منتجات المزارعين متوقفة في الحدود الأردنية والحكومة بدور «المتفرج»!! … العقاد لـ«الاقتصادية»: المشكلة متكررة والحل يقع على عاتق الحكومة
| أمير حقوق
تشتهر سورية بالمنتجات الزراعية (كالخضار والفواكه) التي حجزت لنفسها في الأسواق العربية مكانة مهمة تفردت بها، ما جعلها منافسة لجميع المنتجات الزراعية العربية، وازداد الطلب على استيرادها لسنوات طويلة وخاصة في الدول الخليجية كالمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر والكويت بالإضافة للعراق، والتي حققت عائدات مادية جرّاء تصديرها من خلال العمل والحث على تحسين جودة المنتجات والعمل بالشكل الأمثل لتصديرها.
وبما أن التصدير يمثل إحدى ركائز القوى الاقتصادية لأي بلد ما، والذي يساهم بتنشيط حركة التجارة الخارجية والتي بدورها تسهم بتحسين وتنشيط وتطوير التنمية الاقتصادية، فنمو التصدير يحرك العجلة الاقتصادية من خلال تأمين القطع الأجنبي وتأمين فرص كبيرة لليد العاملة وتحسين جودة الإنتاج بمختلف أنواعه ومجالاته، لذلك تحرص الدول جميعها للحفاظ على قوتها التصديرية بنتاجها الصناعي والزراعي والتكنولوجي وغيره.
وفي سورية، تركزت العمليات التصديرية على التصدير الزراعي وخاصة في الآونة الأخيرة وبعد الحرب التي تعرضت لها، والتي أوقفت العديد من الصناعات وحدت من إنتاجها، ليتبقى التصدير الزراعي في الواجهة رغم تراجع النمو الزراعي وإنتاجه إثر غلاء مستلزمات إنتاجه وضعف القوة الاقتصادية للمصدرين ونقص الثروة المائية، ورغم ذلك إلا أن تصدير الإنتاج الزراعي لم يلغَ، بل شهد تراجعاً كبيراً، والآن يشهد تصدير المنتجات الزراعية عرقلة ملحوظة ومفتعلة على الحدود الأردنية من خلال توقيف برادات تلك المنتجات لأيام طويلة من دون توضيح الأسباب من الجانب الأردني، إذ تصل فترة توقيف البرادات لعشرة أيام، والتي تسهم بإتلاف المنتجات وخسارة التجار المصدرين من دون مساهمة حكومية وتحرك سريع لحل تلك المعضلة ومساعدة المزارعين والتجار والتي تتكرر سنوياً.
انخفاض عدد البرّادات
انخفض عدد برادات المنتجات الزراعية للخضار والفواكه نتيجة العرقلة على الحدود الأردنية لمصلحة البرادات الأردنية، فتقوم الجهات الأردنية بتشجيع التصدير الأردني للخضر والفواكه وتصديرها للدول الأخرى، وتعاكس التصدير السوري لهذه المنتجات، بحسب ما أشار إليه عضو لجنة سوق الهال محمد العقاد في حديثه لـ«الاقتصادية».
25 مليوناً إضافياً!
وأوضح العقاد أن مدة توقيف البرادات السورية في الحدود الأردنية تصل لعشرة أيام، ما يسبب تلفاً في منتجات الخضر والفواكه، وبالتالي بعد هذه المدة تصل للسعودية ويقوم المصدّرون بدفع أجرة نقلها، ويتخلصون من المنتجات المتلفة في أراضي المملكة العربية السعودية، ولم يعد أي برّاد لهذه المنتجات من الحدود الأردنية لسورية بعد العرقلة، وبالتالي يقوم المصدرون بنقل منتجاتهم الزراعية من البرادات السورية للبرادات الأردنية لسهولة النقل والتصدير بأجور تصل إلى 25 مليون ليرة سورية إضافة لتكلفة النقل والتصدير.
وتلف هذه المنتجات الزراعية من خلال عرقلة دخول البرادات السورية في الحدود الأردنية ساهم بتراجع التصدير في سورية بسبب الخسائر الكبيرة التي يتلقاها المصدرون، وهذا ما أثر في تراجع أعداد المصدرين، حسب توصيف العقاد.
معضلة متكررة
وتابع متحدثاً: وهذه المعضلة تتكرر سنوياً من الجانب الأردني لتأمين تصدير منتجاتهم وتقديم كل التسهيلات لها على حساب وقت توقيف البرادات السورية في الحدود الأردنية، فتتم معاملة التاجر السوري في حدود معبر جابر عكس معاملة التاجر الأردني في حدود معبر نصيب، فالتاجر الأردني لا تقف سيارته أكثر من ساعتين، وبالتالي التسهيلات تكون جيدة له عكس تسهيلات الجانب الأردني للتاجر السوري.
وبالتالي يقوم التجار بنقل منتجاتهم من البرادات السورية للبرادات الأردنية لتسهيل حركة تصديرها ونقلها لدول الخليج، فإذا تمت عملية نقل المنتجات الزراعية السورية للبرادات الأردنية تسهل إجراءات النقل والتصدير والعبور، وفق العقاد.
الحل يقع على عاتق الحكومة!
وأعرب العقاد أنه يجب على الحكومة السورية أن تحل هذه المشكلة من خلال التواصل مع الحكومة الأردنية وفهم الأسباب والبحث في الحلول لأن التجار المصدرين لا يستطيعون حل هذه العرقلة، لأن المزارعين لا حول لهم ولا قوة، والتجّار المصدرون لا يستطيعون حل المعضلة هذه، وهذا الأمر أدى إلى تراكم المنتجات الزراعية من الخضار والفواكه لدى المزارعين وتدني الأسعار وبالتالي خسائر كبيرة يتلقاها المزارعون والتجّار أيضاً، ودائماً نطالب بالحلول والإجراءات الحكومية اللازمة للمساهمة بحل توقيف برادات المنتجات الزراعية في الحدود الأردنية ولكن لا جدوى، ووزارة الزراعة لم تقم بأي عمل يسعف هذا الواقع.
وفي ختام حديثه مع «الاقتصادية» كشف العقاد أن برادات الخضار والفواكه تخرج من جميع المحافظات السورية، فمثلاً البندورة تصدر من بانياس وطرطوس، وباقي الخضار والفواكه من محافظتي دمشق وريفها، ويبلغ عددها وسطياً 25 إلى 30 برّاداً يومياً، وأن هذا التصدير ينعش السوق المحلية ولا يؤثر سلباً فيها.
غير منافس
رفع تكاليف الإنتاج الزراعي وخاصة المحروقات والأسمدة التي تعد كأعلى الأسعار في العالم، تترك أثراً متبقياً نتيجة ضعف الرقابة، وبالتالي المنتج الزراعي السوري غير منافس في الخارج، وأسعاره في دول الجوار قليلة جداً عن أسعاره محلياً وهذا ما يعكس سوء إدارة الموارد، حسب قراءة الخبير الاقتصادي أكرم عفيف خلال حواره مع «الاقتصادية».
وأكمل عفيف: أن الاقتصاد التصديري اقتصاد مهم وناجح وصحيح، لكونه يؤمن القطع الأجنبي والذي يؤمن فرص عمل لليد العاملة ولكن حتى الآن المنتج السوري لا يأخذ مكانته في العالم.
وتوقيف البرادات السورية المحملة بالمنتجات الزراعية كالخضار والفواكه جزء من عملية إعاقة العمل والإنتاج والتصدير، وفقاً لعفيف.
وطالب عفيف بأنه يجب العمل على الإنتاج الزراعي بكل التفاصيل من الألف إلى الياء، كتخفيض تكاليف الإنتاج الزراعي وإيجاد البدائل والعمل على منتج نوعي من خلال المنتجات العضوية وإيجاد أسواق تصدير خارجية خاصة بالمنتجات السورية.
لا عمل لوزارة الزراعة
وعن عمل وزارة الزراعة والجهات المعنية في توقيف البرادات المحملة بالمنتجات الزراعية، أكد عفيف أنه لا عمل لها حتى الآن ولم تعوض خسارة الفلاحين والتجار المصدّرين، لكونه يجب أن يكون هناك تأمين على الإنتاج الزراعي وهذا جزء من عملها كي لا يقع المزارعون بالخسائر وبالتالي يتدهور وضع المنتجين، وتوقيف البرادات هذه يؤثر في المزارعين والتجار المصدّرين، فطالما تم توقيف البرادات لأيام معدودة، بالتالي تتلف المنتجات وتتضاعف الأجور وبالتالي تزداد قيمة التكاليف وبعدها يخسر المنتج ولم يكرر عمليتي الإنتاج والتصدير.
الجدير ذكره، يجب على الحكومة السورية خاصة الوزارات المعنية بأمر الزراعة والتصدير الزراعي بالتحرك السريع وإجراء كل المحاولات لحل مشكلات المزارعين والمنتجين والمصدرين، بما في ذلك موضوع توقيف البرادات السورية المحملة بالمنتجات الزراعية عبر التواصل المباشر مع نظرائها من الوزارات والمسؤولين، وألا تبقى الحكومة بدور «المتفرج» على منتجات المزارعين التي تتلف في الحدود يؤدي الأمر إلى انخفاض كمية التصدير وتراجع أعداد المصدرين.
ماذا عن المقترحات؟
ويذكر أنه ناقشت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء في شهر آذار الماضي واقع تصدير الفائض من المنتجات الزراعية ومعوقات دخولها إلى الأسواق الخارجية وسبل زيادة كمياتها بما ينعكس إيجاباً على حالة الإنتاج الزراعي والتوازن السعري النسبي في الأسواق الداخلية، وقدمت اللجنة الاقتصادية مجموعة من المقترحات لتلافي الصعوبات التي تعترض الصادرات الزراعية السورية، حيث وافق رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس على توصية اللجنة المتضمنة تكليف وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي المتابعة مع الجهات المعنية لوضع مقترحات تلافي معوقات العملية التصديرية للمنتجات الزراعية موضع التنفيذ، وبعد قرابة أربعة أشهر من هذه المقترحات والتوصيات أليس من المجدي أن تكون بوادر العمل بدأت؟ ووضعت الخطط والمشاريع للتنفيذ؟ والتوصيات والمقترحات تحولت لأولويات تسعف القطاع الزراعي وتأمين العملية التصديرية وتذليل العقبات والمعوقات أمام دخول منتجاتنا السورية للأسواق الخارجية.
أليس الوقت الذي مضى كافياً لتحويل هذه الاقتراحات والتوصيات المكتوبة للعمل على أرض الواقع؟
وحسب إحصائية رسمية عام 2020 فإن الصادرات الزراعية السورية إلى دول العراق والخليج العربي شكلت ما نسبته 73 بالمئة من الكمية الإجمالية للصادرات الزراعية في عام 2019. حيث زادت الكميات من المواد الزراعية المتنوعة والمصدرة إلى دول الخليج العربي زيادة ملحوظة، حيث وصلت إلى نحو /85/ ألف طن في عام 2019، في حين كانت بنحو /14/ ألف طن في عام 2018، واليوم إذا أدرجت إحصائية التصدير الزراعي فهل ستكون النسبة متزايدة أم متدنية؟ هل يتم وضع الأسباب والمعوقات والغوص في دراستها وتقديم الحلول الإسعافية لها؟ والسؤال الأهم الذي يخطر في الذهن هل ستبقى الحكومة السورية بدور المشاهد على عرقلة التصدير الزراعي ورؤية المنتجات الزراعية للفلاحين ضمن البرادات المتوقفة عمداً على الحدود الأردنية، من دون أي ردة فعل.