إشراقات

ما القيمة المضافة؟ وما (الناتج المحلي الإجمالي)؟

| د. عابد فضلية - كلية الاقتصاد - جامعة دمشق

إن القيمة المضافة من أكثر المؤشرات أهمية، ومن أدقها تعبيراً عن مستوى كفاءة العاملين وعن تطور الاقتصاد المادي ومستوى معيشة أفراد المجتمع، وهي تسمى (الناتج المحلي الإجمالي/GDP)=(الدخل القومي/NI)، الذي تخلقة قوة العمل بمختلف أشكالها وتسمياتها (الأجور للعاملين+الأرباح لأصحاب المشاريع والأعمال ومنظميها + الفوائد لأصحاب رأس المال أكانوا من المصارف أم الأشخاص)، على اعتبار أن رأس المال (و/أو الودائع) هي بالأساس تراكم لنتاج العمل… وهي تختلف عن (الإنتاج المحلي الإجمالي)، الذي يدخل فيه (إضافة إلى كل ذلك) قيمة المستلزمات والمدخلات المادية للإنتاج، وبالتالي فإن مؤشر الإنتاج الكلي المحلي مكون من أربعة عناصر: العمل ويحقق الأجور والمكافآت.. الخ / الأرض والموارد الطبيعية وتحقق الريع/ رأس المال ويحقق الفوائد

والتنظيم والاستحداث ويحقق الربح، وتكون حصة الدولة، هي الضرائب والرسوم التي تقوم بتحصيلها من كل هذه المبالغ والإيرادات.

والقيمة المضافة الإجمالية، تحتسب على مستوى القطاعات والفروع الإنتاجية والخدمية ومراحلها الإنتاجية (إنتاج القطن… الحلج.. الغزل.. النسيج.. صناعة الملابس وقماش البرادي على سبيل المثال)، ومجموع هذه القيم المضافة تشكل (مجموع القيمة المضافة الكلية الوطنية = الناتج المحلي الإجمالي = الدخل القومي/ الوطني)…. أي أن القيمة المضافة في قطاع ما = [قيمة الإنتاج الإجمالي في هذا القطاع بمختلف مراحل ومستويات عملياته الإنتاجية.. (ناقصاً).. [قيمة مدخلات ومستلزمات الإنتاج المادية الملموسة المحلية و/ أو المستوردة المستخدمة في أنشطة هذا القطاع كافة، التي أصلها بالأساس مواد من الأرض والمناجم والغابات والطبيعة عموماً..

مثال توضيحي عن طريقة احتسابها: أولاً- إذا افترضنا أن القطاع الزراعي النباتي المنتج للقطن، قد استخدم مستلزمات إنتاج من أسمدة ومبيدات منتجة محلياً قيمتها (16 مليون ل.س) + مواد مستوردة بقيمة (4 ملايين) ل س بالإضافة إلى بذور محلية بقيمة (5 ملايين) ل س، جزء منها من إنتاج العام الحالي والجزء الآخر من إنتاج العام الماضي + (15 مليون ل.س) لتكاليف المازوت والسماد والسقاية والحصاد.. الخ، ((أي أن تكلفة الإنتاج الإجمالي لقطاع إنتاج القطن =40 مليوناً))، وبفرض أنه تم بيع كامل كمية القطن الخام المنتَج إلى المحالج بقيمة (66 مليون ل.س)، أي أن القيمة المضافة: أجور+أرباح+فوائد= 26 مليون ل س، متضمنة الضرائب والرسوم التي تحصّلها الدولة على هذه المبالغ….، كما سيرد أدناه.

ثانياً- قامت المحالج التي اشترت كمية القطن بمبلغ (66 مليوناً) بإتمام عملية الحلج، وباعت كامل إنتاجها من كمية القطن المحلوج بمبلغ (114 مليون ل.س)، منه القطن إلى معامل الغزل بمبلغ (90 مليون ل.س)، وباعت كامل إنتاجها من بذور القطن إلى إحدى معاصر الزيوت بمبلغ (24 مليوناً)، وكانت قيمة المواد المادية الملموسة في عملية حلج القطن (13 مليوناً)، وقيمة المواد المستعملة في تجهيز وتعبئة البذور (2 مليون).

ثالثاً- قامت معامل الغزل بتحويل القطن المحلوج (الذي اشترته بمبلغ 90 مليوناً) إلى خيوط قطنية مغزولة باعتها إلى مصانع النسيج بمبلغ (145 مليوناً)، وكانت تكلفة عملية الغزل من المواد المادية الملموسة، أي عدا أجور العمل والفوائد والأرباح (=15 مليوناً).

رابعاً- قامت المعاصر التي اشترت بذور القطن (بقيمة 24 مليوناً) بعصر هذه البذور وباعت الزيت الناتج بمبلغ (38 مليوناً)، ولكنها استخدمت في عصرها وتجهيزها للبيع مواد مادية بقيمة (3 ملايين ل.س)، وكانت قيمة ما باعته للمواطنين لغاية الاستهلاك الغذائي (30 مليون ل.س)، وما قيمته (8 ملايين) لمصانع الصابون.

خامساً- قامت مصانع الصابون بتحويل الزيوت التي اشترتها من معاصر الزيوت بمبلغ (8 ملايين ل س) إلى صابون باعته للجمهور بمبلغ (22 مليوناً)، وكانت قيمة المواد والإضافات المادية الملموسة التي تطلبها تصنيع الصابون (4 ملايين).

وبالتالي: ما مقدار القيمة المضافة في قطاع زراعة وإنتاج وتصنيع القطن الخام إلى خيوط قطنية مغزولة:

1- لنشاط (زراعة و/أو) إنتاج القطن الخام = 66 -16 – 4 – 5 – 2= 39 م.

2- لنشاط الحلج = 114 (ناقص) 66 (ناقص) 13 (ناقص) 2= 46 م.

3- لنشاط الغزل: 145 (ناقص) 90 (ناقص) 15= 40 مليوناً.

4- لنشاط عصر وإنتاج زيت بذور القطن: 38 (ناقص) 24 (ناقص) 3= 11 مليوناً.

5- لنشاط تصنيع الصابون: 22 (ناقص) 8 (ناقص) 4= 10 ملايين.

والمحصلة إن: إجمالي القيمة المضافة في هذا القطاع هي إجمالي جمع الأجوبة أعلاه، وإجمالي القيم المضافة السنوية في الاقتصاد الوطني، هو مجموع القيم المضافة في جميع القطاعات، ونسبتها من إجمالي قيم السلع والخدمات، هي التي تُعبر عن المستوى الاقتصادي والتقني والاجتماعي في أي بلد، وأن معدل تطورها السنوي هو المؤشر الذي يتم اعتماده في كل دول العالم، لذا، فإنه عند الحديث عنها هو الأساس في التفريق بين الاقتصادات التقليدية واقتصادات المعرفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى