الفاعلية الاقتصادية
|عامر إلياس شهدا
ما طرحته الحكومة بخصوص منطقة الغاب والعمل على دعم زراعاته وتطويره وإدخال الاستثمارات الزراعية له. تعتبر خطوة مهمة جداً بالاتجاه الصحيح. ويعتبر خياراً صحيحاً لتحقيق نتائج ملموسة. وبالتالي يعتبر المشروع خطوة باتجاه الخروج من مشكلة عجز السياسات الحكومية على تحقيق الفعالية الاقتصادية.
إن الدعم للقطاع الزراعي كأولوية. لمواجهة ضعف الإنتاجية الصناعية والتي تستلزم معالجتها أمداً طويلاً وتحتاج إلى تكوين رأسمالي كبير لا تستطيع الخزينة العامة تحمله بهذا الوقت بالذات. في حين الإنتاج الزراعي نتائجه سريعة على مستوى الموارد والحد من البطالة ومعالجة التضخم. كل هذه النتائج ستتحقق إذا وضعت الحكومة كل جهودها في تجسيد حزمة من القوانين على أرض الواقع.
أعتقد لا يمكن للحكومة أن تحقق أهدافها من مشروع منطقة الغاب إلا من خلال استخدام الأدوات المثالية التي تحقق عدة اهداف وتعتبر حلولاً لحزمه من المشكلات. وأهم هذه القوانين.
القانون رقم 40 لعام 2023 الذي يجيز تأسيس شركات مساهمة مشتركه في القطاع الزراعي والحيواني.
القانون المالي الموحد للوحدات الإدارية رقم 37 لعام 2021 والذي يهدف إلى تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية لكي تمارس الدور التنموي في المجتمع المحلي إلى جانب الدور الخدمي إضافة إلى قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011، من دون إغفال للقانون رقم 3 لعام 2024 والمرتبط بالقانون 29.
هذه القوانين تعتبر النواة الأساسية لمعالجة الفراغات التنموية التي يعاني منها الاقتصاد السوري وأهمها التردي العميق في البنية التحتية. على المجالات كافة. ولا يمكن للحكومة أن تملأ تلك الفراغات من دون الإقلاع بالمشروعات الاقتصادية وعلى رأسها المشروعات الزراعية.
هناك بوادر تشير إلى أن الحكومة تضع عدة سيناريوهات تسبق حديثها عن النمو الاقتصادي وحتى النمو المستدام من خلال إدراكها لأهمية بذل الجهود لرفع قدرة الاقتصاد على التكوين الرأسمالي أي قدرته على استثمار المتاح والدخول باستثمارات جديدة عن طريق تكوين فوائض استثمارية من المشروعات الموجودة أو العاملة، أو من خلال استثمار أصول ثابتة بعد أن تتم دراسة الجدوى الاقتصادية من استثمار هذه الأصول.
بهذا السياق لا يمكن أن نتجاهل مشكلتين تعاني منهما الحكومة. وأعتقد أن حلول هذه المشكلات مرتبطة بالسياستين النقدية والانفاقية. والمشكلات هي ضعف المركز المالي للدولة بشكل عام. وانخفاض مستوى الإيرادات الحكومية لأسباب متعددة منها التهرب الضريبة. والتشابكات المالية لمؤسسات القطاع العام التي ستشكل تحدياً كبيراً للحكومة في حل تلك التشابكات التي ستعيق مشروع التشاركية مع القطاع الخاص وتعيق تنفيذ القانون رقم 3 الخاص بحكومة الإدارة والشركات المساهمة العامة المغفلة. ما سيزيد الأمر صعوبة هو تنفيذ سياسة رفع الدعم والتعويض النقدي له. بظل العمل على تخفيف عجز الموازنة الذي يتطلب وقتاً طويلاً جداً. فتجنب عجز الموازنة يضع الحكومة أمام خيارات صعبة فإما أن تخفض إنفاقاتها أو تقوم برفع الضرائب. إلا أن الحكومة أعلنت عن زيادة إنفاقاتها وعدم فرض ضرائب جديدة. بهذه الحالة الحكومة أجلت موضوع إضفاء عجز الموازنة وهو تصرف صحيح بهذه الحالة واهتمت بإعادة التكوين الرأسمالي الذي يتطلب زيادة إنفاقاتها الاستثمارية، لتتمكن من تحقيق إيرادات تمكنها من خلق والدخول باستثمارات جديدة وبالتشارك مع القطاع الخاص. ولا نعلم فيما إذا أخذت الحكومة بعين الاعتبار موضوع معالجة تراجع الادخار الأسري في المصارف والذي كان يعتبر حجر أساس في تمويل مشاريع الحكومة الاستثمارية. لهذا فالسؤال الذي يطرحه نفسه هل ستتمكن الحكومة من خلال تنفيذ القانون رقم 40 والقانون رقم 3 من تعويض تراجع الادخارات الأسرية وتوجيهها باتجاه الاشتراك باستثمارات جديدة تنموية. وهذا الأمر يلزمه اختراق العديد من المحرمات لتحفيز المجتمع على المساهمة بمدخراته العقيمة بمشاريع استثمارية ذات عائدات مجزية.
لن نقول: إن الأمر سهل فهو معقد جداً. ويلزمه خبرات اقتصادية مالية ونقدية تشارك الحكومة في وضع ومناقشة الحلول التي تتطلب نمطية تفكير من الخارج الصندوق تملك الجرأة على اختراق المحرمات التي تعيق عملية الاستثمار والنمو المستدام.
إن خلق فريق حكومي مدعوم بخبرات من خارج الإطار الحكومي سيسهل الكثير على الحكومة وبالتالي سيسهم في خفض تكاليف الحلول وسيعمل على تحقيق الأهداف منها، ويدفع باتجاه رفع منسوب الفاعلية الاقتصادية للبلاد.