كم تبلغ أرباح التجار؟! … مدير حماية المستهلك: الأرباح التي تضعها الوزارة هي نسب تجارية لا علاقة لها بدخل المستهلك وقدرته الشرائية
بيتموني: تسعير المواد وفقاً لنشرة المركزي وليس حسب سعر السوق السوداء
| عبد المنعم مسعود
تبدو معاناة المستهلك لا حل لها فهو يكاد يسحق بين ضربات مطرقة الأسعار وسندان التجار في وقت تبدو فيه حماية المستهلك أبعد ما تكون عن هدفها في حمايته، فقدرته الشرائية ليست مقياساً أو بوصلة يؤخذ بها عند حساب نسب الأرباح التجارية على المواد سواء كانت ممولة أم أساسية أو كمالية.
وما زاد الطين بلة أن دخل المستهلك في تآكل مستمر مع ارتفاع أسعار صرف الدولار في السوق السوداء وتاليا ارتفاع أسعار مختلف المواد حتى وإن حصل وانخفض سعر الصرف، فالأسعار تحافظ على حالها المرتفع ليبقى المستهلك بلا زيادة في الدخل تغنيه ولا وزارة تحميه.
مدير مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بيّن أنه ومنذ شهرين بدأ تذبذب سعر صرف الدولار في السوق المحلية وارتفاعه في السوق السوداء بعيداً عن سعره النظامي بشكل مفاجئ، ثم انخفاضه ثم عودته للارتفاع ما أدى إلى اختلاف في أسعار السلع نتيجة عدم التزام التجار بالأسعار ونسب الأرباح المقرة بسبب حالة القلق لدى البعض من ارتفاع أكبر من الذي حصل.
وبيّن الخطيب في حديث لـ«الاقتصادية» أن هذا الأمر كان متابعاً بشكل يومي من الوزارة وتم التعميم على كل مديريات التجارة وحماية المستهلك في المحافظات بالتشدد في مراقبة الأسواق سواء لناحية توافر المواد أو لناحية المخالفة بالمواصفات أو الأسعار ومنع أي مخالفات بهذا الشأن.
وأكد الخطيب أن المواد متوافرة ولا يوجد نقص بأي مادة مبيناً أن تذبذب سعر الصرف لم يؤثر في المواد ذات الإنتاج المحلي على حين تأثرت به المواد المستوردة، لكن خلال أسبوع أو أسبوعين عادت الأسواق إلى طبيعتها وهو ما يؤكد أن حركة رفع الأسعار لم تكن طبيعية ولم تكن نظامية بل هي حركة وهمية ثبتت بعودة الدولار إلى طبيعته.
ولفت الخطيب إلى أنه بغض النظر عن ارتفاع الدولار وانخفاضه فإنه من المفترض ألا تتأثر الأسواق بذلك بشكل مباشر لأن المواد الموجودة في الأسواق هي مواد مستوردة قبل فترة وعلى سعر أقل من السعر الذي ارتفع إليه الدولار لذلك لا يوجد مسوغ لهذا الأمر.
ووفقاً للخطيب فإن الوزارة ركزت في جولات دورياتها على الفاتورة لأنها المرجع الحقيقي لسعر أي مادة وتاريخ شرائها وتسعيرها وطرح المادة في الأسواق، وهو ما يوصلنا كوزارة بالنتيجة إلى جواب حول ما إذا كان الارتفاع حقيقياً أو وهمياً، فإذا كان لارتفاع سعر المواد مسوغاته يؤخذ ذلك بالحسبان ونسعر وفق المعطيات الموجودة مؤكداً أنه في حال لم يكن لارتفاع سعر المادة في الأسواق أي مسوغات فإنه يتم ضبط المادة بشكل سريع، مضيفاً وخصوصاً أن ضبط الأسواق مهمتنا كوزارة يضاف إلى ذلك انعدام المسوغ لرفع السعر والأمر الآخر أنه في المواد الأساسية التي تشكل أساسيات مائدة الأسرة السورية كالسمون والزيوت والشاي والسكر هي مواد ممولة من الحكومة بسعر صرف خاص اسمه سعر صرف تمويل المستوردات والبالغ 436 ليرة، لذلك فإن بعضاً من هؤلاء المستوردين ركبوا موجة رفع الأسعار تماشياً مع تذبذب سعر الصرف علما أن مستوردي هذه المواد لا يتأثرون بارتفاع سعر الصرف.
ولفت الخطيب إلى أنه ومن خلال البيانات الجمركية والفواتير والبيانات التي تقدم من مديريات التجارة الداخلية في المحافظات فإننا نقوم بعملية التسعيرة ومراقبتها بالأسواق وفقاً للفاتورة التي تشكل الهوية والمرجع الحقيقي للمراقبة، مؤكداً وجود تشديد قوي من الوزارة بهذا الشأن للوصول إلى تداول حقيقي وشفاف للفاتورة بين كل حلقات الوساطة التجارية من المستورد والتاجر وصولاً إلى بائع المفرق كحلقة أخيرة يفترض بها إعلان أسعارها وفقاً للتسعيرة التي حددتها الفاتورة، مبيناً أن أي مخالفة بهذا الأمر يتم قمعها بشكل فوري.
وحول التجار الذين رفعوا أسعارهم مع ارتفاع سعر الصرف ولم يعيدوها إلى سابقتها مع انخفاضها بين الخطيب أن دور حماية المستهلك والدوريات التابعة لها العودة للفواتير لبيان حقيقة الأسعار من عدمها، مطالباً بائع المفرق بالاحتفاظ بالفاتورة المعطاة له من تاجر الجملة أو المستورد حتى لا يتعرض للعقوبة والمخالفة، فأي بائع يرفع السعر بشكل غير مسوغ يتعرض للمخالفة والمساءلة فالقانون هو الحكم، فالتاجر عليه الالتزام بالقوانين والقرارات النافذة، وتابع: ونحن كجهة رقابية نحرص كل الحرص على تطبيقها.
ورداً على سؤال حول الكيفية التي توازن بها الوزارة بين حماية المستهلك ومصلحة التاجر كشف الخطيب أنه لكون المستهلك هو الحلقة المستهدفة بالنتيجة، فقد استهدفت أغلب الجولات الأخيرة التي قامت بها الوزارة تجار الجملة الذين يشكلون الحلقة الوسطى بين المستورد وبائع المفرق، فهو يفترض به أن يحوز الفاتورة المعطاة له من المستورد وأن يمنح تاجر المفرق أيضاً فاتورة ولكل من هذه الحلقات نسبة محددة من الأرباح يحق له إضافتها لبيع المنتج وفقاً للنسب المحددة لكل مادة فالوزارة مع أن يربح كل من المستورد والتاجر وبائع المفرق، ولكن ضمن القانون، فالربح يجب أن يكون منطقياً وضمن القانون وخصوصاً أنه لا يوجد مستورد أو تاجر أو بائع يعمل لكي يخسر.
ووفقاً للخطيب فإن لكل مادة لها نسبة ربح محددة وفقاً لطبيعة المادة ومدى صلاحيتها وسرعة استهلاكها وهي مدروسة فنياً من لجان مختصة لذلك فإن التزام جميع الحلقات بالنسب الموضوعة ستصل للمستهلك بأسعار مناسبة له، لكن الذي يحصل أن البعض لا يلتزم بهذه النسب لافتاً إلى أن نسب الأرباح التي تضعها الوزارة هي نسب تجارية من منطلق تكلفة المادة ولا علاقة لها بدخل المستهلك وقدرته الشرائية وخصوصاً أنه لا يوجد تاجر يعمل لكي يخسر.
وأشار الخطيب إلى وجود تفاوت أحياناً بسعر المادة ذاتها بالسوق وهذا عائد إلى السياسة التسويقية التي يتبعها التاجر أو البائع، فبعض التجار والباعة يبيعون بأقل من النسبة المحددة من الوزارة على مبدأ بيع كثير وأرباح قليلة ففرضاً الربح المحدد لكيس الرز هو 500 ليرة بعض التجار يبيع بثلاثمئة وبعضهم الآخر يرى أن الخمسمئة حقه ويريدها كاملة، لذا فإن هذا الاختلاف في طريقة البيع وليس لمخالفة في السعر لذا نحن كحماية مستهلك لا نتدخل إلا عندما يتم تجاوز النسبة المحددة للربح.
وعن الأسباب التي تدفع التجار والباعة إلى زيادة الأسعار بنسبة زيادة سعر الدولار نفسها رأى الخطيب أن الإشاعات والمغالاة في الخوف لدى البعض في فترة تذبذب سعر الدولار يسري على الجميع وحتى إنها تطول أحياناً المنتج المحلي مبيناً أن الوزارة تدرس كل إجازة استيراد للمواد الأساسية ومكانياً من مديريات التجارة في المحافظات لبقية المواد.
وحول إمكانية أن تأخذ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قدرة المواطن الشرائية بعين الاعتبار عند حساب نسب الأرباح للتجار بيّن الخطيب أن هذا الموضوع له مجالاته الواسعة فالوزارة تحمي المستهلك باتجاهين، الأول حمايته بإيصال مادة للمستهلك ضمن مواصفات نظامية ضمن محددات جودة المادة وثانياً أن تصل إليه المادة بالسعر النظامي بعد حساب نسب الأرباح بغض النظر عن قدرته الشرائية ودخله المادي.
مديرة الأسعار في الوزارة ميس بيتموني لم تخرج في حديثها عن توصيف مدير حماية المستهلك مبينة أنه لا يوجد ما يحكم عملهم لناحية تحديد نسب الأرباح للمستورد والتاجر وبائع المفرق سوى بيان التكلفة الذي يقدمه المستورد ونشرة أسعار الصرف التي يحددها البنك المركزي والتي تحدد سعر 436 للدولار الواحد مقابل الليرة، موضحة أن تعدد أسعار صرف الدولار وارتفاعه لا يعتبر معياراً لتعتمده الوزارة في عملية التسعير سواء في المواد التي يتم تسعيرها مركزياً من الوزارة أم مكانياً من دوائر الأسعار في مديريات التجارة الداخلية في المحافظات وذلك بغض النظر عن تذبذب سعر الصرف.
ووفقاً لبيتموني فإن ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء أو في شركات الصرافة لا يؤثر في عملية التسعير سواء كانت المواد المستوردة ممولة أم غير ممولة من مصرف سورية المركزي وعندما يصدر المركزي نشرة خاصة تتضمن سعر صرف الدولار في السوق السوداء، عندها يمكن أخذ ذلك بالحسبان لأنه الجهة الوحيدة لتشريع ذلك.
وترى بيتموني أن مسؤولية التاجر في السلع الممولة المحافظة على سعرها وفقاً لنسب الأرباح الموضوعة من الوزارة لا بل إنه أصبح مطالباً منذ شهر تموز بتخصيص 15 بالمئة من استيراده لمصلحة مؤسسات التدخل الإيجابي وذلك حتى يذهب التمويل للمستهلك ولا يقوم التجار برفع أسعار المادة بعد أن قامت الدولة بتمويلهم بالدولار وفقاً لسعر خاص، وبالتالي تستفيد مؤسسات القطاع العام من التمويل.
ووفقاً لبيتموني فإن ما يتم وضعه من نسب ربح للمواد الممولة في حده الأدنى يبلغ 5 بالمئة لكل من المستورد وتاجر الجملة و12 بالمئة لبائع المفرق لكن هذه النسب سترتفع للمنتج المحلي وذلك دعماً له، وكذلك ترتفع النسب لتصل ما مجموعه إلى 25 بالمئة للمواد الكمالية.
وتشير مديرة الأسعار إلى أن المستهلك هو بوصلة الوزارة مبينة أن موضوع المواد المقننة من سكر وزيوت وشاي وغيرها والتي كانت توزعها عن طريق المؤسسة الاستهلاكية في سنوات سابقة يحتاج إلى قرار حكومي، موضحة أن القدرة الشرائية للمستهلك لا يمكن أخذها بعين الاعتبار عند حساب هوامش الربح على المواد سواء كانت ممولة أم غير ممولة.
ووفقاً لبيتموني فإن إقدام التجار على رفع أسعارهم مع ارتفاع سعر الصرف يعود لأن أغلبهم يركز على القيمة الاستبدالية للسلعة، وهنا لا يمكن لنا أن نبرر ذلك في وقت يتم تمويله بالدولار من المصرف المركزي ملقية باللائمة على ضعاف النفوس برفع الأسعار.
«الاقتصادية» حاولت أخذ رأي اتحاد غرف التجارة السورية إضافة إلى تواصلها مع عدد من التجار، إلا أن الجميع اعتذر عن التصريح حول الموضوع.