الفاو: سورية والزيتون… وهذا البلد الجميل… تراجع استهلاك الفرد السوري بسبب الغلاء لـ3 كيلو غرامات سنوياً… مديرة مكتب الزيتون لـ«الاقتصادية»: سورية الموطن الأصلي للشجرة وتشغل مساحة الزيتون 12 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية
| الاقتصادية
أطلقت منظمة الأغذية والزراعة FAO، وفي مجال» إعداد السياسات والخطط الاستثمارية من أجل التنمية المستدامة لسلاسل القيمة للمنتجات الزراعية الخاصة في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، واستجابة للتحديات الحالية والناشئة وبهدف التحول إلى أنظمة زراعية وغذائية أكثر كفاءة واستدامة، وتحسين الإنتاج كمّاً ونوعاً، حيث أعدت خطة عمل بشأن التطوير الأخضر للمنتجات الزراعية، مبادرة « بلد واحد منتج واحد ذو أولوية « ضمن إطار إستراتيجية المنظمة للفترة 2021-2031، وذلك بهدف دعم البلدان المشاركة بهذا المشروع لمنتجاتها ذات الأولوية، وهي (التمور في الأردن، والحمّص في لبنان، والخروب في المغرب، ، والهريسة في تونس، والقهوة في اليمن، والزيتون في سورية)، من خلال تحسين أداء سلسلة القيمة للمنتج ذي الأولوية المحددة من قبل كل دولة وصولاً إلى تحسين جوانب الاستثمار والشراكات بين مختلف الجهات المعنية بهذه السلسلة.
ذو أولوية
وفي إطار اتفاقية التعاون الفني الإقليمي بين وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومنظمة الأغذية والزراعة FAO قالت مديرة مكتب الزيتون عبير جوهر: شاركت سورية في هذه المبادرة وتم اختيار الزيتون من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كمنتج ذي أولوية في سورية لاعتبارات عديدة أهمها، وبدايةً أن الموطن الأصلي لهذه الشجرة المباركة هو سورية ومنها انتقل إلى دول البحر الأبيض المتوسط وفق ما أكدته الدراسات التاريخية والمكتشفات الأثرية من الوثائق والرقم في مملكة إيبلا التي أشارت إلى وجود أقدم علاقة تجارية بين إيبلا وروما منذ أكثر من 2400 سنة قبل الميلاد.
كما تمتلك هذه الشجرة أهمية ثقافية واجتماعية مميزة فهي مرتبطة بعاداتنا الغذائية، فزيتها مكون أساسي في وجباتنا اليومية، كما تسهم زراعة الزيتون في تحسين سبل العيش للمزارعين في ريف أغلب المحافظات، وبالتالي فإن النهوض بهذا القطاع يسهم في تحقيق التنمية الريفية المستدامة لهذه المجتمعات. هذا وتعتبر شجرة الزيتون الشجرة الرئيسة والأكثر انتشاراً في سورية، وتشغل مساحة لا تقل عن 674762 هكتاراً أي ما يعادل 12 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية في سورية وهي مزروعة بـ101 مليون شجرة تعود إلى أكثر من 70 صنفاً من الزيتون، كما تعد منتجات هذه الشجرة الأساسية من الزيتون والزيت من أهم مكونات الأمن الغذائي وأهم المنتجات الزراعية التي تمتلك ميزة تصديرية ومواصفات منافسة في الأسواق العالمية، ومنتجاتها الثانوية رافد أساسي للعديد من الصناعات كصناعة الصابون ومواد إنتاج الطاقة وصناعة الأسمدة العضوية والأعلاف، كما يعتبر زيت الزيتون حالياً من أهم المنتجات التصديرية نتيجة تراجع إنتاجه عالمياً بسبب التغيرات المناخية وزيادة الطلب العالمي له لما يتمتع به من خصائص صحية وتغذوية تميزه عن غيره من الزيوت النباتية المكررة، ما أدى لارتفاع أسعاره إلى مستويات عالية جداً.
تحسين سلسلة قيمة المحصول
صممت الرؤية والإستراتيجية الموصى بها من خلال مبادرة منظمة الفاو، لتحسين سلسلة قيمة الزيتون في سورية بناءً على الأدلة والحقائق التي أثبتتها نتائج تحليل البيانات الثانوية والأولية التي تم جمعها خلال إعداد الدراسة من فريق متخصص مؤلف من خبير وطني من منظمة الفاو وفنيين متخصصين من مكتب الزيتون في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وبناءً على المقابلات الميدانية المباشرة مع كل فئات الجهات الفاعلة ضمن سلسلة القيمة الأساسية للزيتون وأصحاب المصلحة، وعلى القضايا ذات الأولوية والصلة، أو الأهمية لسلسلة قيمة الزيتون لتصميم إستراتيجية التحسين المقترحة في سورية ما ينسجم إلى درجة كبيرة مع إستراتيجية وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التي حددها ملتقى القطاع الزراعي 2021-2030.
كما نوقشت جميع النتائج المُستخلَصة من عملية جمع البيانات والآثار المترتبة على إستراتيجية التحسين المحتملة وخطة التنفيذ بصورة كاملة مع أصحاب المصلحة في سورية خلال ورش العمل التي نظّمتها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في سورية، ثم قام بتيسيرها فريق تحليل سلسلة القيمة في منظمة الأغذية والزراعة في سورية بما يتوافق مع منهجية منظمة الأغذية والزراعة المعتمدة على تحليل البيئة المواتية وتقييم الاستدامة الاقتصادية وتقييم الاستدامة الاجتماعية والاستدامة البيئية، والتقييم النوعي لمرونة سلسلة قيمة الزيتون في مواجهة الصدمات والتحديات المختلفة التي يمكن أن تواجهها هذه السلسلة في سورية.
نقاط القوة والضعف والفرص
وحددت الدراسة أهم نقاط القوة والضعف والفرص والأخطار والتهديدات المحتملة لسلسلة القيمة للزيتون، وركزت إستراتيجية التحسين المقترحة على توظيف عامل النجاح الحاسم، وهو (إمكانيات التسويق) والمتمثل بزيادة الإنتاج من زيت الزيتون ما يتوافق مع المعايير والمواصفات العالمية التي يفرضها الطلب، وحددت الشروط المسبقة لضمان نجاح الخيارات المقترحة واستدامتها وفق ركيزتين أساسيتين:
1- نظام مراقبة قوي لمراقبة الجودة
2- نظام حوكمة قوي وشامل
وذلك للوصول إلى الخيارات الإستراتيجية الآتية:
– تطوير آليات تسويقية داعمة لنظام الجودة.
– تغيير مواقف المستهلكين نحو جودة زيت الزيتون بطريقة إيجابية.
– تحسين أداء معاصر الزيتون.
– تحفيز المزارعين على تبنّي الممارسات الزراعية السليمة لتحسين إنتاجهم من زيت الزيتون.
والجدير ذكره أن إمكانية الوصول إلى الأهداف السابقة تتطلب:
– التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الزراعة.
– الاستناد إلى الطلب واستهداف الميزة النسبية للزيتون والتركيز على تحسين أداء سلسلة القيمة لمنتجاته.
– الاستفادة من النظم البيئية لتطوير نظم الإنتاج وتعزيز التحول إلى التكنولوجيا الخضراء النظيفة.
– إشراك الفاعلين في سلسلة القيمة في تحقيق وتطبيق هذه الإستراتيجية وفق برامج وأنشطة تعتمد على وسائل مبتكرة لزيادة الإنتاج ورفع جودة المنتجات من الزيتون والزيت.
الإستراتيجية المقترحة
تراعي الإستراتيجية المقترحة في هذه المبادرة نهجاً شاملاً للاستدامة والشمولية في عملية تطوير وتحسين سلسلة القيمة للزيتون، من أجل تجنب أي آثار سلبية محتملة لتدخّلات التحسين المقترحة، ولضمان أقصى قدر من المرونة والقدرة على مواجهة الصدمات المحتملة.
أخيراً: نجد أن الرؤية الإستراتيجية المقترحة لسلسلة القيمة للزيتون في سورية في إطار مبادرة منظمة الفاو «بلد واحد منتج واحد ذو أولوية»، ستعمل على تحسين وضع منتجاتنا من زيت الزيتون وفق مجموعة من الإجراءات لتحديث وتطوير الخطوات المختلفة لسلسلة القيمة لتكون أكثر مرونة وأكثر ذكاءً مناخياً في حلول عام 2033، ما سيسمح بزيادة الإنتاج وتحسين الجودة وزيادة قيمة الصادرات العالية الجودة وزيادة فرص العمل في كامل سلسلة القيمة للزيتون للوصول إلى أهدافها الإستراتيجية ما يتوافق مع السياسة الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة.
740 ألف طن إنتاج الزيتون
قدّر إنتاج الزيتون في سورية بشكل أولي بحوالى /740280/ طناً، أي بزيادة نحو 6 بالمئة عن الموسم الفائت، يخصص من هذا الإنتاج نحو / 148055/ طناً لتصنيع زيتون المائدة، والجزء الأكبر نحو /592224/ طناً يوجه للعصر وإنتاج زيت الزيتون، والذي يتوقع أن ينتج عنه نحو /94754/ طن زيت زيتون، علماً أن كمية الزيت حسبت بنسبة 16 بالمئة من وزن الثمار، نظراً لاحتمال انخفاض نسبة التحويل في المعاصر نتيجة النضج القسري للثمار ونتيجة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة لفترات زمنية طويلة نسبياً، وفي فترات حرجة من نمو وتطور الثمار والاصطناع الحيوي للزيت، واحتمال ظهور علامات الجفاف على الثمار نتيجة عدم قدرة أغلب المزارعين على تقديم الري التكميلي في هذه المرحلة وبالتالي صعوبة استخلاص وانخفاض في مردود الزيت.
كما تشير التقديرات الأولية لإنتاج الزيتون في المناطق الآمنة إلى زيادة في الإنتاج تقدر بنحو 11 بالمئة عن الموسم الفائت، حيث قدر إنتاج الزيتون فيها بحوالى/ 429865,5/ طن زيت، أي نحو 58 بالمئة من إجمالي الإنتاج، والذي يتوقع أن ينتج عنه كمية من الزيت تقدر بحوالى /55004/ أطنان، أي بزيادة 6000 طن عن الموسم الفائت.
هذا وكان قد قدّر أعلى إنتاج هذا الموسم في المناطق الآمنة في محافظة حماة، حيث وصل إلى 91985 بمتوسط إنتاج للشجرة نحو 8كغ. حسب «جوهر».
ولدى مقارنة كميات الإنتاج المتوقع لهذا الموسم مع إنتاج الموسم الفائت نجد أن هناك زيادة طفيفة بالإنتاج، علماً أن هذا الموسم يفترض أن يكون سنة حمل بعد سنة معاومة، باستثناء محافظة حلب حيث يعتبر هذا الموسم سنة انخفاض حمل في مناطق خارج السيطرة.
نظراً لعادات الاستهلاك السائدة حالياً لزيت الزيتون والمرتبطة بشكل أساسي بارتفاع الأسعار وانخفاض قدرة المواطن الشرائية، حيث أصبح معدل استهلاك الفرد لا يتعدى 3 كغ سنوياً وفق ما أشارت إليه حركة التداول لزيت الزيتون في الأسواق المحلية، والتي تؤكد وجود كميات مخزنة من الزيت من الموسم الفائت، ما يشير إلى انخفاض حجم الإنتاج المخصص للاستهلاك المحلي في المناطق الآمنة والذي قدر 48000 طن، وبالتالي تكون كمية الفائض عن الاستهلاك من زيت الزيتون نحو 7000 طن يمكن تصديره للاستفادة من ارتفاع السعر العالمي لزيت الزيتون والذي وصل حالياً إلى نحو 8000 يورو/ طن.