قرارات دعم الركود والتضخم
| عامر إلياس شهدا
القرار الأخير الصادر عن وزارة الاقتصاد رقم 944 وما تبعه من تعليمات تنفيذيه صدرت عن مصرف سورية المركزي، أنعشت ذاكرتنا عندما اجتمع فرسان السياسة النقدية والاقتصاد ورئيس مجلس الوزراء لإعلان إلغاء القرارين 52 و28، اللذين ألغيا بمسرحيه إعلامية بعد اجتماع الحاكم بالمصارف نهاية عام 2018 وطلب منهم أن يفصحوا عما يعيق عملهم فطلبوا إلغاء القرارين 52 و28 الخاصين بضوابط الإقراض وتوجيه الإقراض بحسب القطاعات إضافة إلى رصيد المكوث. في الاحتفال الذي جرى لإعلان إلغاء القرارين حيث صرح حاكم مصرف سورية المركزي أن القرارين هما السبب في حالة الانكماش في الأسواق وأعلن عن سياسة توسعية نحصي نتائجها السلبية اليوم.
أشاد رئيس مجلس الوزراء بإلغاء القرارين ووعد المستثمرين بدعم الفوائد بـ20 ملياراً ودعم القروض الإنتاجية بـ20 ملياراً أخرى. وقد مضى عام على ذلك من دون نتائج أو أي انعكاسات على الناتج الإجمالي المحلي. وعلى أعمال المصارف. رغم الإشادة بما حققته المصارف من أرباح، من دون تفصيل الأرباح التي دخلت ضمنها أرباح اشتراكاتهم بشهادات الإيداع البالغ 130 ملياراً سجلت أرباحها عن تسعة أشهر أي 4387 مليون ليره سورية سجلت دفترياً على أنها أرباح، وأدخلت ضمن أرباح رأس المال التشغيلي، وكأن هذه الكتلة النقدية وجهت لدعم الإنتاج. حتى حظيت بإشادة الجهات المعنية. ولا نستغرب ذلك عندما تعتمد الحكومة على الإعلام لتسويق تصريحاتها، إلا أنها تبتعد عن كشف نتائج أعمالها وقراراتها بشفافية. كحال التصريحات التي صدرت عن المعنيين لتبرير صدور القرار 944، حيث صرح وزير الاقتصاد أن القرار يحقق تعزيز الطلب على الليرة السورية بهدف رفع القوة الشرائية لليرة السورية. ثم تلاه تصريح معاون وزير الاقتصاد الذي يطمئن به رجال الأعمال أن ما نص عليه القرار من تجميد 40% مقسومة على مرحلتين الأولى 25% والثانية 15% بشرهم أنها لا تخضع للضريبة. ومجمل تصريحه كان يهدف لإرضاء رجال الأعمال لقبول القرار. كم تمنينا على وزير الاقتصاد ومعاونه والمعنيين عن السياسة النقدية طمأنة المواطنين أن القرار يخدم مصالحهم ومصالح البلد.
نعتقد أن تسمية مسؤول تشير إلى تحمل شخص للمسؤولية وحرصه على صوابية قراراته بما يخدم المصلحة العامة. وهذا الأمر يستوجب دراسة عميقة للقرار تظهر سلبياته وإيجابياته لذلك سنظهر لوزير الاقتصاد والمعنيين عن السياسة النقدية ما ينتج عن هذا القرار.
في البداية لابد أن نوضح لهؤلاء المسؤولين أنه عندما تم صدور القرارين 52 و28 سبقهما تثبيت لسعر الصرف فهل سبق إصدار القرار 944 تثبيت سعر الصرف؟
سنحسب لكم الكيفية التي ستؤدي إلى التضخم والركود نتيجة القرار 944، الذي فرض تجميد 40% من أجل الحصول على إجازة استيراد وإنجازها، بفرض إجازة الاستيراد قيمتها مليون دولار والمدة اللازمة للحصول على الإجازة وإتمام عملية الاستيراد ثلاثة أشهر. يتم تجميد القيمة المقابلة لـ400 ألف دولار بالسعر الرسمي 438 ليرة أي 175.500.000 ليرة سورية فوائدها السنوية على أساس 8% فالفوائد الربع السنوية للمبلغ المجمد تبلغ 3.504.000 هذه الفوائد ستضاف إلى التكلفة فترفع الأسعار مما سيؤدي إلى التضخم. ومبلغ الفوائد سيضم إلى أرباح المصارف أي نحقق أرباحاً مجانية للمصارف يقابلها معاناة المواطن من ارتفاع الأسعار. يضاف إلى ذلك عدم ثبات سعر الصرف فإذا ارتفع سعر الصرف 20 ليرة سورية بهذه الحالة يضاف إلى التكلفة 8.000.000 وبطبيعة الحال ستضاف للسعر. ومعلوم أن تجميد هذه المبالغ سيؤدي إلى ركود اقتصادي، لا بل تسرعه إضافة إلى اضمحلال رأس المال نتيجة عدم تثبيت سعر الصرف.
وبالتالي ألا يعتبر تجميد المبلغ رصيد مكوثٍ. الذي وصف بحسب تصريح حاكم مصرف سورية المركزي أنه السبب في خلق حالة انكماش اقتصادي. وتراجع التعامل مع المصارف. أعدتم صياغة القرار944 لترجمة روح القرارين 52 و28 لحفظ ماء الوجه. وسيأتي اليوم الذي تعتمدون به رصيد المكوث وبتوقيعكم.
مع احترامنا للجميع نقول: إن تعزيز الطلب على الليرة السورية لا يكون على حساب المواطن الفقير. وإنما يقتضي الأمر الخروج بقرار شعبوي يخلق رضى عاماً للمجتمع ويحقق موارد للدولة وكي لا نفهم أننا ننتقد قراراً من دون طرح حل ندعوكم لمناقشة اقتراح يحقق تدخلاً بالسوق بمبلغ 400.000.000 دولار ويحقق تعزيز الطلب على الليرة السورية بمبلغ 320 مليار ليرة سورية. من دون تحميل المركزي لطرح دولار واحد أو تحميل أي جهة أي مصاريف إضافية وبالوقت نفسه الاقتراح سيستقبله المجتمع بكل صدر رحب.
فهل هناك من يسعى فعلاً لتثبيت سعر الصرف ورفع القوة الشرائية لليرة ليناقش تفاصيل ما نطرحه.