رأي

ما أحلى رجوعها إلينا..

| هني الحمدان

هذا هو لسان حال بعض من الإعلاميين والأكاديميين والكتاب وبعض المسؤولين تعليقاً على عودة صحيفة «الاقتصادية» المنبر الاقتصادي الأول- لسنوات طويلة في سورية-.. عودتها إلى سوقها ولقرّائها والمعلنين، بعد أن توقفت عن الصدور لفترة ليست بالقصيرة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا في العالم في حينه..!

قرار عودة الصحيفة، قرار أجمع عليه عدد من بعض الشرائح والنخب المثقفة في أن «الاقتصادية» استطاعت أن تشكل مرجعاً تحليلياً للمسائل الاقتصادية، ومحرضاً لمتخذ القرار ليكون في صورة التفاصيل والخفايا… شكلت أهمية بالغة للقارئ والمعلن، وكانت الأقدر على تشكيل الرأي العام الواعي تجاه بعض القضايا.

اليوم الجميع يرحب بـ«الاقتصادية» لتتابع أهدافها، ولتكون منبراً -كما هي- يعنى بكل ما تفرضه طبيعة المرحلة، ولتكون عيناً على الواقع وتقدمه بكل حرفية ومسؤولية، تاريخها يشهد أنها الوجه الحقيقي، وكانت وسيلة اتصال بين المواطن وصانع القرار، ليس بيدها سلاح إلا الكلمة والرأي السديد.

وبعودة «الاقتصادية» لتكون ناقلاً وفاعلاً وشاهداً على التغيرات المرتقبة التي ستشهدها سورية، توحي معطياتها بتوسع دائرة الآمال بتحقيق انتعاش اقتصادي وتدخل سورية في مرحلة العمل، لتزيل ما تبقى من غبار بسيط عالق على قنوات التنمية والروافد للاقتصاد الوطني، صحيح أن الآفاق صعبة تلف مصير اقتصادنا في خط مواز مع مجموعة من التحديات والأزمات المتراكمة وسط شكوك حول مدى قدرة الاقتصاد والحكومة مع تلك الأزمات والمهارات على استثمارها، لكن الحال بحاجة ماسة إلى إعادة هيكلة كاملة حتى الوصول إلى إنتاج حقيقي متكامل.

إن ما تمر به البلاد من أزمات، وما يحدق بها من تحديات، وما يعانيه المواطن السوري من واقع معيشي صعب، يجعل الجميع أكثر تضافراً واصطفافاً خلف وطنهم ومؤسساته بالعمل وتقديم كل ما يلزم، لبقائه قادراً على مجابهة التحديات وسط لهيب وعواصف الحروب والأحداث التي غيرت من الوقائع وأعادت كل الحسابات برمتها، التي تزداد وطأتها يوماً تلو يوم، فلم يتحمل شعب بالعالم كما تحمل الشعب السوري الظروف القاسية، التي كان لبعض القرارات الخاطئة آثار مؤلمة عليه، فتحمل وصبر، ضارباً للعالم درساً بتفرده بحالة التحمل واللحمة وبقوة النسيج الذي يقوى بقيم هذا المجتمع النبيل؛ إذ إن الولاء والانتماء وعشق تراب الوطن شعار أجياله المتعاقبة.

والناظر للمائدة السورية الرسمية، وما ستلعبه «الاقتصادية» خلال الفترة المقبلة لدور كبير، منطلقة في تناول هموم الوطن والمواطن، والحرص بشكل مستدام على طرح الرؤى والأطروحات التي من شأنها أن تُسهم في حل القضايا وإن كانت شائكة، أو معقدة، أو تشكل معوقاً من معوقات التنمية في مجالاتها المختلفة.

اليوم الحديث اختلف حول تغيرات السياسات وما يتعلق بالملف الاقتصادي، ما يؤدي إلى أن الدولة وإداراتها ماضية في مسار النهضة واستكمال الإنجازات التي من شأنها تحقق الحياة الكريمة للمواطن، وتضمن مستقبل الأجيال القادمة، من خلال تنمية مستدامة بشتى ربوع الوطن، وفي سائر المجالات، وفي مقدمتها تعظيم وتوطين الصناعات بأنواعها المختلفة؛ فعليها يعول الأمن في دعم القطاعات الخدمية كافة التي تصب في المصلحة العامة.

الوقائع تنم عن تغيرات في الفلسفة القديمة في إدارة شؤون المسائل والأساسيات؛ فصارت الشراكة بين الحكومة والشعب في إطارها الصحيح، حيث تحمل المسؤولية بشكل جماعي تجاه تحقيق غايات الدولة الكبرى، فصار المبدأ الرئيس قائماً على الشفافية، فلا غرف مغلقة، وسنودع تلك القرارات التي كانت تؤخذ بليل كالح؛ فالحوار الوطني شعار المرحلة، وما يرتئيه العقل الجمعي قابل للتنفيذ محل احترام واهتمام ومتابعة، ومن ثم يصنع ويتخذ القرار بعد دراسة تشاركية تلبي الاحتياجات وتراعي المصلحة العامة.

وأضحى ما يشغل الرأي العام محور اهتمام الدولة وقيادتها، ففلك المسيرة تجاه الحاضر والمستقبل تحت المظلة، ومن ثم أصبح الاهتمام الأول بتوفير كل متطلبات الحياة لمستحقيها عبر آليات مبتكرة وسياسات واقعية، تتخللها الشراكة المجتمعية والدعم الرسمي الذي يضمن الحفاظ على كرامة المعيشة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى