أصحاب مكاتب السيارات.. نقلنا للمدينة «غير مقبول»… «مدينة المعارض للسيارات» تشعل خلافاً حكومياً- حكومياً وسلسلة الأعذار والتعثرات على مدى 6 سنوات منذ الإعلان عنها
| أمير حقوق
منذ أواخر عام 2018، تمّ الإعلان عن إطلاق مدينة معارض للسيارات في الدوير بمحافظة ريف دمشق، بمساحة حددت بـ145 هكتاراً، وستتضمن معارض لأحدث السيارات في سورية، بالإضافة إلى مكاتب لبيع السيارات القديمة والمستعملة، ومحال تصليح للسيارات ومبانٍ إدارية ومراكز لتعليم القيادة، وأيضاً مركز للنافذة الواحدة لتسهيل إخراج الأوراق من الزائرين.
والجهة المنفذة لمدينة معارض السيارات هي الشركة العامة للبناء والتعمير فرع دمشق وريفها ومحافظتا دمشق وريفها، وكانت الوعود وضع هذه المدينة بالخدمة وافتتاحها بعد أشهر قليلة من الإعلان عنها، ولكن سلسلة الاعتذارات والتأجيل والتعثرات مازالت قائمة منذ 6 سنوات حتى الآن، مع تبريرات متكررة عن الأسباب التي تحدّ من تنفيذ مشروع المدينة هذه.
«الاقتصادية»، فتحت ملف مدينة معارض السيارات، وأحاطت بجميع العثرات والمعوقات التي أعلنت منذ بداية إطلاق المشروع، وكانت العثرات على الشكل الآتي:
خلاف حكومي حكومي:
أولاً: خلاف حكومي- حكومي، أي بين مؤسسات الدولة حول تحديد حدود مدينة المعارض هذه، إذ كانت بعض الأمتار في الخط الفاصل بين السكة الحديدية ومدينة معارض السيارات سبباً أساسياً لتأخر التنفيذ عدة أشهر مع تقاذف الاتهامات بين المؤسسات المعنية وهي مديرية المواصلات الطرقية ومديرية الخطوط الحديدية، ما اضطرها لعقد اجتماعات كثيرة لحلّ المشكلة «الثانوية» هذه.
ثانياً: المشكلة المادية، بسبب التأخير في دفع فروقات الأسعار وكشوف الأعمال المستحقة الدفع.
ثالثاً: إجراءات نقل ملكية المقاسم لإدارة المدينة، التي زادت من الخطوات المتعثرة في تنفيذ المشروع، حيث تطلبت إجراءات إدارية كبيرة ومعقدة حسب تصريحات سابقة للمعنيين، ساهمت بزيادة مدة التأخير.
البنية التحتية
رابعاً: البنية التحتية، تأخير بتنفيذ البنية التحتية بحجة التكلفة العالية جداً، ما أدى إلى تأخر تسليم المقاسم للمكتتبين، ودراسات حول موضوع التسعير، إذ اختلف إن كان سيرفع سعر المتر أم سيبقى كما كان في الاتفاق، وكان المشروع حينها توقف لفترة معينة بعد أن أعلن أنه لا يمكن تنفيذ شبكة المياه قبل الانتهاء من الطرق والصرف الصحي بشكل متتابع، حيث شبكة الصرف الصحي ستنفذ في جزء معين من المشروع، وبالتالي تأخر تنفيذ المبنى الإداري لمشروع مدينة المعارض.
التمويل الذاتي
خامساً: عادت الأسباب حول التكلفة والميزانية، لكون التمويل ذاتياً للمشروع، حسب تصريحات سابقة لمحافظة ريف دمشق، مع توجيه اللوم للحكومة، فحسب المحافظة لو تم منح سلفة حكومية بقيمة 10 مليارات لمشروع مدينة المعارض للسيارات لكانت الأعمال منتهية منذ زمن طويل، الأمر الذي أكد أن العمل يتم على أجزاء متفرقة حتى يتم الانتهاء منها، وهذا التصريح جاء في أواخر عام 2022.
سادساً: «ارتفاع الأسعار، وعدم توفير المحروقات»، حجة جديدة اتبعتها محافظة ريف دمشق للتبرير بتأخير التنفيذ بآخر عام 2022 أيضاً، حيث عدلت عقود التنفيذ لارتفاع التكاليف، وصدقت المحافظة حينها عقود الإنارة والكهرباء حيث باشرت بهما على أرض الواقع.
سابعاً: عدم قدرة محافظة ريف دمشق على جمع أموال من المالكين قبل التخصيص وتسليم المقاسم، ورجحت أن الأسعار ستتغير وفقاً لارتفاع التكاليف.
سحب الآليات!
ثامناً: خلاف بين الشركات المنفذة للمشروع وبين محافظتي دمشق وريفها القائمتين على المشروع حول دفع مستحقات وأجور العقود، ما أدى لسحب آليات الشركات المنفذة من المشروع.
تاسعاً: تم التصريح بأن جميع الحلول تمت معالجتها، وستكون مدينة المعارض للسيارات بالخدمة في أيلول عام 2023، وبعد أسابيع قليلة تأجل افتتاحه لتشرين الماضي 2023 وبعدها يتوقف المشروع ويعاد سيناريو سحب الآليات منه، المحافظة أعادت وبررت أن التوقيف جاء بسبب المطالبات المالية للشركات، ومحافظة ريف دمشق غير قادرة على تسديدها من دون التحصيل من المكتتبين على المشروع لكون تمويل المشروع ذاتياً، وإن التحصيل من المكتتبين يحتاج إلى نقل الملكية لأرض المشروع من المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية صاحبة الأرض إلى مدينة معارض السيارات من أجل القيام بالتخصيص، وعند الانتهاء من نقل الملكية وفي حال تمت دعوة المكتتبين للتخصيص، وتم التجاوب مع المحافظة يمكن أن يعود المشروع للعمل والانتهاء من تنفيذه.
عاشراً: «فشل دراسة المشروع سبب تعثره»، بهذه العبارة بررت جملة التعثرات والأسباب والمعضلات والمعوقات التي واجهت تنفيذ المشروع، من مدير المشروع في 2023.
الحادي عشر: انتظار تحديد سعر المتر بما يناسب ارتفاع التكاليف والمشتقات النفطية والأجور العالية في إنشاء البنية التحتية.
الثاني عشر: مطلع العام الحالي 2024، أعلنت محافظة ريف دمشق عدم التزام الشركة العامة للبناء والتعمير فرع دمشق وريفها المتعاقد معها على تنفيذ مشاريع شبكة الطرق والصرف الصحي والتصريف المطري وشبكة المياه، والتسليم بالوقت المحدد، أوجب اتخاذ قرار مكتب تنفيذي لمجلس محافظة ريف دمشق بسحب الأعمال منها، مع تحديد 2024 موعد انطلاق المشروع.
أخيرها الردم!
الثالث عشر: في مطلع شهر آب الحالي، بينت الجهات المنفذة وجود صعوبات تتعلق بكميات ردم إضافية تحتاج لملحق عقد لإزالتها حسب ما ورد في اجتماع دار في مبنى وزارة الأشغال العامة والإسكان بحضور وزيري الأشغال العامة والإسكان المهندس سهيل عبد اللطيف والإدارة المحلية والبيئة المهندسة لمياء شكور ومحافظي دمشق المهندس محمد طارق كريشاتي وريف دمشق أحمد إبراهيم خليل لبحث أسباب التأخير الحاصل بتنفيذ مدينة معارض السيارات بمنطقة الدوير بريف دمشق، وتم تكليف اللجنة المشكلة في وزارة الأشغال العامة والإسكان بدراسة موضوع تبرير التأخير وحل الخلاف، ولاسيما أن الشركات الإنشائية العامة لديها القدرة والإمكانيات اللازمة لتنفيذ المشروعات وفق أفضل الشروط والمواصفات.
وتعقيباً على هذه التعثرات والمعضلات والأسباب التي بررت سبب تأخير تنفيذ المشروع منذ ست سنوات، نرى بأن التعسف الإداري وسوء التنظيم والتخطيط والتواصل بين المديريات والوزارات، أدت لفشل مشروع مدينة المعارض للسيارات، فكان يجب إعلان المشروع في بدايته قبل الاجتماع والنقاش ومعرفة مدى فاعلية كل المديريات المعنية بتنفيذ هذا المشروع، الأمر الذي استوجب تدخلاً وزارياً في الاجتماع الأخير والذي دعا للعمل فوراً وتنفيذ المشروع بأقصر وقت ممكن، مع تقديم المبررات المقنعة، وبهذا التصور يتجلى أهمية المشروع على مستوى محافظتي دمشق وريفها، والذي استدعى تدخل الوزراء، ولكن هل سيكون للتدخل الوزاري هذا أمر إيجابي بسرعة التنفيذ، أم كسابقاته من الاجتماعات التي كانت تحدد موعد الافتتاح وبعدها بأسابيع قليلة تؤجله؟، وهل المشروع اليوم يحتاج إلى اجتماعات ونقاشات يفترض أنها انتهت منذ بدء العمل به؟ أليس المشروع بحاجة للعمل وسرعة التنفيذ مع تذليل كل الصعاب والمعوقات أم فعلاً هو بحاجة تصالح حكومي_ حكومي؟.
يشار إلى أن «الاقتصادية» تواصلت مع مدير مديرية معارض السيارات المهندس يمان افندر، حول أسباب التأخير ومعرفة واقع التنفيذ وتذليل الصعوبات وعن آلية العمل ومعرفة نسبة التنفيذ من المشروع، ولكنه اعتذر وحولّ الأمر لمحافظ ريف دمشق، واكتفى بأن الوضع جيد والأصداء ستكون إيجابية قريباً.
كما تواصلت «الاقتصادية» مع وزارة الأشغال العامة والإسكان، وكان الرد بأن محافظة ريف دمشق ومديرية المعارض هما أصحاب المشروع.
وبعدها، تواصلت «الاقتصادية» مع محافظة ريف دمشق، وبيّن مصدر فيها أن الوقت الحالي تتم فيه دراسة الإمكانيات للانطلاق بالعمل، وعند الانطلاق بالعمل سيتم إعطاء «الاقتصادية» رداً صحفياً مفصلاً.
والعبرة هنا، هل بيان واقع مشروع مدينة المعارض للسيارات بحاجة إلى كل هذه المداخلات والرفض؟ ما الأسباب التي تدعو المعنيين لعدم إعطاء التصاريح الصحفية؟
الجدير ذكره، أن محافظة دمشق أعلنت في وقت سابق عن إغلاق أي مكتب لبيع وشراء السيارات في دمشق في حال لم يسجل في مشروع مدينة معارض للسيارات في منطقة الدوير بريف دمشق، وتغريمه بمبلغ 150 ألف ليرة كبدل إغلاق يومي، حيث إن مكاتب السيارات الموجودة ضمن دمشق والتي سجلت في مشروع مدينة المعارض للسيارات في الدوير تُمنح مهلة عام قبل اتخاذ إجراءات جديدة بحقها سواء بالتريث وإبقائهم في دمشق أم نقلهم إلى الدوير، الأمر الذي اعتبره أصحاب المحال والمكاتب المخصصة للسيارات تعسفياً وغير مقبول ولا يجوز الإجبار عليه.