المعارض ضرورة أم مجرد نشاط؟.. إذا لم يتم الترويج للصادرات والتسويق لها فالإنتاج سيكون محدوداً جداً.. مدير هيئة دعم الصادرات لـ«الاقتصادية»: صدى المعارض إيجابي جداً وتعد إحدى أهم أدوات الترويج
|أمير حقوق
تعتبر عملية التصدير الشريان الرئيسي للاقتصاد الوطني بأي دولة، نظراً لما تحققه من تحريك عملية الإنتاج المحلي وتلبية السوق المحلي بما يحتاجه وتأمين أسواق خارجية للفائض من السوق المحلي، وبالتالي تحفيز التنافسية وفق الشروط المطلوبة، الأمر الذي يسهم بتنشيط الاقتصاد وتحريك عجلة دورانه وتأمين القطع الأجنبي لخزينة الدولة، وانعكاساته على مستوى البطالة ودخل الأفراد.
إذ تعتبر المعارض خطوة رئيسية للتصدير، لما تحققه من تعريف وترويج للمنتجات المعروضة، وبالتالي تضمن تصريف هذه المنتجات للأسواق الخارجية، وبما أن الصناعة السورية حالها حال باقي القطاعات التي تأثرت بالحرب وتراجع إنتاجها إثر إغلاق عدد كبير من المعامل والمصانع وغيره من الأسباب، وبالنتيجة يكون دور المعارض مسعفاً لإعادة عجلة دوران الإنتاج المحلي وكثافة إنتاجيته وخلق ألق للمنتجات السورية وعودتها للأسواق الخارجية من خلال تأمين نوافذ تصريف لها.
وفي ملف فتحته «الاقتصادية» عن ماهية المعارض التي تقام، فهل تكون مجرد نشاط أم ضرورة للمنتجات وللصناعات السورية، ومعرفة الصدى الذي تحققه، بالتوازي عن تأثير المعارض في تنشيط الاقتصاد الوطني وتحريك عجلة الإنتاج؟
أهم أدوات الترويج
بدوره، اعتبر مدير هيئة دعم وتنمية الصادرات السورية في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ثائر فياض خلال حواره مع «الاقتصادية» أن المعارض ليست مجرد نشاط، بل ضرورة أساسية للترويج للمنتجات السورية في الأسواق الخارجية، والمعارض التي تقام تقرب المسالك الأجنبية في مواصفات المنتجات السورية وطبيعتها، وأيضاً في مذاقها إن كانت غذائية أو زراعية، وحتى إن كانت المنتجات صناعية، فالمعارض يمكن أن تدرج مواصفات معينة لم تكن موجودة ضمن البضائع، وبالتالي المعارض إحدى أهم الأدوات للترويج للإنتاج المحلي للصادرات.
الصدى إيجابي جداً
وصدى المعارض التي أقيمت للمنتجات وللصناعات السورية إيجابي جداً، فمثلاً بالأسبوع الماضي شاركت سورية في معرض الصين الدولي للاستيراد، فمن الممكن ألا ننافس الصين ببعض الصناعات، ولكن يمكن أن ننافسها بالصناعات الغذائية والزيوت العطرية لكون صناعتنا المحلية مواصفاتها جيدة ومطلوبة في الأسواق الخارجية، وبالتالي يمكن المنافسة بالأسواق الخارجية حسب حاجة الأسواق ووضعها، وبالتالي يكون أثر هذه المعارض جيداً وخاصة من ناحية الترويج والتعريف بها للمستهلكين الأجانب، وفقاً لفياض.
المعارض تنشط الاقتصاد
التصدير قاعدة أساسية من قواعد الاقتصاد الوطني، فالسياسات التصديرية اليوم بأي بلد كان لها الأولوية في السياسات الاقتصادية، فإذ لم يتم الترويج للصادرات والتسويق لها وإيجاد أسواق خارجية لهذه المنتجات فالإنتاج سيكون محدوداً جداً، وبالتالي عندما تروج المعارض للمنتجات المحلية وتساهم في تصديرها، فسيكون الإنتاج المحلي مضاعفاً بشكل ملحوظ، وبالتالي المعامل والمنشآت ستلجأ للعمل بنظام ورديتين وثلاث، والنتيجة تؤدي إلى تغطية حاجة الأسواق المحلية وبعدها الأسواق الخارجية من حيث تصدير الفائض المحلي، إذ تؤدي لانخفاض التكاليف، فمثلاً عندما يتم إنتاج 100 طن من منتج معين ستكون التكلفة مختلفة عن إنتاج 10 أطنان منه، وهذا يساهم بتحريك عجلة الإنتاج، وبدوره يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وبالتالي تحقيق التنافسية في الأسواق الخارجية حسب المواصفات المطلوبة والمحددة وهذا ما يلخص أن التصدير من العوامل المهمة لإنعاش وتحريك الاقتصاد، حسب رؤية فياض.
قادرة على المنافسة في الأسواق
وكإسقاط لهذا الكلام، فمثلاً معرض إكسبو سورية كان معرضاً للصادرات السورية فقط، وزاره نحو 3000 رجل أعمال أجنبي، للتعرف على المنتجات السورية الحالية وعلى تعافي هذه المنتجات والصناعات المختلفة، وتوصيل فكرة مفادها أن الصناعة السورية قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية، وتم تنظيم عقود ووكالات كثيرة بين أصحاب المنشآت والمعامل وبين رجال الأعمال الأجانب خلال فترة المعرض، حسب ما ختم به فياض حديثه مع «الاقتصادية».
المعارض هي ضرورة تسويقية وترويجية للمنتجات السورية، والمعارض التي أقيمت خلال فترة الحرب للأسف كان تأثيرها محدوداً جداً لأسباب عدة كالعقوبات المفروضة على سورية، وانخفاض القدرة الشرائية وعدم قدرة الصناعيين بالمشاركة في المعارض الخارجية بشكل لائق بسب ارتفاع التكاليف واختلاف سعر الصرف وعدم مرونة جلب المال من الخارج إذا وجدت اتفاقيات، ونقص الطاقة الذي تعاني منه سورية والقوانين غير المشجعة وهي طاردة للاستثمار الصناعي، وفق ما أشار إليه رئيس لجنة العرقوب الصناعية ونائب رئيس لجنة القطاع الهندسي بغرفة صناعة حلب الصناعي تيسير دركلت لـ«الاقتصادية».
لا يؤدي لحركة اقتصادية إنما حركة للمال
أما فيما يتعلق بالمعارض الداخلية فنعاني من عدم تنوع الزائرين، تبعاً لـدركلت، شارحاً: فمثلاً معرض يقام في مدينة حلب يكون زائروه من حمص ودمشق والعكس، وهذا لا يؤدي لحركة اقتصادية بل حركة تدوير للمال فقط لا غير، ولا تضيف شيئاً للمنتجات، ولا ننكر تأثيراتها الإيجابية في التسويق وتعريف المستهلك السوري بإنتاج بقية المحافظات، ولكن تأثيرها محدود وآني وغير استراتيجي.
أزمة تسويقية حقيقة للمنتج السوري
ولا يمكن التوقف عن المعارض ولكن أصبح لدينا «زحمة معارض»، فبين المعرض والآخر للمنتجات نفسها فترة زمنية قصيرة، وبالتالي الزائرون يحضرون المعرض السابق نفسه ولكن بغير اسم، ويضاف صعوبة المواصلات للزوار بسبب أزمة المحروقات، وبالتالي يمكن حصر الزائرين بالمرتاحين مادياً أو القاصدين شيئاً معيناً، وبالتالي نحن في أزمة تسويقية حقيقية للمنتج السوري وفي حالة ركود وتضخم تؤدي لارتفاع تكاليف المنتج السوري وصعوبة تسويقه داخلياً وخارجياً، وفقاً لتوصيف الصناعي دركلت.
لمناقشة تطوير المنتج
أما الصناعي ورجل الأعمال رفعت الـعمو فيرى في حديثه لـ«الاقتصادية» أن المعارض ضرورة لابد منها لعرض جديد ابتكارات ومنتجات الشركات المصنعة كلّ عام أو كلّ موسم لقطاعات الإنتاج لأخذ رأي الزبائن بالمنتج، والمعارض المحلية التي تقام في سورية هي لجذب الشركات ورجال الأعمال ليتعرفوا على المنتج الوطني وجودته وإمكانية تصديره ومناقشة تطوير المنتج ليكون مكافئاً لمنتجات الدول المتطورة.
دراسة الأسواق الخارجية
وزيارة التاجر والصناعي للمعارض تكون بهدف مناقشة وتبادل الآراء حول المنتجات وجودتها وإمكانية دراسة الأسعار، لتلبي احتياجات السوق والإمكانية المادية للمواطن بالشراء، وقدرة الشركات المنظمة للمعارض تكون بدراسة الأسواق الخارجية والعمل على جذب رجال الأعمال والشركات من تلك الدول التي تقبل المنتج السوري وترغب باستيراد منتجات صناعية وزراعية من سورية، وحالياً أفضل أسواق خارجية للمنتجات السورية هو السوق العراقي ودول إفريقيا، حسب اعتقاد الـعمو.
يشار إلى أن معرض «إكسبو سورية 2024» للصادرات السورية بنسخته الأولى، افتتح في مطلع أيلول الماضي واستمر لمدة خمسة أيام على أرض المعارض الجديدة في ريف دمشق بحضور عدد من الوزراء في الحكومة السابقة، بالإضافة لوفود عربية وأجنبية، وبمشاركة الفعاليات الاقتصادية والتجارية والصناعية وقطاع الأعمال عبر 600 شركة سورية، وشمل معرض «إكسبو سورية» 2024 بدورته الأولى الصناعات النسيجية والكيميائية والغذائية والهندسية والمعدنية والجلديات والبلاستيكية ومواد التجميل والدوائية والطبية والصناعات الفندقية، حيث أشار القائمون على المعرض إلى أن التوقعات حول توقيع العقود التصديرية كبيرة كحصيلة المعرض.