مشروعات رائدة… عمرانية وخدمية لممارسة دورها كسابق عهدها … مدلجي لـ«الاقتصادية»: مشاريع مجلس المدينة تعيد الألق والحياة لحلب العاصمة الاقتصادية للبلاد
| حلب- خالد زنكلو
من رحم فوضى مركز مدينة حلب ولدت مشاريع مجلس مدينتها. جهود كبيرة تبذل لتوظيف الوسط التجاري للمدينة، كي يضج الجمال بالحياة، ولتقترن روح المكان بعذوبة التفاصيل والأثر المبدع لأفق وتطلعات المخططين ولمسات منفذي المشاريع.
خطط صاخبة وعمل دؤوب لجعل مركز المدينة التجاري أكثر اتساقاً مع هوية المنطقة التاريخية وأكثر انسجاماً مع دور ومستقبل عاصمة البلاد الاقتصادية.
تصاميم حافظت على طابع النسيج العمراني الخالي من طبقات البناء المتعددة، من «سوق البشائر» الخدمي السياحي إلى مركز النقل الداخلي. نقل البسطات والباعة الجوالين من وسط المدينة إلى موقع مناسب، مع إعادة تأهيل وتحسين الفراغات العامة من ساحات وحدائق، وإزالة الإشغالات والتعديات على سور المدينة القديمة الغربي وشارع باب أنطاكية، وكشف السور لإظهار قيمته الأثرية، مع تحسين المظهر العمراني العام للمكان بمنطقة خضراء أمام السور، فيها براكيات خشبية ومعدنية ومنطقة خاصة بالمشاة، مع رصف الطريق لتخديم النقل الداخلي.
وأكد رئيس مجلس مدينة حلب الدكتور المهندس معد مدلجي أن الغاية من مجمل المشاريع التي ينفذها المجلس في مدينة حلب، هي إعادة الألق والحياة إليها لممارسة دورها كسابق عهدها عاصمة للاقتصاد الوطني في البلاد، لما تتمتع به من مقومات تؤهلها للعب هذا الدور.
أسواق المدينة القديمة إلى الحياة مجدداً
وبين الدكتور مدلجي، لصحيفة «الاقتصادية»، أن حلب القديمة بأسواقها المغطاة مع الخانات والقيسريات «تشكل نماذج رائعة للأحياء التجارية، ويختص كل من الأسواق الـ38 بنوع معين من المبيعات، تسمى بحسب اختصاصها، وبطول إجمالي على الطرفين مقداره 15 كيلو متراً وبمساحة 16 هكتاراً، وتمتد أسواق حلب القديمة متصالبة ومتعارضة ومتداخلة في تجمع تجاري على طرفي الطريق المستقيم الممتد من باب أنطاكية إلى قلعة حلب، والذي يعتبر الشريان الرئيسي لأسواق حلب القديمة المغطاة، ويحتوي 9 أسواق هي: باب أنطاكية وخان التتن والبهرمية والأحمدية والسقطية الغربي والشرقي والعطارين والعبي والزرب».
وكشف أنه جرى الانتهاء من إعادة تأهيل 10 أسواق بتشاركية بين مجلس المدينة مع جهات أخرى، ومنها: سوق السقطية الغربي الذي يبلغ عدد محاله 53 محلاً تجارياً تشتهر ببيع الغذائيات واللحوم والمكسرات، وتم تنفيذ الأعمال فيه بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس مدينة حلب، المديرية العامة للآثار والمتاحف، محافظة حلب، الأمانة السورية للتنمية ومؤسسة الآغا خان للخدمات الثقافية، حيث جرى تأهيل البنى التحتية من صرف صحي ومياه وهاتف وكهرباء، إلى جانب إعادة الرصف بالبلاط البازلتي وترميم القباب المتضررة بفعل الإرهاب وتنظيف الواجهات الحجرية والأقواس الحجرية بعد إزالة الكحلة القديمة وترميم الأبواب الخشبية لمدخل ومخرج السوق وترميم باب خان الجمرك، وتركيب أبواب خشبية للمحال حسب نموذج المدينة القديمة بعد إزالة الدرابيات المعدنية وصب عدسة للسطح بعد عزله بشكل كامل، وإنارة السوق بالطاقة البديلة، مع منح أصحاب المحال التجارية منحة مالية من الأمانة السورية للتنمية لإنجاز أعمال الترميم داخل المحال.
وأوضح أن تنفيذ الأعمال في سوق خان الحرير، الذي يعتبر أهم مدخل للأسواق التقليدية من الطرف الشمالي بمحاله الـ60 «جرى بموجب مذكرة تفاهم موقعة بين الجهات السابقة ذاتها، وفيه 3 خانات أثرية ضمنه، وهي: خان الحرير والجاكي والبنادقة، والتي تشتهر ببيع الضيافة والمكسرات في الجزء الشمالي وبيع الأقمشة، والحرير في الجزء الجنوبي، أما الأعمال المنفذة فهي مماثلة لأعمال السقطية الغربي، وهو حال سوق الأحمدية بمحاله التجارية الـ22 وسوق الحبال ذي 60 محلاً وسوق السقطية الشرقي الذي يحتوي على 30 محلاً تجارياً، والقسم الشمالي من سوق المحمص المكون من 30 محلاً أيضاً، والمؤهل من الجهات نفسها، وبالأعمال المنفذة ذاتها».
وذكر أن أعمال سوق الحدادين بمحاله الـ47، نفذت بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين مجلس مدينة حلب، المديرية العامة للآثار والمتاحف، محافظة حلب، الأمانة السورية للتنمية ومنظمة «ريسكاتا»، إذ ركبت الأبواب الخشبية والمظلات الخشبية وإنارة بالطاقة البديلة بعد ترميم المحال بالمشاركة مع المجتمع المحلي، «أما سوق النسوان بمحاله الـ72، فنفذت أعماله بالتشاركية مع المجتمع المحلي، بعد منح تراخيص الترميم اللازمة من مجلس مدينة حلب، على حين أعيد تأهيل الأسواق التجارية خارج الأسواق التقليدية بالتشاركية مع المجتمع المحلي، ومنها سوقا الزهراوي والسويقة شمالي الجامع الأموي وسوق جب القبة، وسوقا باب النصر وجادة الخندق وسوق بوابة القصب، كما جرى تأهيل سوق الخابية الواصل بين شارع السجن وشارع باب النصر بالتشاركية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (und)، وتضمن أعمال البنى التحتية وترميم الواجهات الحجرية واستبدال السقف المعدني عام 2023».
وأشار إلى أنه أعيد تقدير القيم الأولية للمقاسم التنظيمية في هذه المناطق «نظراً لتغيير واختلاف نفقات تنفيذ البنى التحتية، وتم تصديق القيم الجديدة للمقاسم بقرار المكتب التنفيذي لمجلس المدينة رقم 328 تاريخ 7/6/2021، كما أبرمت عقود المقاسم المخصصة للجمعيات السكنية في منطقة التوسع السكني W3، ويتم استكمال إجراءات تصديقها أصولاً، علاوة على أنه جرى الانتهاء من تخصيص جميع مالكي العقارات المستملكة في بقعة التوسع W3، الذين تقدموا بطلبات تخصيص لدى مجلس مدينة حلب، ويتم التحضير لتخصيص مالكي العقارات المستملكة في البقعتين N4-N1 بمقاسم سكنية وفق ما نص عليه القانون 26 لعام 2000».
وبيّن أنه تم التعاقد على تنفيذ البنى التحتية للحيين الثاني والثالث في منطقة التوسع W3 والمباشرة بتنفيذ هذه الأعمال «ويتم استكمال إجراءات التعاقد لتنفيذ البنى التحتية للحيين الأول والرابع ضمن المنطقة، علماً أنه يتم تنفيذ هذه الأعمال بتمويل من المخصصين بالمقاسم السكنية من الجمعيات والمالكين، حيث سينتج عن تنفيذ هذه المناطق الثلاث المذكورة نحو 35 ألف شقة سكنية تقريباً، يتم من خلال تنفيذها تأمين فرص عمل كبيرة في جميع المجالات والمهن وتحريك العجلة الاقتصادية، ومن الممكن تأمين القطع الأجنبي من خلال تحويلات الواطنين المخصصين بالمقاسم في هذه المشاريع».
10 آلاف شقة سكنية في انتظار مطورين عقاريين
ومن المشاريع الحيوية التي اشتغل عليها مجلس مدينة حلب، مشاريع التطوير العقاري الرائدة، والتي رأى طريقه إلى النور منها، مشروع الحيدرية الواقع في الشطر الشرقي من مدينة حلب.
مدلجي عدّ منطقة الحيدرية منطقة مخالفات جماعية معتمدة، وتعود ملكيتها بالتمام لمجلس مدينة حلب، «وهي أخضعت لأحكام قانون التطوير العقاري رقم 15 لعام 2008، واختيرت كبداية لحل مشاكل مناطق المخالفات الجماعية، لكونها بملكية مجلس مدينة حلب، وبهدف تأمين نسيج عمراني متوازن يلبي احتياجات التنمية وتأمين نحو 10000شقة سكنية صحية، وكذلك خلق فرص استثمارية داعمة لموارد مجلس المدينة، ما ينعكس إيجابياً على إحياء المنطقة الشرقية وتأمين فرص عمل».
وتطرق رئيس مجلس المدينة إلى وضع المجلس إستراتيجية عمل لتنفيذ هذه المنطقة لكون مساحتها كبيرة نسبياً وتناهز 78 هكتار «إذ جرى تقسيم المنطقة إلى ثلاث مناطق A- B-C تفصلها شوارع تنظيمية، بحيث لا تقل مساحة كل منطقة عن 25 هكتاراً، وبحيث يشكل كل جزء وحدة مستقلة مكتفية خدمياً، وذلك لتسهيل تنفيذها وإمكانية تلزيمها لأكثر من مطور عقاري».
وكشف أنه «تم إعداد الدراسات التنفيذية اللازمة لتنفيذ المحاور الثلاثة الرئيسية التي تفصل المنطقة ومن خلال الدعم الحكومي لمشاريع تنفيذ المخطط التنظيمي، ولاسيما منطقة الحيدرية، بعدما مولت مشاريع تنفيذ الشوارع، وتم الانتهاء من فتح الشوارع وتنفيذ البنى التحتية لها 14-13- 12-L 1 بشكل كامل، من صرف صحي وكهرباء ومياه وهاتف وإنارة وتزفيت، وعلى التوازي تم العمل على إعداد الدراسة التخطيطية لمنطقة الحيدرية والدراسة التخطيطية التفصيلية ودراسات البنى التحتية للبقعة B منها، حيث تمت دراسة الموقع بما يلبي كل الاحتياجات المستقبلية للسكان من مساكن صحية وخدمات ورئات خضراء، وبما يحقق التنمية المستدامة، وتم الانتهاء من تصديق هذه المخططات وفقاً لقانون التطوير العقاري آنذاك بموجب القرار الوزاري رقم 7513 تاريخ 26/9/2022».
وقال: «تم إعلان المنطقة A الواقعة جنوب البقعة جانب دوار الحيدرية بمساحة تقريبية 25 هكتاراً للتطوير العقاري مرتين، ولم يتقدم أي مطور عقاري»، لكنه أضاف بأنه وبعد الزلزال الذي ضرب مدينة حلب «جرى وضع المنطقة بتصرف المعنيين، وتم رصد اعتماد لتنفيذ أربعة ابنية سكنية في البقعة B كمرحلة أولى لتخصيصها لمتضرري الزلزال، وتمت المباشرة بأعمال التنفيذ».
مكاتب من دون ورقيات قريباً
وتميز مجلس مدينة حلب، وعبر مشروع حداثي متطور، عن باقي مجالس المدن السورية، بمشروع مهم يتعلق بالنظام الشامل لأتمتة أعمال وخدمات المجلس، والتي ستضع المجلس في مصاف المجالس المتطورة في عصر التكنولوجيا.
وفيما يخص المرحلة الأولى للمشروع، أعلن معد مدلجي أنه يسير «بالتوازي مع التوجه الحكومي لأتمتة الخدمات المقدمة للمواطنين وتسهيل وتبسيط الإجراءات وإحلال خدمات الدفع الإلكتروني لرسوم المعاملات، وكبديل دائم عن الدفع النقدي بمطلع عام 2024».
وأعرب عن قناعته، أنه «وانطلاقاً من الدور المركزي لمجلس مدينة حلب في تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات للإخوة المواطنين، وانطلاقاً من التخطيط لتقديم تلك الخدمات بالشكل الأمثل، أقر مجلس مدينة حلب مشروع الأتمتة الشاملة Office Paperless لخدمات وأعمال مجلس مدينة حلب (مكاتب من دون ورقيات) ضمن خطة عمل المجلس كأولوية، وهو مشروع رائد على مستوى القطر عن طريق أتمتة عمل الوحدات الإدارية لرقمنة الدورة المستندية للخدمات المقدمة للمواطن، بهدف تهيئة بيئة عمل ترتقي لإحلال المستندات الرقمية بديلاً عن الورقيات لتخفيف العبء على الموظف والمواطن، بالإضافة إلى زيادة وتحسين مستوى أداء الخدمات مع سداد المدفوعات عن طريق الدفع الإلكتروني».
وشدد على إنجاز المرحلة الأولى من مشروع النظام الشامل لأتمتة أعمال وخدمات مجلس مدينة حلب «والمتضمنة، إحداث وتجهيز مركز البيانات الرئيسي القادر على تشغيل جميع برمجيات نظام الأتمتة الشامل، لتأمين استمرارية عمل البرمجيات وحماية البيانات، وإعداد واستثمار برمجيات لأتمتة الجباية والتحقق وفوترة الرسوم الموحدة للمعاملات والخدمات وسداد مطالباتها المالية إلكترونياً عبر منظومة السورية للمدفوعات، وهي: تسديد التكليفات المالية لقاء الخدمات البلدية وتسديد أجور منح تجديد التراخيص وتأمين خدمة الدفع الإلكتروني للرسوم الموحدة».
وختم حديثه بالقول: «نعمل حالياً على استكمال المراحل الأخيرة لأعمال الربط مع الشركة السورية للمدفوعات لتفعيل تلك البرمجيات ووضعها قيد الاستثمار».