تتأثر الاقتصادات الضعيفة بأي تحديات أو تحولات وتغيرات مناخية، هي اقتصادات فقيرة وستبقى، إنها اقتصاديات ترتكز على الزراعة والتصنيع فقط، في حين تركز اقتصادات الدول المتقدمة أكثر على الأنشطة الاقتصادية القائمة على المعرفة، مثل البحوث، والدعم التقني، والاستشارات والذكاء الاصطناعي وتستثمر ذلك لديمومة وضمان قوتها.
توسعت في خياراتها وواكبت العلم، وفتحت نوافذ وآفاقاً تجاه ناصية اقتصاد من نوع آخر يواكب متغيرات العصر ومتطلبات المستقبل، يحقق الرفاهية والتقدم، صار اقتصادها أساسه المعرفة الكاملة، ومن هنا صار اقتصادها قوياً لأخذها بخاصية اقتصاد المعرفة، فهو نظام اقتصادي يعتمد فيه إنتاج السلع والخدمات بشكل أساس على رأس المال الفكري، إذ يستفيد من الاكتشافات العلمية والأبحاث، ويمثل هذا النظام أهمية كبيرة في معظم الاقتصادات المتقدمة.
واليوم تتسابق الدول نحو اقتصاد أكثر اعتماداً على المعرفة بفضل العولمة، التي ساهمت في انتشار أفضل الممارسات الاقتصادية التي تطبقها كل دولة دون أخرى، فالشعوب الذكية اكتسبت موقعاً مميزاً في صدارة الاقتصاد المعرفي، استطاعت أن تغزو العالم بتجارتها الخارجية التقنية لتصول وتجول عبر الحدود من خلال عولمة خدمات الاتصالات ومنتجات تقنية المعلومات وغيرها من الصناعات الذكية، ومن هنا أصبحت الفجوة المعرفية العميقة بين الدول المتقدمة والعالم الثالث لا تقل عمقاً عن المطبات المؤلمة التي تقع فيها الدول الضعيفة نتيجة إخفاقها في تنويع مصادر دخلها وابتعادها عن تحقيق أهدافها.
ما يحصل يؤشر بشكل تام إلى أن أصحاب المرونة وسرعة الحركة يكسبون بصورة دائمة، واليوم هناك تواتر خطير ومهم في عالم التقنيات، وكلنا يلمس كيف طالعت التطبيقات الشهيرة للهواتف الذكية، وكيف أعطت العوالم الافتراضية بعداً مهماً متنوعاً وقيماً للاقتصاد العالمي حتى أصبح للدقيقة الواحدة ثمناً باهظاً.
إنه الاقتصاد المعرفي، الذي أتقنت الدول المتقدمة التعامل معه واستفادت بالعديد من مجالاته وعوائده، فهو أحدث وأكثر الاقتصادات ثراء ونمواً على مستوى العالم، ففي البدء كانت الثورة الزراعية تلتها الثورة الصناعية، ثم تغير وجه العالم الاقتصادي والاجتماعي بالثورة التكنولوجية حتى وصلنا إلى الثورة الرقمية ولا نعرف ما الجديد بعدها.!
اقتصادنا غارق بأزمات حادة، فالتباطؤ والتراجع الحاصلان ينذران بواقع سيئ، يحتاج لتحديد مسار ونهج جديدين بوقت تضغط التحديات وتتراكم الأزمات لدرجة فقدان كل مؤشرات نموه، ومع ترقب تشكيل حكومة جديدة فالمأمول في الشأن الاقتصادي سيمثل أولوية أساسية في عملها المستقبلي وهو المعيار الذي بناء عليه سيتم الحكم على نتائج أعمالها، فالقدرة على توفير إدارة كفؤة للاقتصاد والنجاح في تحقيق الأهداف يمثل ركيزة لمواصلة هدف التنمية في مختلف القطاعات التي قد تضمن مستقبلاً زاهراً للمواطن والوطن، وتسهم في تعزيز القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات.. يبقى الاقتصاد المعرفي طموحاً لن يتحقق وقد يكون من المستحيل أيضاً، ليسبح بنجومه البراقة بعيداً عنا، ما يحصل من تطورات تخلق دهشة اقتصادية ومنفعة حقيقية في كل لحظة وتؤكد تراجع الاقتصاد التقليدي وريادة الاقتصاد المعرفي المدهش.
يبدو أننا بعيدون كثيراً عن أي مؤشرات تجاه الاقتصاد المعرفي، فلا البنى تؤهلنا ولا الامكانات كافية، جهوزيته تتطلب تحقيق قفزات في عملية التنمية وارتفاع قيم النمو الاقتصاد العادي، والاتجاه نحو اقتصادات ليست نمطية، بل التنوع والابتكار وقوة التصنيع التكنولوجي، كل ذلك يلزمه تطوير الأطر القانونية بشكل أكبر، ورفع مستوى ثقافة النزاهة والشفافية، وتقليص الفجوة التقنية في بنيتنا التحتية وتخفيض تكلفة خدمات الاتصالات والمعلوماتية، وهذا يبدو صعباً على المدى المنظور.!