3,5 مليارات دولار لتنفيذ إستراتيجيتها … الطاقات المتجددة.. مقومات ضخمة واستثمار لايزال في بداياته … هل ستتحقق إستراتيجية الطاقات لإنتاج 4 آلاف ميغا واط حتى عام 2030؟
| غزل إبراهيم
مقومات ضخمة تمتلكها سورية في مجال الطاقات المتجددة من حيث الموقع والمناخ، ويؤدي تسخيرها بالطريقة الصحيحة ليس فقط إلى تغيير مشهد الطاقة في سورية بل إلى التأثير في سوق الطاقة الإقليمي، لكن الطريق لاستغلال هذه الطاقات محفوف بالتحديات نظراً لضعف التمويل والتكلفة المرتفعة لها والتي تحتاج إلى ميزانيات طائلة.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات فإن الاهتمام والتشجيع على الاستثمار فيها مستمر وصدر العديد من المراسيم والقرارات المهمة بما يدعم رؤية وزارة الكهرباء لتحقيق إستراتيجية الطاقات المتجددة لإنتاج 4 آلاف ميغاوات حتى عام 2030.
«الاقتصادية» طرحت موضوع الاستثمار في الطاقات المتجددة مع معاون مدير عام المركز الوطني لبحوث الطاقة للشؤون العلمية الدكتور يونس علي الذي شرح واقع الطاقات وإنتاجيتها الحالية والخطط التي تعمل الوزارة على تنفيذها.
للقطاع الخاص الحصة الأكبر
صدرت العديد من التشريعات والقرارات لتحفيز الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، وتحقيق إستراتيجية الوزارة حتى عام 2030 لإنتاج 4000 ميغاواط، منها 2500 ميغاواط مشاريع كهروضوئية و1500 مشاريع كهروريحية، سيتولى القطاع الخاص مهمة تنفيذ الجزء الأكبر من هذه المشاريع نظراً للمرونة التي يتمتع بها هذا القطاع وقدرته على تأمين السيولة اللازمة إذ يقدر حجم التمويل اللازم لهذه الإستراتيجية بنحو /3,5/ مليارات دولار- وفقاً لعلي-.
المشاريع المنفذة
الوزارة وضعت مجموعة من مشاريع الطاقات المتجددة ضمن خطتها الاستثمارية التي سيتم تنفيذها على أساس مفتاح باليد وفق أحكام قانون العقود، ومن هذه المشاريع على سبيل المثال المشروع الكهروضوئي باستطاعة /37/ ميغاواط في منطقة جندر ومن المتوقع البدء به قريباً، كما أن الوزارة تعمل على تنفيذ العديد من المشاريع التي ستدخل في الخدمة خلال الفترة المقبلة.
وفيما يخص القطاع الخاص يؤكد علي أن عدد المشاريع الكهروضوئية المنفذة بلغ نحو /150/ مشروعاً باستطاعات مختلفة مربوطة على شبكة التوزيع، وباستطاعة إجمالية تصل إلى نحو /100/ ميغاواط، وحاليا هناك نحو /200/ مشروع قيد الترخيص وقيد التنفيذ باستطاعة نحو /300/ ميغاواط. في حين يقدر إجمالي الاستطاعة المركبة للمنظومات الكهروضوئية المستقلة عن الشبكة بنحو /1500/ ميغاواط.
أكثر من 12 ألف مستفيد
إحداث صندوق دعم الطاقات المتجددة شكل نقلة نوعية وعاملاً محفزاً لدعم مشاريع الطاقات المتجددة من كل الشرائح والقطاعات كافة، ولحد الآن تجاوزت نسبة المستفيدين من الصندوق الـ /12/ ألف مواطن في مختلف المناطق والمحافظات السورية، باستطاعة إجمالية بلغت لتاريخه نحو /20/ ميغاواط.
وهناك توجه لتطوير عمل الصندوق وزيادة نسبة مساهمته للتشجيع على الاستفادة من تطبيقات الطاقات في جميع القطاعات ولاسيما القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية.
آليات التمويل
تتولى الخزينة العامة للدولة تمويل المشاريع الخاصة المطروحة للتنفيذ على أساس مفتاح باليد لدى الوزارة، حيث يتم تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لها وفق برنامج تسديد قيمتها المحددة بموجب العقود الموقعة.
أما بالنسبة لمشاريع القطاع الخاص فإن تمويلها يقع على عاتق أصحاب هذه المشاريع أنفسهم، وتنحصر مسؤولية وزارة الكهرباء في هذه الحالة بشراء الكهرباء المنتجة منها وفق الأسعار التشجيعية المعتمدة، أو الالتزام بنقل الكهرباء عبر الشبكة العامة إلى المواقع التي يحددها أصحاب هذه المشاريع، في حال تم الترخيص لبيع الكهرباء للغير، أي لمشتركين آخرين.
152 مليار ليرة قيمة الشراء من الخاص
تلتزم وزارة الكهرباء بموجب الاتفاقيات الموقعة مع أصحاب المشاريع الخاصة بشراء الكهرباء المنتجة منها بسعر تشجيعي يعادل 7 يورو أي ما يعادل /950/ ل.س لكل كيلوواط ساعي، ويقدر حجم الإنفاق الناجم عن شراء الكهرباء من هذه المشاريع بـ/152/ مليار ل.س.
نسبة المساهمة في ميزان الطاقة
تسهم الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة لأي بلد وتعتبر من المؤشرات المهمة لتقييم تقدمها ومدى توجهها نحو الطاقات النظيفة، وفي سورية تغيرت نسبة مساهمة مصادر الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة بشكل جوهري، فمثلا كان الطلب الكلي على الطاقة الأولية في عام 2011 نحو 24 مليون طن مكافئ نفطي، شكلت مساهمة الطاقات المتجددة (المائية- الكتلة الحيوية) فيه نحو 5 بالمئة، لكن اليوم بسبب تداعيات الحرب انخفض إلى نحو 10 ملايين طن مكافىء نفطي.
كما انخفض إنتاج المحطات الكهرومائية من /2,5/ مليار كيلوواط ساعي في السنة إلى أقل من 400 ألف كيلوواط، فيما ارتفعت كمية الطاقة المستخلصة من الكتلة الحيوية بسبب زيادة إقبال المواطنين على استخدام أخشاب الغابات لأغراض التدفئة والطبخ من 600 ألف طن مكافئ نفطي في السنة إلى نحو 1 مليون طن مكافىء نفطي، أي ما يعادل نحو 10 بـالمئة من الطلب الكلي على الطاقة الأولية في ميزان الطاقة السوري لعام 2022، في حين بلغت مساهمة المشاريع والمنظومات الكهروضوية نحو / 2,5/ مليار ك. واط ساعي في السنة، وإلى الآن لا تزال مساهمة الطاقة البديلة في قطاع الطاقة الكلي متواضعة للغاية.
تحديات توطين الطاقة البديلة في سورية
رغم التفاؤل الكبير بمستقبل الطاقات المتجددة إلا أن التحديات والعقبات لا تزال كبيرة أمامنا وعلى رأسها تأمين الأرض اللازمة وبشكل خاص لمشاريع الطاقة الشمسية التي تحتاج مساحات كبيرة من الأراضي، في وقت وضعت فيه وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ضوابط لتخصيص الأراضي حسب طبيعة المشاريع الاستثمارية وبما يتوافق مع التصنيف المعتمد لهذه الأراضي، ما يضع المستثمر الراغب في الاستثمار أمام صعوبات إيجاد الأرض المناسبة وبالمساحات الكافية للمشروع.
ولتفادي هذه المشكلة اتفقت وزارة الكهرباء مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي على تحديد المواقع الجغرافية التي تتوافر فيها الشروط المناسبة لإقامة المشاريع، وبما لا يتعارض مع خطط الوزارات والجهات العامة ذات الصلة، وأن تكون هذه المواقع في منطقة الاستقرار الزراعي الخامسة غير القابلة لاستخدامها للزراعات المروية أو الرعوية.
أما مشاريع طاقة الرياح فيمكن أن تكون في كل الصفوف التي تتوافق مع أحكام البلاغ رقم 15/ 17بتاريخ 2022/6/1.
وتحدد وزارة الكهرباء نوع المشروع ومدة تنفيذه والمساحة المطلوبة، مقابل استيفاء وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إيجاراً عن مساحة الأرض المطلوبة خلال مدة التنفيذ بمقدار الحد الأدنى من قيمة الإيجار المعتمد لأراضي أملاك الدولة لمصلحة الخزينة العامة للدولة، وبعد التشغيل التجاري للمشروع تصبح بدلات استخدام الأرض بواقع 1 بالمئة من إيرادات بيع الكهرباء المنتجة.
كما أن هناك صعوبة أخرى تتمثل بتأمين التمويل اللازم لمشاريع الطاقة لارتفاع تكلفتها التأسيسية ولاسيّما الكبيرة منها، وهنا تكمن أهمية تفعيل دور القطاع المصرفي الحكومي والخاص ومساهمته في إتاحة التمويل لمثل هذه المشاريع وفق آليات إقراض ميسرة وواضحة وشفافة.
المحافظة على البيئة
التوجه نحو الطاقات المتجددة وزيادة التوسع باستخدامها يعتبر من التوجهات العالمية التي ترمي إلى الحفاظ على البيئة لكونها تسهم في تخفيف الأضرار والانبعاثات الغازية، حيث يوفر كل كيلوواط ساعي منتج من المصادر المتجددة نحو 250 غراماً من الوقود الأحفوري وبالتالي التقليل من الانبعاثات الضارة بما يعادل 750 غراماً من غاز ثاني أكسيد الكربون.
انخفاض الأسعار عالمياً
يشهد العالم تراجعاً ملحوظاً في أسعار تقنيات الطاقات المتجددة ولاسيما في تقنيات الخلايا الكهروضوئية، حيث أصبحت الكلفة التأسيسية للمشاريع الكهروضوئية أقل من التكلفة التأسيسية لمثيلاتها من المشاريع التقليدية حسب الاستطاعة المركبة.
لكن أسعار تجهيزات الطاقات المتجددة في أي سوق تخضع في كثير من الأحيان إلى قوانين العرض والطلب، إضافة إلى بعض الظروف والعوامل الخاصة بكل بلد والتي تؤثر بطريقة ما على أسعار هذه التجهيزات.
الجودة
هناك آلية متّفق عليها بين وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والمديرية العامة للجمارك والمركز الوطني لبحوث الطاقة في الوزارة لمراقبة جودة تجهيزات الطاقات المتجددة المستوردة حيث يتم التأكد من حصول هذه التجهيزات على وثائق وشهادات الجودة المطلوبة قبل السماح باستيرادها وطرحها في السوق المحلية.
ويسعى المركز حالياً لتأمين بعض التجهيزات المخبرية الخاصة باختيار جودة بعض هذه التجهيزات، ولاسيما اللواقط الكهروضوئية والبطاريات، ومن المتوقع وضعها بالخدمة قبل نهاية هذا العام، وبالتالي سيكون هناك برنامج خاص لمراقبة جودة التجهيزات المطروحة في السوق بالتعاون مع الجهات المعنية ولاسيما وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك- بحسب علي.
توطين صناعة التجهيزات
مساع وجهود كبيرة تبذل لتوطين صناعة تجهيزات الطاقة المتجددة محلياً، نتيجة ازدياد الطلب عليها، حيث يقدر حجم الطلب السنوي على اللواقط الكهروضوئية بما لايقل عن500 ميغاواط سنوياً حتى عام 2030، وإنتاجها محليا سيوفر كميات كبيرة من القطع الأجنبي اللازم لاستيراد هذه التجهيزات.
وحالياً هناك ثلاثة معامل محلية لتصنيع اللواقط الكهروضوئية، منها معمل «سولاريك» الذي تعود ملكيته للدولة بالكامل، لكنه متوقف عن العمل وبحاجة إلى تحديث خط الإنتاج لمواكبة أحدث التقنيات، ولإجراء عملية الصيانة تسعى الوزارة بالتعاون مع وزارة الصناعة للتعاقد مع شريك من القطاع الخاص لتحديثه.
والمعمل الثاني في المدينة الصناعية في حسياء وهو عائد للقطاع الخاص بالكامل، لكنه متوقف عن العمل منذ سنوات لأسباب متعلقة بأصحاب هذا المعمل.
وهناك معمل ثالث «فينيكس» في اللاذقية تعود ملكيته للشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو100 ألف لوح سنوياً.
إضافة إلى معمل لتصنيع العنفات الريحية في المدينة الصناعية في حسياء والذي تعود ملكيته إلى إحدى جهات القطاع الخاص والتي توّلت تركيب عنفتين ريحيتين استطاعة كل منهما /2,5/ ميغاواط، غربي مدينة حمص على جانب الطريق الدولي حمص- طرطوس.
ويجري العمل على إدخال معامل أخرى في الخدمة وتم منح التراخيص لإنشاء بعضها والبعض الآخر قيد الترخيص.