إعادة إحياء وتوظيف الوسط التجاري لحلب بمفردات إبداعية وبأبهى حلّة … المدلجي لـ«الاقتصادية»: مشاريع «داون تاون» حلب رائدة وتليق بمستقبل وأهمية الموقع تاريخياً وعمرانياً واقتصادياً
| حلب - خالد زنكلو
أطلق مجلس مدينة حلب معاول بناء مداميك مشاريعه الخاصة بتطوير وتحسين «داون تاون» المدينة، للنهوض به إلى مصاف ما يوازيه ويضاهيه في المدن الحضارية الراقية.
وسيغدو الوسط التجاري لحلب، بذلك وعقب إعادة تأهيله، أكثر إشراقاً وبأبهى وجه وأجمل حلّة ووصف زاه، جرى توظيف مكوناته بجمالية وحنكة ودراية، اتكلت على مفردات هندسية وتصاميم جمالية تراعي نشاطات شاغليه وذائقة رواده، وروح المكان النائم على كتف المدينة القديمة.
وأكد رئيس مجلس المدينة الدكتور المهندس معد المدلجي أن مشاريع تطوير وتحسين مركز مدينة حلب، والتي حقق بعضها نسب إنجاز عالية، هي مشاريع رائدة الهدف منها، ومن منطلق أهمية الموقع تاريخيا واقتصاديا وحضاريا «خلق واقع راهن يليق بعاصمة الاقتصاد السوري ودرة مدن الشرق، الأمر الذي استوجب وضع رؤية إستراتيجية ترتقي بالوسط التجاري للمدينة من وضعه الراهن إلى موقع أكثر اتساقاً وانسجاماً بأهميته».
وبين المدلجي لـ«الاقتصادية» أن أهمية مركز مدينة حلب «تأتي من كونه يجاور المدينة القديمة من طرف سورها الغربي وأمام باب انطاكية وأبراجه الأثرية التاريخية، علاوة على اعتباره ملتقى لطرق رئيسة في المدينة، هي امتداد لمحاور إستراتيجية مهمة، وعلى الرغم من ذلك، فإن واقعه الراهن والفعاليات التي تشغله لم تكن ترتقي لمستوى أهميته التاريخية والعمرانية، وازداد وضع المنطقة سوءاً بسبب استهدافها من قبل الإرهاب، الذي خلّف دماراً كبيراً لمكوناتها وبنيتها التحتية، ما وضع مجلس المدينة أمام حال غير مرض أملاه انتشار البسطات والأكشاك في ساحات وحدائق المنطقة وتشوه بصري وعمراني لهذا الموقع الحيوي، ما فرض تحديات كبيرة للارتقاء بالمنطقة إلى مكانة توائم أهميتها وعراقتها وتنسجم معها وتحيك مستقبلها الواعد».
وذكر أن المشروع «يبدأ من الحديقة العامة مروراً بساحة سعد اللـه الجابري، وصولاً إلى الطريق الموازي لسوق الهال القديم، الذي ينتهي ببرجي باب انطاكية الأثريين وسور المدينة القديمة الغربي، وتمتد منطقة المشروع شرقاً وجنوباً لتضم العديد من الساحات والحدائق، مثل حديقة جمال عبد الناصر وساحة السيد الرئيس وساحتي باب جنين وحديقة القناطر، وكذلك فعاليات أخرى كفندقي الأمير والسياحي ومبنى المعهد الفندقي سابقاً ومبانٍ حكومية ومباني مكاتب تجارية، وكراجات «الهوب هوب» و«الانطلاق» و«التكسي»، إضافة إلى سوق الهال القديم والبساتين من خلفه، وانتهاء بمعبر بستان القصر، المنطقة المطبوعة سلباً في ذاكرة الحلبيين».
وأشار إلى أن المشروع يتضمن «إعادة تأهيل وتحسين الفراغات العامة من ساحات وحدائق، من خلال توظيف الحديقة العامة وتحسين واقع دورات المياه والمسطحات المائية والمقاعد والإنارة وإحداث أكشاك سياحية خدمية موزعة على كامل الساحات والحدائق ضمن المشروع ولحظ لوحات إعلانية مضاءة وأماكن جلوس للفنانين من عازفين ورسامين وغيرهم، وكذلك إعادة توظيف الفعاليات ضمن المنطقة بما يتناسب مع المركز الاقتصادي لمدينة حلب، وذلك من خلال ثلاثة مشاريع حيوية».
المدلجي لفت إلى أن المشروع الأول، وهو «سوق البشائر»، الكائن في موقع سوق الهال القديم «يشمل فعاليات عديدة، منها محال تجارية، جرت فيها المحافظة على الكتل القائمة مع وضع دراسة للواجهات، وكتل خدمية وكافتريات وتراسات ومول تجاري وألعاب أطفال وصالة مناسبات ومواقف سيارات وطرق خدمة، حيث جرى تنفيذ مشاريع إكساء جميع الواجهات للمحال للسوق بالحجر الأبيض والأسود، وفق الدراسة وبما يتناسب مع الطابع المعماري للمدينة القديمة وتنفيذ شبكة الصرف الصحي للمياه الحلوة والمالحة والمصافي المطرية على كامل مساحة السوق، وفق أحدث المعايير، إلى جانب تنفيذ ست كافيتريات تتوزع على الواجهة الشمالية للسوق وبناء السور الأمامي والخلفي مع غرف الحراسة والبوابات الرئيسية وتلبيسه بحجر نحيت أبيض من الطرفين، إضافة إلى إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية والهاتفية وإنارة الساحات والطرقات وتنفيذ المراكز التحويلية وربطها مع الشبكة العامة وإعادة تأهيل الحمامات العامة ضمن السوق وتنفيذ الجزر الوسطية والساحات وأحواض الزرع وإعادة تأهيل الأسقف وطلائها وعزلها وعزل السقف العلوي الخارجي لها، منعاً لتسرب المياه وصيانة فواصل التمدد».
مجلس المدينة يواجه تحديات النهوض بالمنطقة إلى مكانة توائم عراقتها وتحيك مستقبلها الواعد
وحول المشروع الثاني الذي جرى البدء بتنفيذه، بين رئيس مجلس المدينة أنه يضم إحداث مركز نقل داخلي بمنطقة المنشية الجديدة سابقاً، مع خدمات متنوعة «إذ تم وضع الدراسات المعمارية والإنشائية وكل التفاصيل التنفيذية اللازمة لتنفيذ مركز خدمات النقل الداخلي من باصات وميكرو باصات، حيث تمت دراسة مسارب الحركة ولحظ مظلات ومقاعد ورصيف انطلاق لكل خط من خطوط النقل الداخلي إضافة لتنسيق الموقع العام ولحظ كافتيريات ودورات مياه». وكشف عن إحداث مركز نقل خارجي (بولمان)، مع خدمات سياحية ومرائب طابقية، وهو المشروع الثالث المزمع إنشاؤه، بعد استكمال الإجراءات وفق القوانين الناظمة.
الدكتور معد المدلجي لفت إلى أن مجلس المدينة يعمل على إحداث فعاليات سياحية وتجارية واستثمارية «ووضع نظام عمراني يحقق الاستفادة من المساحات ويحقق التوظيف بالشكل الأمثل لكل من موقع المعهد الفندقي وموقع «كراج الهوب هوب» سابقاً، حيث تم لحظ ثلاثة مواقع لفعاليات سياحية واستثمارية تزيد وتعزز النشاط السياحي والاستثماري لمركز المدينة».
وأشار إلى أن مجلس المدينة يعمل على معالجة البسطات والباعة الجوالين في سوق الرازي والفيض وبسطات باب جنين «بعدما شغلت البسطات والبراكات العشوائية ضمن مركز المدينة الساحات والفراغات العامة، ومنها باب جنين وسوق الرازي وسوق الفيض، وبهدف إنجاز المشروع كان لا بد من نقل هذه البسطات والباعة الجوالين المنتشرين بشكل عشوائي ضمن مركز المدينة إلى موقع مناسب يتم تجهيزه ببسطات ثابتة تتوضع بشكل مدروس، تعلوها مظلات حماية ويحيط بالموقع سور يؤمن عدم انتشار البسطات خارج الموقع المحدد»، ونوه إلى أنه جرى اختيار موقع قريب من خطوط النقل الجماعي الواصلة إلى مركز المدينة ويقع خارج حدود المشروع «وتم الانتهاء من تنفيذ الأسواق البديلة، وهي سوق البسطات وسوق الخضرة، حيث تضمنت دورات مياه ومركز السورية للتجارة، وغرف حراسة وإدارة ومراقبة للموقع ويتم تجهيز ستاندات معدنية مزوده بمظلات لاستخدامها ضمن المشروع».
ومن أهم مشاريع الوسط التجاري للمدينة، هو كشف سور المدينة الغربي، والذي أوضح الدكتور المدلجي أنه يستهدف «إزالة الإشغالات والتعديات على سور المدينة القديمة الغربي، وإظهار قيمته الأثرية بدءاً من مدخل سوق العتمة حتى جامع جمال، ومروراً بباب أنطاكية وبرجيه الأثريين، مع تحسين المظهر العمراني العام للمنطقة على طول امتداد السور القديم»، مبيناً أنه «جرى البدء بالكشف عن جزء من السور بعد وضع رؤية تظهره بجميع تفاصيله المعمارية وتوظف الساحات والفراغات العامة المحيطة به بما يتناسب مع القيمة التراثية والسياحية لمدينة حلب، وتتناغم مع النسيج العمراني الفريد للمدينة القديمة، ويتم العمل على التوازي لتنفيذ هذه الرؤية على تأمين محلات تجارية من أملاك مجلس المدينة، لنقل شاغلي المحلات التي تستند إلى السور وتخفي معالمه المميزة وتخصيصهم بها». ولفت إلى أن ثمة أفكاراً ومهتمين بتنفيذ الأبراج المتهدمة نتيجة الزلزال.