عدالة صندوق دعم الليرة السورية
| عامر إلياس شهدا
مبادرة اتحاد غرف التجارة والصناعة تعبر عن حسٍّ وطني عالٍ، يترجمه رجال أعمال وصناعيون على أرض الواقع من خلال إحداث صندوق دعم الليرة السورية. تاريخياً وقف التجار والصناعيون والمصدرون مع الليرة السورية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، عندما قاموا بتنفيذ القرار الخاص بربط الاستيراد بالتصدير، حيث ساعد التنازل عن قطع التصدير في بناء احتياطي سورية من القطع الأجنبي.
أعتقد أن مبادرة إحداث صندوق دعم الليرة السورية، مبادرة يلزمها تفاعل فكري مشترك، يقوم به الجميع لضمان عدالة إجراءات هذا الصندوق، فمن خلال متابعة مجريات ما حدث خلال الأيام الماضية بخصوص ذلك وما رشح عن اجتماع حاكم مصرف سورية المركزي مع اتحاد الغرف، أفرز ذلك نقاطاً يجب الوقوف عندها ومناقشتها لضمان جانب من عدالة صندوق دعم الليرة السورية:
1- إعلان المبادرين بتحمّلهم خسارة فرق السعر، أي تحمل الألم بشكل منفرد، يمكن اعتبار ذلك خطوة تستوجب أن تقوم الحكومة بخطوة مقابلها للتحفيز والتشجيع على المساهمة في دعم الصندوق وضمان عدالته، فالعمل بالنتيجة تشاركي بين قطاعين خاص وحكومي، وهذا الأمر يستوجب أن تتحمل الحكومة مقداراً من الألم من خلال خلق روابط بين الخطوة الحكومية والصندوق، تضمن بها العدالة، لهذا أعتقد من المجدي أن تبادر وزارة المالية في وضع محفزات من خلال شرائح نقدية ترتبط بنسب إعفاء من الضريبة، يستفيد منها الداعمون للصندوق، كلٌّ بحسب الكتلة النقدية التي ساهم بها في دعم الصندوق، فليس من المعقول أن يعامل الجميع بالمستوى نفسه، أو يستفيد البعض على حساب البعض الآخر.
2- ما طالب به أحد الحاضرين بعد إعلانه المشاركة بمبلغ 10 ملايين دولار، حيث أشار إلى ضرورة قيام الفريق الاقتصادي بضبط عمليات الاستيراد، رغم أن الحكومة أصدرت بتاريخ الاجتماع نفسه مع الحاكم قائمة تمويل المستوردات، أعتقد أن ما طالب به المحاضر هو مطلب حق، أمام غياب صناعيين متمولين كبار لمستورداتهم عن المشاركة أو حتى الاهتمام بالمبادرة، فمن غير المنطقي والعقلاني تمويل مستوردات المواد الأولية لهؤلاء بالسعر الرسمي المدعوم وقيامهم بتسعير منتجاتهم بسعر السوق الموازي، هذا إذا فعلاً دخلت هذه المستوردات من المواد الأولية في عملية الإنتاج ولم يتم المتاجرة بها في السوق الداخلية أو حتى في أسواق الدول المجاورة، بهذه الحالة يستفيدون من الصندوق من دون تحمل أي ألم، ومن الممكن أن يعفوا أنفسهم من المشاركة في صندوق الدعم على اعتبار أنها اختيارية، هذا الأمر يلزمه إجراء حكومي يرتبط بالصندوق، فمثلاً تمويل كبار الصناعيين من القطع بالسعر الرسمي لتلبية احتياجاتهم من المواد الأولية لصناعاتهم، يخلق مسؤوليات على الفريق الاقتصادي أهمها خلق آليات تؤكد أن ما تم استيراده دخل في عملية الإنتاج، ولم تتم المتاجرة به، وذلك حفاظاً على موارد الخزينة، وبالتالي فالصناعي المتمول من القطع المدعوم عليه أن يصدّر جزءاً من إنتاجه ويتنازل عن جزء من قطع التصدير بسعر وسطي بين الرسمي والموازي، فليس من المعقول أن يدفع البعض والبعض الآخر يستفيد من موارد الصندوق في تمويل مستورداته من دون تحمّل أي عبء، لهذا أتت المطالبة لضمان العدالة بين الجميع.
أيضاً على مصرف سورية المركزي اتخاذ إجراء يحقق العدالة، فكبار المتموّلين من القطع لاستيراداتهم من المواد الأولية اللازمة لصناعتهم والذين لم يشتركوا في دعم الصندوق، تفرض عليهم نسبة عمولة لقاء تمويل هذه النسبة تودع في صندوق دعم الليرة السورية.
3- المبادرة وترجمتها على أرض الواقع رفعت نسبة التفاؤل لدى المجتمع وتعدّ خطوة أولى جدية باتجاه العمل على تعافي الاقتصاد السوري ودفع عملية الإنتاج، وهذا الأمر يتطلب من الحكومة وأصحاب المبادرة العمل على تخفيض أسعار المستهلك بما يتوافق مع انخفاض سعر الدولار، وهذه الأسعار ستنخفض تدريجياً وتصل إلى حد الاستقرار إذا تابعت الجهات المسؤولة في الحكومة عن الأسواق والأسعار الأمر بشكل جدي وبعيد عن الفساد.
هي فرصة يجب بذل الجهود لنجاحها وتحقيق أهدافها من خلال تحقيق العدالة، ورفع القوة الشرائية لليرة السورية، لينعكس ذلك إيجاباً على المستوى المعيشي للمواطن وعلى مستوى دفع العجلة الاقتصادية واستمرار دورانها.