سؤال باتت الإجابة عنه ضرورية جداً، فالحوارات التي تجري حالياً بخصوص القوانين وحتى السياسات، يطرح فيها بعض أفكار يعتقد أصحابها أن التوجه العام هو نحو الانتقال إلى اقتصاد حر، هناك خطأ في المفهوم. حيث أن المطلوب هو الانتقال إلى اقتصاد سوق اجتماعي، فليس هناك اقتصاد حر بالمعنى الحرفي للكلمة.
إنما هناك اقتصاد يسمح بالحرية الاقتصادية لمختلف الشرائح الاقتصادية ولكن ضمن شروط وضوابط تحددها الحكومة وممثلو المهن والتجمعات الاجتماعية والسياسية. فعندما نستخدم تعبير اقتصاد السوق فهذا يعني اقتصاداً موجهاً يكفل الحرية الاقتصادية بشرط الالتزام بالنظام والقواعد العامة.
وهذا لا يعني بأي شكل عدم تدخل الحكومة في الاقتصاد، وخير دليل على ذلك ألمانيا التي تعتبر رائدة في اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي على مستوى العالم، فالحكومة الألمانية تتدخل في دعم المنتجات الزراعية وفي سياسات وضوابط التأمين الصحي والاجتماعي. وأيضاً تدخلت مؤخراً للسيطرة على المؤسسات المالية بهدف تقليص آثار الأزمة المالية التي يعانيها الاقتصاد الألماني وهي التضخم. كما أنها تتدخل بموضوع التسعير من خلال وضع ضوابط لتسعير المادة بحد أدنى وحد أعلى وتترك للجودة السعر ضمن عتبات الحد الأدنى والأعلى. وكل ذلك يخضع لسياسات تخلق تنسيقاً عالي المستوى بين المؤسسات الحكومية التي تعتمد على سياسات قطاعيه تشمل كل مناحي اقتصاد السوق إن كان على مستوى الإنتاج أو الخدمات، وبين المؤسسات المجتمعية الاقتصادية والاجتماعية.
اعتماد التنسيق بين المؤسسات يعتبر نواة الخلية الحيوية لاقتصاد السوق. فالعمل على تجسيد هذا التنسيق هو الذي يحقق انتقالاً اقتصادياً يخفف من وطأة التضحية التي ستتحملها الدولة والمجتمع من خلال هذه العملية الانتقالية، وهنا الضرورة هي أولوية بالسياسات وتحديداً السياسات القطاعية، لضمان التنسيق بينها للوصول إلى هدف الانتقال لاقتصاد السوق وتلمس المجتمع لأثاره الإيجابية في المدى المتوسط والطويل.
هنا لا بد أن نوضح أن عملية الانتقال لا تخلو من آثار سلبيه تتطلب التضحية من الجميع للخروج من اقتصاد مخطط بني على سياسات ترقيعية، فهناك آثار سلبية نتيجة هذا التحول على رأسها الهدر والفساد وانخفاض في سعر الصرف وحجم التصدير وازدياد الفقر وسوء توزيع الثروة الذي يخلق خللاً في الشرائح الاجتماعية المختلفة، إضافة لتراجع الاستهلاك وارتفاع نسبة الكوادر العاملة غير المؤهلة في المؤسسات العامة. كل ما قمنا بذكره نعيشه على أرض الواقع. فنحن أمام خيارين إما المراوحة بالمكان واستمرار المعاناة الاقتصادية والاجتماعية وإما تحمل التضحية التي لا هروب منها لنحصد الآثار الإيجابية لهذا التحول وأهمها:
١- ظهور السعر الحقيقي من خلال تفاعل آليات العرض والطلب.
٢- دخول تكنولوجيا وآليات إنتاج جديدة.
٣- ازدياد معدل الإنتاجية لدى القطاع الخاص بسبب ازدياد حدة المنافسة.
٤- دخول رأس المال الأجنبي وارتفاع معدلات الاستثمارات.
٥- التشجيع على الابتكار والإبداع والتطوير في العملية الإنتاجية، وتحفيز روح المبادرة والمغامرة في البدء بمشروعات جديدة.
٦- نشوء أدوات جديدة للاستثمار مثل أسواق المال وتطوير أسواق الأوراق المالية.
٧- الاعتماد على النفس ورفض الاتكالية وتطوير ورفع الكفاءات لدى الأفراد ومختلف الشرائح الاجتماعية.
٨- تحقيق وفورات في الموازنة العامة واستعمالها في مشاريع البنية التحتية للاقتصاد، ورفع التصنيف الائتماني للدولة.
حزمة هذه النتائج تتحقق حال الانتقال إلى اقتصاد السوق، ونجاح الانتقال مرتبط بنمطية تفكير الفريق الموكلة إليه مهمة رسم السياسات وعلى رأسها السياسات القطاعية التي ترفع درجة التنسيق بين المؤسسات والذي ينتج عنه خلق ضوابط لكل قطاع إنتاجي أو خدمي ومن شأن هذه الضوابط أن تنتج نمواً اقتصادياً متوازناً ومستداماً.
بناء على ما تقدم اعتقد أن الأولوية يجب أن تكون للسياسات التي تخلق البنية التحتية لاقتصاد السوق. ووضعها بشكل محكم يتواءم مع متطلبات اقتصاد السوق. فالسياسات المطلوبة وبالذات القطاعية هي التي تشير وتسهل عملية الوصول إلى مواد في القوانين تعتبر معوقة لعملية التحول لاقتصاد السوق. فيتم تعديلها بما يتناغم مع السياسات المعتمدة لعملية الانتقال. فالأدوات التي تشتق منها الضوابط لا يمكن اعتمادها قبل خلق النظام الذي يحتاج لهذه الضوابط، فتاريخ العمل التجاري الذي بدأ بالشحن البحري وضعت له قوانين بعد ممارسته بفترة زمنية تم خلالها اكتشاف الافتقار إلى ضوابط تحكم هذا العمل. وما وقع على القطاع التجاري وقع على القطاعات كافة.
لهذا اعتقد أن البدء برسم السياسات هو الأولوية التي تقود لتصحيح أو إلغاء القوانين وليس العكس. فالضوابط منطقياً تعتمد للجم أي شذوذ عن القواعد، وبالتالي فعملية السهر على صوابية عمل هذه الضوابط تقع على عاتق الحكومة. ولهذا فلا وجود لاقتصاد حر من دون تدخل حكومي في إدارة السوق.
عامر إلياس شهداسؤال باتت الإجابة عنه ضرورية جداً، فالحوارات التي تجري حالياً بخصوص القوانين وحتى السياسات، يطرح فيها بعض أفكار يعتقد أصحابها أن التوجه العام هو نحو الانتقال إلى اقتصاد حر، هناك خطأ في المفهوم. حيث أن المطلوب هو الانتقال إلى اقتصاد سوق اجتماعي، فليس هناك اقتصاد حر بالمعنى الحرفي للكلمة.
إنما هناك اقتصاد يسمح بالحرية الاقتصادية لمختلف الشرائح الاقتصادية ولكن ضمن شروط وضوابط تحددها الحكومة وممثلو المهن والتجمعات الاجتماعية والسياسية. فعندما نستخدم تعبير اقتصاد السوق فهذا يعني اقتصاداً موجهاً يكفل الحرية الاقتصادية بشرط الالتزام بالنظام والقواعد العامة.
وهذا لا يعني بأي شكل عدم تدخل الحكومة في الاقتصاد، وخير دليل على ذلك ألمانيا التي تعتبر رائدة في اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي على مستوى العالم، فالحكومة الألمانية تتدخل في دعم المنتجات الزراعية وفي سياسات وضوابط التأمين الصحي والاجتماعي. وأيضاً تدخلت مؤخراً للسيطرة على المؤسسات المالية بهدف تقليص آثار الأزمة المالية التي يعانيها الاقتصاد الألماني وهي التضخم. كما أنها تتدخل بموضوع التسعير من خلال وضع ضوابط لتسعير المادة بحد أدنى وحد أعلى وتترك للجودة السعر ضمن عتبات الحد الأدنى والأعلى. وكل ذلك يخضع لسياسات تخلق تنسيقاً عالي المستوى بين المؤسسات الحكومية التي تعتمد على سياسات قطاعيه تشمل كل مناحي اقتصاد السوق إن كان على مستوى الإنتاج أو الخدمات، وبين المؤسسات المجتمعية الاقتصادية والاجتماعية.
اعتماد التنسيق بين المؤسسات يعتبر نواة الخلية الحيوية لاقتصاد السوق. فالعمل على تجسيد هذا التنسيق هو الذي يحقق انتقالاً اقتصادياً يخفف من وطأة التضحية التي ستتحملها الدولة والمجتمع من خلال هذه العملية الانتقالية، وهنا الضرورة هي أولوية بالسياسات وتحديداً السياسات القطاعية، لضمان التنسيق بينها للوصول إلى هدف الانتقال لاقتصاد السوق وتلمس المجتمع لأثاره الإيجابية في المدى المتوسط والطويل.
هنا لا بد أن نوضح أن عملية الانتقال لا تخلو من آثار سلبيه تتطلب التضحية من الجميع للخروج من اقتصاد مخطط بني على سياسات ترقيعية، فهناك آثار سلبية نتيجة هذا التحول على رأسها الهدر والفساد وانخفاض في سعر الصرف وحجم التصدير وازدياد الفقر وسوء توزيع الثروة الذي يخلق خللاً في الشرائح الاجتماعية المختلفة، إضافة لتراجع الاستهلاك وارتفاع نسبة الكوادر العاملة غير المؤهلة في المؤسسات العامة. كل ما قمنا بذكره نعيشه على أرض الواقع. فنحن أمام خيارين إما المراوحة بالمكان واستمرار المعاناة الاقتصادية والاجتماعية وإما تحمل التضحية التي لا هروب منها لنحصد الآثار الإيجابية لهذا التحول وأهمها:
١- ظهور السعر الحقيقي من خلال تفاعل آليات العرض والطلب.
٢- دخول تكنولوجيا وآليات إنتاج جديدة.
٣- ازدياد معدل الإنتاجية لدى القطاع الخاص بسبب ازدياد حدة المنافسة.
٤- دخول رأس المال الأجنبي وارتفاع معدلات الاستثمارات.
٥- التشجيع على الابتكار والإبداع والتطوير في العملية الإنتاجية، وتحفيز روح المبادرة والمغامرة في البدء بمشروعات جديدة.
٦- نشوء أدوات جديدة للاستثمار مثل أسواق المال وتطوير أسواق الأوراق المالية.
٧- الاعتماد على النفس ورفض الاتكالية وتطوير ورفع الكفاءات لدى الأفراد ومختلف الشرائح الاجتماعية.
٨- تحقيق وفورات في الموازنة العامة واستعمالها في مشاريع البنية التحتية للاقتصاد، ورفع التصنيف الائتماني للدولة.
حزمة هذه النتائج تتحقق حال الانتقال إلى اقتصاد السوق، ونجاح الانتقال مرتبط بنمطية تفكير الفريق الموكلة إليه مهمة رسم السياسات وعلى رأسها السياسات القطاعية التي ترفع درجة التنسيق بين المؤسسات والذي ينتج عنه خلق ضوابط لكل قطاع إنتاجي أو خدمي ومن شأن هذه الضوابط أن تنتج نمواً اقتصادياً متوازناً ومستداماً.
بناء على ما تقدم اعتقد أن الأولوية يجب أن تكون للسياسات التي تخلق البنية التحتية لاقتصاد السوق. ووضعها بشكل محكم يتواءم مع متطلبات اقتصاد السوق. فالسياسات المطلوبة وبالذات القطاعية هي التي تشير وتسهل عملية الوصول إلى مواد في القوانين تعتبر معوقة لعملية التحول لاقتصاد السوق. فيتم تعديلها بما يتناغم مع السياسات المعتمدة لعملية الانتقال. فالأدوات التي تشتق منها الضوابط لا يمكن اعتمادها قبل خلق النظام الذي يحتاج لهذه الضوابط، فتاريخ العمل التجاري الذي بدأ بالشحن البحري وضعت له قوانين بعد ممارسته بفترة زمنية تم خلالها اكتشاف الافتقار إلى ضوابط تحكم هذا العمل. وما وقع على القطاع التجاري وقع على القطاعات كافة.
لهذا اعتقد أن البدء برسم السياسات هو الأولوية التي تقود لتصحيح أو إلغاء القوانين وليس العكس. فالضوابط منطقياً تعتمد للجم أي شذوذ عن القواعد، وبالتالي فعملية السهر على صوابية عمل هذه الضوابط تقع على عاتق الحكومة. ولهذا فلا وجود لاقتصاد حر من دون تدخل حكومي في إدارة السوق.
عامر إلياس شهدا