكم خلال الأزمة؟
تمثلت أبرز المعوقات في الحصار المفروض على سورية، وتوقف الحركة من السفر للخارج والداخل، ومعظم الدول لم تمنحنا «الفيزا»، كما انقطع التواصل مع رجال الأعمال، ما اضطرنا إلى إقامة المعارض في بيروت ليكون هناك لقاء بيننا وبين الزبائن ورجال الأعمال والمستوردين.
هذا الواقع كان صعباً جداً علينا ومكلفاً كثيراً، استمررنا سنتين إلى أن أعدنا الثقة إلى الزبائن.
وهناك مشكلات تتعلق بقلة العمالة ومشكلات الطاقة، لكننا كنا بمنزلة جيش يحارب، المصدرون كانوا أحد أهم المقاتلين إلى جانب الجيش، يصدرون كي تبقى البلد على قيد الحياة.
ما النصائح التي تودّ تقديمها للمستثمرين الجدد؟
يمكن اختصار النصائح بتشجيعهم على القدوم إلى البلد والاستثمار فيها، وخاصة في القطاع الخاص، إذ توجد لدينا مجالات وفرص كبيرة جداً، ولكون البلد كلها ستخضع لعملية الإعمار.
هل يمكن أن نطمئن المستثمرين بوجود بيئة مناسبة للاستثمار فعلاً؟
سوف يصدر خلال شهر أو شهرين قانون الاستثمار الجديد وسيكون عصرياً جداً، وإن كل القرارات والقوانين التي تصدر ويتم الاعتراض عليها من البعض تصاغ وفق أنظمة عالمية.
كيف بدأت حياتك بالاستثمار؟
أمارس مهنة عائلتنا، هذا عملنا بالأساس، ولدت في عائلة لديها مصنع نسيج وهذا سبب اختياري لهذا القطاع بالذات، ومنذ عام ١٩٨٦ أصدر لكل دول العالم، وبالطبع منذ ذلك الوقت وحتى الآن تطور قطاع الصناعة النسيجية كثيراً وفق التطورات العالمية.
كيف يتعامل السواح مع الصفقات التي تفشل والخيبات في مجال العمل؟ وما منظوره تجاهها؟
الخيبات تعلم الدروس، ودائماً ما يكون هناك خيبات ونكسات ونجاح في الوقت ذاته، يمكن أن نتعلم من النكسات واستغلالها في تطوير العمل وتجاوز الوقوع بها مرة أخرى، وأقول إنه لا عمل من دون معاناة.
هل مر القطاع النسيجي بفترات خسارة أم كان دائماً رابحاً؟ وما تقييمك لواقع لقطاع الصناعة النسيجية خلال الفترة الراهنة؟
مرّ القطاع النسيجي بفترة كارثية، فمعظم القطاع النسيجي في حلب وريف دمشق انتهى، لكن بالطبع نحن لم نتوقف، واستمررنا بالعمل إلى أن عاد إلى الوقوف على قدميه مجدداً، وفي ٢٠١٧ عاد التعافي إلى القطاع كله، واليوم عادت إليه الحياة بنسبة ٤٠ بالمئة عما كانت عليه قبل الأزمة، والمرحلة القادمة ستكون أفضل للقطاعات كافة وليس فقط للنسيجي منها.