جديد انتخابات غرف التجارة.. في دمشق أصدقاء الأمس افترقوا لقائمتين… زين لـ«الاقتصادية»: مجالس 5 غرف فازت بالتزكية و30 مرشحاً لغرفة طرطوس وحلب بالانتظار
|شادية إسبر
مع فعاليات وداعِ المجالس القديمة، وبدء ظهور التجاذبات في انتخابات جديدة، وانتهاء الانتخابات عملياً في بعض الغرف لنجاح مرشحيها بالتزكية، تعيش غرف التجارة والتجارة والصناعة المشتركة مرحلة انتقالية يحتدم فيها السباق مع كل يوم يقترب فيه موعد الإدلاء بأصوات الناخبين وإيداعها صناديق الاقتراع، ومن مخالفات حصلت في بعض الغرف منذ بداية فتح أبواب الترشح ضبطتها وقومت مسارها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بصفتها المشرفة على العملية الانتخابية، وصولاً إلى الحدث اللافت مؤخراً الذي ظهر بمحاولة تدخل الشؤون الاجتماعية والعمل في توقيت انتهت فعلياً فيه غرف عدة من العملية بفوز مجالسها بالتزكية، كتاب وتوضيح موجهان لاتحاد الغرف بخصوص براءات الذمة من مديريات الشؤون، أحدثا صدمة استغراب وتساؤلات في أوساط قطاع الأعمال من مرشحين وناخبين، فما القصة؟
مجالس غرف تفوز بالتزكية
قبل الدخول في قصة كتب الشؤون التي تابعتها «الاقتصادية»، كما تابعت المرحلة التي وصلت إليها مجريات العملية الانتخابية مع رئيس لجنة الإشراف العام على انتخابات غرف التجارة وغرفة التجارة والصناعة المشتركة زين صافي، وجديدها كما أكد في تصريح خاص للصحيفة أن التاريخ المحدد لانتهاء جميع اللجان في جميع الغرف من دراسة الطلبات والاعتراضات هو الثلاثاء 17 أيلول الجاري.
وعن الغرف التي صدرت فيها قوائم نهائية بأسماء المرشحين المقبولين بعد دراسة طلبات الاعتراض، وواقع الأعداد فيها، أوضح صافي أن لجنة الإشراف على الانتخابات في غرفة التجارة والصناعة بطرطوس أنهت دراسة الطلبات والاعتراضات وأصدرت قرارها النهائي الخميس 12 أيلول بقبول طلبات 30 مرشحاً في قائمة نهائية، ضمت واحداً من الدرجة الممتازة و14 من الأولى و8 من الثانية و5 من الثالثة واثنين من الدرجة الرابعة.
وأضاف صافي حول باقي الغرف، أن لغرفة تجارة دمشق 33 مرشحاً، وغرفة تجارة ريف دمشق 13 مرشحاً، وفي غرفة تجارة حمص 21، ولمجلس غرفة حماة 22 مرشحاً، وللحسكة 11، مبيناً أن مرشحي غرف تجارة القنيطرة والسويداء وإدلب واللاذقية نجحوا بالتزكية باعتبار أن عدد المقاعد المخصصة لمجلس الإدارة فيها يساوي أو أقل من عدد المرشحين، كما نجح بالتزكية مرشحو الشريحة الأولى الـ11 في غرفة تجارة ريف دمشق، وستجري المنافسة فيها على المقعد المخصص للدرجة الثالثة.
وبهذا بقيت غرف حلب ودير الزور والرقة بانتظار انتهاء اللجان من دراسة الاعتراضات وصدور قوائمها النهائية.
الشؤون الاجتماعية تدخل على الخط
بالعودة إلى قصة الشؤون الاجتماعية فكانت على الشكل التالي، من خلال كتاب مؤرخ في التاسع من أيلول الجاري، وجهته وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مزيّل بتوقيع الوزير في حكومة تسيير الأعمال لؤي عماد الدين المنجد، طلبت فيه من رئيس اتحاد غرف التجارة التعميم على الغرف كافة بضرورة إرفاق المرشح والمنتخب لبراءة ذمة صادرة عن فرع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المختص، وبيان عدد العاملين حسب الدرجات لدى انتسابهم إلى الغرفة، كما طلبت موافاتها بأسماء المرشحين للانتخابات لتتم مراجعة مدى التزامهم أحكام قانون التأمينات الاجتماعية.
الوزارة استندت في كتابها إلى المرسوم التشريعي رقم 21 للعام 2024 المتضمن إجراءات وتفاصيل العملية الانتخابية لغرف التجارة وغرف التجارة والصناعة المشتركة، كما استندت إلى الفقرة «هـ» من المادة الخامسة من قانون غرف التجارة رقم 8 للعام 2020، فهل يعني ذلك أن أسماءً من المقبولة طلباتهم قد تُحذفها الشؤون، وتخرج من ميدان السباق؟ أم أن اللجان المشكلة بالغرف المنوط بها دراسة طلبات المرشحين دققت في هذا التفصيل والأمر مضبوط؟ ليبدو بمتابعة الموضوع أنه تحصيل حاصل يجري منذ بدء اشتراك التاجر أو تجديد اشتراكه في الغرفة، فعلى ماذا فاقت الشؤون اليوم؟
«الاقتصادية» حصلت على الكتاب بتاريخ صدوره ولاستيضاح الأمر تواصلت مع وزارة التجارة الخارجية بصفتها الجهة المسؤولة عن العملية الانتخابية برمتها، ليصدر بعدها وبمتابعة من الوزارة يوم الأربعاء 11 أيلول توضيح من وزارة الشؤون الاجتماعية، موجه إلى الجهة ذاتها (اتحاد غرف التجارة)، ومستند هذه المرة إلى قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية وغرف التجارة، وينص على: «وبعد التنسيق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك،
تبين أن المقصود بكتابنا السابق هو التقيد بنص الفقرة «هـ» من المادة الخامسة من قانون الغرف رقم 8 لعام 2020 الناظم لعمل غرف التجارة، والمادة السابعة منه والمتعلقة بتجديد العضوية في الغرفة في الموعد الذي تحدده، وتقديم الوثيقة التي تبين عدد العاملين المسجلين في التأمينات الاجتماعية سنوياً عند التجديد، وذلك حسب تصنيف أصحاب العلاقة عند الانتساب إلى الغرفة. ولضمان فصل الشرائح كما نص المرسوم رقم 21 لعام 2024 نؤكد على المرشحين والناخبين وعلى مسؤولية الغرف تسديد الالتزامات المترتبة عليهم لمصلحة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وذلك عند قيامهم بالتجديد وفي المواعيد المحددة قانوناً».
ضجة في الأوساط التجارية
تساؤلات كثيرة أثارها القرار وتوضيحه في الأوساط التجارية، فبداية عن التوقيت الذي جاء بعد إغلاق جميع الغرف أبواب الترشح، وإصدار أغلب اللجان قراراتها النهائية بشأن المقبولة طلباتهم واعتراضاتهم، ونجاح عدد من مجالس الغرف بالتزكية، أما عن مضمون الكتاب وتوضيحه، فقد استغرب المرشحون والناخبون أن يتم توجيه كتاب كهذا إلى اتحاد الغرف، فالأجدى أن يتم توجيهه إلى وزارة التجارة، كما استغربوا مما جاء في المضمون، حيث الشرح مشروح بالأصل، وهذا ما أكده عضو مجلس إدارة غرفة حلب لـ»الاقتصادية» محمد صالح الملاح في تعليقه على الكتاب الأول، بأن غرفة التجارة بالأساس لا تقبل تسديد الاشتراك أو الانتساب إليها إلا بوجود براءة ذمة من التأمينات الاجتماعية، لافتاً إلى أنه يجب مخاطبة الوزارة بهذا الشأن، وليس الطلب من غرف التجارة أن يؤمّن كل منتخب براءة ذمة جديدة للانتخاب، معتبراً أن هذا تشكيك من الشؤون بمصداقية الغرف.
الملاح تمنى على اتحاد الغرف مخاطبة الوزارة بهذا الشأن أو أن تمنح الغرف براءة الذمة للمنتخبين وعلى مسؤوليتها، لتقديمها إلى اللجان الانتخابية في حال الإصرار عليها، موضحاً أنه لا يوجد في هذا أي مخالفة للتعليمات، لأن الغرفة بالأساس حصلت من التاجر على براءة الذمة الخاصة بالتأمينات.
كما اعتبر الملاح أن هذه الكتب تظهر ضعفاً كبيراً من الاتحاد بعدم معالجتها، وقال: لو كنت صاحب قرار لأعطيت كل المنتخبين براءة ذمة من التأمينات، لأن المفسر لا يُفسر.
وبالعبارة ذاتها «المفَسّر لا يُفسّر» التي كررها عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب لـ»الاقتصادية» في تعليقه على التوضيح بعد صدوره، وأكد مجدداً أن غرفة التجارة لا تسجل أي تاجر، ولا تجدد تسجيله، من دون حصوله على براءة ذمة من التأمينات، ومدتها عام كامل وهي محفوظة في سجلات غرف التجارة، وبالتالي فإن المنتخب والناخب بريئا الذمة، مستغرباً عن أسباب إصدار هذه الكتب، وفي هذا التوقيت من العملية الانتخابية!
ماذا يقول القانون؟
وبالعودة إلى القانون رقم 8 للعام 2024 فإن الفقرة «هـ» من المادة الخامسة نصت على أن من شروط الانتساب للغرفة «تقديم الوثيقة التي تبين عدد العمال المسجلين في التأمينات الاجتماعية سنوياً عند الانتساب إلى الغرفة وفق ما يلي: (الدرجة الممتازة ستة عمال على الأقل، والأولى أربعة، والثانية اثنان، والثالثة واحد، والرابعة واحد). ويعتبر موضوع تسجيل العمال بالتأمينات محل نقاش دائم في اجتماعات الأوساط التجارية فيما بينها واجتماعاتها مع الجهات الحكومية، ومشكلة إلزام أصحاب العمل وخاصة التجار بتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية قديمة متجددة، فمن وجهة النظر الحكومية أن هذا ضروري لتنظيم العمل التجاري ويضمن مصلحة جميع أطراف العملية التجارية، في حين تذهب وجهة نظر الطرف الآخر، بأن هناك تجاراً ليس لديهم عمالة إطلاقاً، وآخرين يعملون شركاء مع أبنائهم، فهم ليسوا عمالاً عندهم، بل أرباب عمل، وغيرها من الحالات المتشعبة التي يراها البعض واقعاً، ويراها آخرون تهرباً.
كما أن المادة السابعة من القانون ذاته التي أضافت الشؤون الاجتماعية التذكير بها في كتاب التوضيح، فهي تنص على «تسدد العضوية في الغرفة سنوياً بعد تسديد رسم الاشتراك السنوي وفي الموعد الذي تحدده الغرفة، وتقديم صورة مصدقة حديثة عن السجل التجاري، والوثيقة التي تبين عدد العمال المسجلين في التأمينات الاجتماعية سنوياً عند التجديد، وذلك حسب تصنيف أصحاب العلاقة عند الانتساب إلى الغرفة الواردة بالمادة الخامسة من هذا القانون».
ما يعني أن الاستغراب بين أوساط المتابعين مبرر، والتساؤل عن الأسباب التي دعت الشؤون لهذه الاستفاقة المتأخرة موضوعية، ولو أنها جاءت مع بدء فتح أبواب الترشح لكانت مبررة حينها كإجراء عملياتي مساعد بضبط العملية الانتخابية.
شروط للناخب
التعليمات التنفيذيَّة لانتخابات غرف التجارة وغرف التجارة والصناعة المشتركة للدورة (2024 – 2028 م)، الصادرة بموجب كتاب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم/12835/12/2/ تاريخ 11/آب/2024 م، نصت بفقرتها الخامسة: «يجب أن يكون عضو الهيئة العامة المشترِك في انتخاب مجلس الإدارة (الناخب) منتسباً إلى الغرفة خلال عام 2021م، وما قبل وأن يكون مسدِّداً للرسوم السنوية السابقة سنة فسنة بما فيها سنة الانتخاب.
كما تنص الشروط التي تذكر بها جميع الغرف في بيانات وتعليمات تنشرها على مواقعها في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي لوحات الإعلانات في بهو مقراتها، أنه يجب على جميع الناخبين اصطحاب بطاقاتهم الشخصية وبطاقة عضوية الغرفة لعام 2024م، لإبرازهما عند حضورهم إلى المركز الانتخابي لانتخاب أعضاء مجلس إدارة الغرفة.
قائمتان في غرفة تجارة دمشق
في غرفة تجارة دمشق التي تأسست عام 1830 لمهام حماية مصالح التجار وفعالياتهم، وتقديم الخدمات التي تدعم أعمالهم، شهدت الفترة السابقة تشكيل قائمتين لخوض الانتخابات حملت الأولى اسم «قائمة تجار دمشق» وضمت 12 اسماً، أي بمنزلة تشكيل مجلس إدارة كامل، بينهم 10 من الشريحة الأولى وهم: (محمد الحلاق -محمد الخطاب- عبد اللـه نصر- مازن حسن -زهير داود- محمد حمزة الجبان-لؤي الأشقر-أنس طلس -نذير الحفار- بسام قطان) إضافة إلى اثنين من الشريحة الثانية وهما (محمد سامر القطب وزاهر شرباتي).
بينما خرجت القائمة الثانية باسم «قائمة الفيحاء» التي ضمت 9 مرشحين بينهم 7 من الشريحة الأولى وهم (باسل الحموي -ياسر اكريم -عماد القباني -محي الدين الحلبي -إياد بطل -موفق الطيار- محمد رياض الصيرفي)، واثنين من الشريحة الثانية وهما (غياث الخطيب وجمال الدين حمادية).
وباستطلاع «الاقتصادية» لرأي الشارع التجاري الدمشقي، اعتبر البعض أن تشكيل القوائم تقليد متبع له إيجابيات وسلبيات، إذ يجد فيه بعض التجار تدخلاً من شيوخ الكار العارفين والقارئين للتوازنات بهدف إيجاد توافقية ترضي الأطياف والقطاعات السوقية المتنوعة، مشددين على أن تشكيل القوائم لا يخالف الدستور والقوانين الناظمة للانتخابات، بما أنه لم يتم شراء الأصوات، ولافتين في الوقت ذاته بهذا الخصوص إلى أنه بعد صدور مرسوم السيد الرئيس الذي نظم الشرائح وفصل الدرجتين الرابعة والثالثة عن الأولى والثانية والممتازة، وفتح الباب للانتخابات الإلكترونية، بات شراء الأصوات شبه مستحيل، في حين يعتبر آخرون أن تشكيل القوائم استقواء عبر تكتلات تجمعها المصالح الشخصية تريد الاستحواذ على المشهد يصعب على باقي المرشحين إجراء حملات انتخابية موازية.
وإلى حين موعد الانتخاب في 26 أيلول الجاري لمجلس غرفة دمشق، لا يمكن التنبؤ بظهور قوائم جديدة، أو خوض من تبقى من المرشحين خارج القوائم السابق منفردين، كما أن هناك حالات حصلت في انتخابات الغرف السابقة لم تستطع فيها بعض القوائم الحفاظ على تكتلها والوصول موحدة إلى يوم الاقتراع، فبعضها انسحبت منه أسماء، وأخرى انضم إليها تجار وغيرها قوائم تفككت بالكامل، لكن السباق بين القائمتين المعلنتين بدأ، والحملات الانتخابية على قدم وساق للقوائم وللمنفردين على السواء، والبرامج الانتخابية المعلنة متنوعة بين خطابات غارقة في تفاصيل إجرائية وكلمات عمومية ومشاريع تحتاج قدرات خارقة للتنفيذ، في حين ساد جو من الملل بين أغلبية الناخبين، وشبه ابتعاد عن مناقشة البرامج والأسماء وحتى الأجواء.
غرفة حلب.. تنتظر البت بالاعتراضات
لجنة الإشراف على انتخابات غرفة تجارة حلب أعلنت قرارها بتاريخ 9 أيلول 2024 بعد دراسة طلبات المرشحين للانتخابات، وقبلت طلبات 12 مترشحاً، واللافت أن قائمة أسماء المقبولين خلت من مترشحين من الدرجة الثانية، حيث ضمت اثنين من الدرجة الممتازة، وثمانية من الدرجة الأولى، ومرشحاً من الثالثة ومثله من الرابعة، لكن القائمة غير نهائية، حيث ذكر البند الثاني من القرار أنه «يحق للسادة الذين تم رفض طلبات ترشحهم تقديم طلبات اعتراضهم حتى موعد أقصاه انتهى مع نهاية الدوام الرسمي ليوم الخميس الواقع في 12 أيلول الجاري 2024».
ما يعني أنه من المحتمل أن نجد في القائمة النهائية مرشحين جدداً في حال قبلت بعض الاعتراضات، لكن في حال لم يُقبل، فإن غرفة تجارة حلب ستنضم للغرف التي نجح مرشحو مجالسها بالتزكية.
وفي إعلان وزعته غرفة تجارة حلب دعت المنتسبين إليها ممن استوفوا شروط المشاركة في الانتخابات والمدرجة أسماؤهم في جداول معلقة في مقرها، «للإدلاء بأصواتهم يوم الخميس الموافق 10 تشرين الأول 2024 من الساعة الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساء في مقر الغرفة»، ليبقى ذلك رهن صدور قرار لجنة الإشراف على الانتخابات بعد دراسة طلبات الاعتراض، فإما الذهاب للانتخاب أو للتزكية.
وكان الشارع التجاري الحلبي تحدث عن تغيرات كبيرة في غرفة التجارة، ومفاجآت وصفها «من العيار الثقيل» في وقت تباينت الآراء بين مؤيد للرأي ومخالف، فقد تنبأ البعض بأن أسماء كبيرة لن نراها مجدداً في المشهد، الأمر الذي ينعكس على مفاصل الحياة التجارية والاجتماعية والثقافية، في حين بدت آراء غير متفائلة بتغيير يذكر، مستندة إلى مؤشرات متمثلة باستمرار هجرة العقول ورؤوس الأموال، وتكرار ممل يفاقم الوضع سوءاً لمصلحة من وصفوهم بالمتنفذين.