الاقتصاد ببساطة

رفع نسبة القيمة الرائجة المحولة

| د.علي محمود محمد

عطفاً على القراءة التي أوردناها عن قانون البيوع العقارية في عدد «الاقتصادية» بتاريخ 14/07/2024 والتي خَلُصت إلى حجم تداولات القطاع العقاري «بيعاً وشراءً» بحسب ما تمكّنا من الحصول عليه من معلومات بعد إصدار القرار رقم 15 لعام 2021، والتي أفصحت عن ضخامة هذا القطاع حيث بلغت عمليات البيوع العقارية في العام 2022 (كرقم على سبيل المثال) نسبة 55 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للعام 2021 البالغ حينها 25,937 مليار ل.س، ويمثل هذا الرقم أيضاً نسبة 107 بالمئة من إجمالي موازنة العام 2022 والبالغة حينها 13,325 مليار ل.س.

وفي هذا السياق، فقد كان قد سبق إصدار قانون البيوع العقارية إصدار للقرار رقم 5/م. وتاريخ 20/01/2020 والذي ألزم الجهات العامة المخولة بمسك سجلات ملكية للعقارات والمركبات بعدم توثيق هذه العقود قبل إرفاق ما يشعر بسداد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك، ليُعدّل لاحقاً بالقرار رقم 28/م. وتاريخ 23/03/2021 والذي ألزم بسداد مبلغ لا يقل عن 5 ملايين ل.س لعمليات بيع العقارات السكنية والتجارية، ومبلغ مليون ليرة لعمليات بيع الأراضي، مع تجميد مبلغ 500 ألف ل.س في حساب البائع لـ3 أشهر، ومن ثم انتقل المشرّع إلى ربط قيمة المبلغ الواجب تحويله عبر الحسابات المصرفية بنسبة مئوية من القيمة الرائجة للعقار والتي حددها بنسبة 15 بالمئة بموجب القرار رقم 7/م. وتاريخ 13/02/2022، ومن ثم أصبحت النسبة 50 بالمئة بموجب القرار رقم 9/م. وتاريخ 01/02/2023 والسّاري لغاية اليوم.

بناءً عليه يتضح أن الإستراتيجية الحكومية المتوافقة مع توجهات المصرف المركزي تقضي بجذب جزء من الكتلة النقدية التي يتم تداولها في القطاع العقاري إلى الجهاز المصرفي ومحاولة توطين جزء منها لتوظيفها بما يتوافق مع الأهداف النقدية، ولاسيما مع الأحاديث التي يتم تداولها في بعض الأوساط عن أن التسعير في القطاع العقاري يكون في جُلّه بالقطع الأجنبي، وربما السّداد كذلك، لذلك فقد تمّ بموجب هذه القرارات إجبار طرفي عملية البيع بتحويل نسبة 50 بالمئة من قيمة العقار الرائجة بالليرة السورية من حساب المشتري إلى حساب البائع والتي قد يتم سحبها كاملةً (عدا 500 ألف ليرة التي تجمد لـ3 أشهر) وفق قرارات المصرف المركزي بخصوص سقوف السحب اليومية، مع المحاولة الدائمة لجذبها وتأطيرها ضمن الأقنية المصرفية بما يعزز من ضبط هذا الجزء من الكتلة النقدية التي تدور في فلك السوق العقاري من دون ضابط، والتي تؤثر بشكل أو بآخر في قدرة السلطة النقدية في تحقيق الاستهدافات التي ترسمها نقدياً، كما أن بقاء هذه الكتلة في السوق من شأنه التأثير السلبي على الاقتصاد برمّته، سواءً من حيث احتمالات المضاربة على الليرة السورية أو من خلال التشوّه الذي قد تُحدثه نتيجة إقصاء هذه الكتلة النقدية عن التوجه للمشاريع الإنتاجية التي يستهدف المصرف المركزي تمويلها (ولاسيما بعد إصداره للقرار رقم 204 في العام 2023) باعتبارها تحقق قيماً مضافةً للاقتصاد الوطني عوضاً عن الدور السلبي للكتلة النقدية خارج المصارف.

وانطلاقاً من ذلك، فإن رفع النسبة الواجب تحويلها عبر الحسابات المصرفية لتصبح بين 60 بالمئة و75 بالمئة من القيمة الرائجة للعقار قد حان وقته لاسيما مع الاتجاه الحكومي المتزايد لتفعيل أدوات الدفع الالكتروني ومع الاستقرار النسبي الذي يشهده سعر صرف الليرة السورية منذ عام تقريباً، على أن يترافق هذا القرار «إن تم إقراره» مع رفع رصيد السحب اليومي لهذه العمليات لتصبح 50 مليون ليرة يومياً عوضاً عن 25 مليون ليرة المعمول بها الآن، وبهذه الإجراءات ستتعمّق وتزداد بلا شك فعالية هذا التوجه الخاص بالبيوع العقارية تمهيداً للوصول إلى المرحلة التي يصبح فيها التحويل لكامل قيمة العقار عن طريق المصارف والمؤسسات المالية حصراً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى