التشاركية بين القطاعين العام والخاص.. ما لها وما عليها
| د. عابد فضلية – كلية الاقتصاد / جامعة دمشق
حول التشاركية (الحكومية)- (الخاصة) فقد بدأت تتبلور في سورية كفكرة منذ عام (2009)، عندما ناقشتها وتبنتها الحكومة كمشروع تنموي، يهدف إلى الاستفادة القصوى من طاقات القطاع العام وتعظيم جدواها، ولترسيخ أسس عملية تنموية شاملة تسعى إليها الحكومة، من شأنها التصدي للكثير من المصاعب والتحديات المؤسسية، وتمكين وتشجيع القطاع الخاص على زج المزيد من قدراته المادية والبشرية، وزيادة مساهمته (العقلانية المقوننة) في عملية التنمية، الأمر الذي من شأنه أيضاً جذب المزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية، السورية والأجنبية… لذلك فقد تم حينها (2009) تشكيل لجنة خاصة مهمتها إعداد واقتراح ما يلزم لتسهيل التطبيق، وعدة لجان ووحدات تنفيذية تخصصية على مستوى الوزارات.
ولقد استتبع ذلك استصدار قانون التشاركية (رقم 5 لعام 2016)، ومن ثم مؤخراً القانون (رقم 3 لعام 2024) الذي من غير الممكن حتى اللحظة قياس آثاره لحداثته، علما أنه لم تتم الاستفادة بالقدر اللازم من عشرات نماذج المشاركة التي تسمى ( BOT)، على الرغم من أنها معروفة في العالم منذ سنين طويلة.
عموماً، وباعتبار أن مشاريع التشاركية والمشاركة هي بالمحصلة مسألة توازن اقتصادي اجتماعي بين العام والخاص، وبالتالي بين الدور التنموي للدولة والدور التنموي للقطاع الخاص، فقد ظهرت (ولا تزال) بعض الإشكاليات، التي من أهمها:
– (الكيفية المثلى) التي من شأنها تجسيد هذه التشاركية على أرض الواقع.
– إشكالية تحقيق التوازن بين (الدور الاقتصادي) للقطاع الخاص و(دوره السياسي) الذي قد يحققه في الحياة العامة كـ(تحصيل حاصل)، والذي يجب ألا يتجاوز في أي حال من الأحوال الحدود التي رسمتها عقائد الحزب وخلفيات النصوص الدستورية والتشريعية والقانونية للدولة.
– إشكالية إيجاد التوازن بين ( الدور السيادي للدولة)، كمتدخل لمصلحة الشرائح الضعيفة، تحت مظلة الحزب كــ(قائد للدولة والمجتمع) ومدى وحدود وحجم وواجبات وحقوق القطاع الخاص، السياسية والاقتصادية والاجتماعية… الخ
لذا يتطلب خلق وإيجاد المشروعات التشاركية المستهدفة، وجود أسس وأطر قانونية ومؤسسية واضحة وشفافة لهذه التشاركية، الأمر الذي يتطلب بدوره إيجاد أو إجراء التعديلات اللازمة للتشريعات الناظمة للقطاعات المستهدفة بالشراكة وتحديد المشاريع ذات الأولوية، ووضع واعتماد مواصفات قياسية ومعايير واضحة لتوازن هيكلها الإداري وبنيتها التنظيمية.
إضافة إلى ذلك فهناك العديد من التحديات التي قد تواجه مسألة التشاركية بين العام والخاص، والمتعلقة بمدى استعداد وقناعة وتعاون وتجاوب وتفهم الجهات الحكومية والخاصة المعنية بهذه المسألة، بما في ذلك مطبات ومداخل سلوكيات الفساد، في كلا القطاعين.
وبالمحصلة، ننوه إلى أن التشريعات النافذة المتعلقة بالتشاركية، وعلى رأسها القانون رقم (5) لعام (2016)، ما زالت إما قاصرة أو غير كافية للدفع نحو التشاركية، وحتى أن ميزات استخدام نماذج ال(BOT) غير مستغلة في التطبيق حتى الآن.. وللحديث بقية.