ماذا بعد إلغاء اتحاد المصدّرين؟ – «المالية» و«الرقابة المالية» تشاركان في اللجنة لدراسة نفقات وآليات الصرف
الاقتصاد: الإلغاء سيعطي «رشاقة» أكثـر للتصدير
| محمد منار حميجو
أصدر الرئيس بشار الأسد قانوناً يلغي اتحاد المصدرين وتشكل لجنة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية مهمتها تصفية أعمال الاتحاد وتحديد الحقوق العائدة له والالتزامات المترتبة عليه على أن يتم تحديد المدة بثلاثة أشهر كحد أقصى.
وكشفت مصادر مطلعة في وزارة الاقتصاد أن اللجنة من الممكن أن تأخذ دور تحقيقياً باعتبار أنها من ستعمل على تصفية حقوق الاتحاد، وبالتالي فإنها ستعرف أين صرفت الأموال.
واعتبرت المصادر أن الموضوع حساس، لذلك فضلت عدم الخوض في تفاصيل الموضوع حتى يتم تشكيل اللجنة التي ستعمل على تصفية أمور الاتحاد.
لا تصوّر عن الإيرادات
وكشف مصدر في وزارة الاقتصاد أنه لا تصور حالياً عن إيرادات الاتحاد، وهذا سيتم تحديده من ضمن اللجنة التي ستشكل لتصفية أمور الاتحاد، مشيراً إلى أن اللجنة ستشارك فيها وزارة المالية والجهاز المركزي للرقابة المالية.
وأوضح المصدر أنه سوف يتم دراسة كل الأمور المتعلقة بموضوع الاتحاد عبر اللجنة بما فيها آليات الصرف والنفقات وغيرها، كاشفاً عن أن عائدات الاتحاد ستعود إلى الخزينة العامة.
وأشار المصدر إلى أنه لا يوجد اتحادات مصدّرين في دول المنطقة، بل هناك جمعيات للمصدّرين ودورها في بعض الأحيان يكون نقابياً والدفاع عن المنتسبين إليها، وبالتالي يكون دورها مختلفاً عن اتحاد المصدّرين.
واعتبر أن الاتحاد عبارة عن كيان إضافي يكرر عمل اتحادات الصناعة والتجارة، وبالتالي هناك تعارض وتدخل بينه وبين هذه الاتحادات، إضافة إلى فرضه رسوماً على المصدّرين حتى يستطيع تمويل ذاته.
وأكد المصدر أن إلغاء الاتحاد سيعطي رشاقة أكبر في عملية التصدير وحركة المصدّرين الذين بالأساس هم منتسبون إلى اتحادات غرف الصناعة والتجارة باعتبار أنه لا يستطيع أحد التصدير إلا عندما يكون لديه سجل تجاري وصناعي.
تسبب في مشكلة النسيج في سورية
وأعرب النائب في مجلس الشعب فارس جنيدان عن أمله أن يكون للجنة المشكلة دور في المحاسبة وليس فقط تصفية أمور الاتحاد لمعرفة أين هدرت الأموال، مؤكداً أن الاتحاد أحدث الكثير من المشكلات للصناعيين.
وفي تصريح لـ«الاقتصادية» أضاف جنيدان: تم إغلاق العديد من المعامل المصنعة للنسيج والخيط بسبب اتحاد المصدرين، موضحاً أنه طالب باستيراد الخيط ما شكل خسارة للمعامل التي تنتج هذه المادة إلى جانب الأقمشة داخل سورية.
واعتبر أن إغلاق هذه المعامل تسبب خسائر كبيرة للاقتصاد نتيجة السياسة الخاطئة من هذا الاتحاد، متسائلاً: كيف كان هناك تضخيم لدوره خلال السنوات العشر الماضية، ومن ثم تم اكتشاف فجأة أن هناك أخطاء في عمله.
وشدد جنيدان على ضرورة أن يكون هناك محاسبة، وأن تتابع اللجنة أدق التفاصيل، معرباً عن أمله في ألا تكون اللجنة مخترقة وبكل تأكيد سيكون هناك متابعة لعمل اللجنة أثناء تصفية أمور الاتحاد.
وأشار جنيدان إلى أن بعض أعضاء مجلس الشعب طالبوا أن يكون هناك ممثلون من الأعضاء في اللجنة، مشيراً إلى أن الاتحاد ذهب في الاتجاه الخاطئ وهي المصالح الشخصية، مضيفاً: على العلم كان الأمل أثناء إحداثه أن يجمع المصدرين، إلا أنه أدى إلى الكثير من الخسائر.
ولفت جنيدان إلى أنّ الاتحاد صرح عن إبرام عقود في معرض دمشق الدولي الذي أقيم منذ عامين بعشرة مليارات دولار، وكذلك في معرض بغداد أبرم عقوداً بقيمة 8 مليارات دولار، إلا أنه تبين بعد ذلك أنه لا يوجد شيء من ذلك على الرغم أن ذلك ساهم في رفع سعر الصرف وكانت مجرد أوهام.
ورأى جنيدان أن الأسباب الموجبة التي عرضتها وزارة الاقتصاد حول إلغاء الاتحاد كانت ضبابية، وبالتالي تمت المطالبة بأن يكون هناك أعضاء من مجلس الشعب لمتابعة الموضوع مع اللجنة، مشيراً إلى أن هناك خشية أن يتم إلغاء الاتحاد وتضييع الأموال المهدورة، وألا يكون هناك محاسبة للمسؤولين.
واعتبر جنيدان أن الحكومة تتحمل جزءاً من المسؤولية في عملية تأسيس الاتحاد لأنها لم تتابع مفاصل عمله باعتبار أنه بالأساس تم إحداثه لمصلحة الشعب، وبالتالي من كان يقود هذا الموضوع أخذه في اتجاه خاطئ والاستفادة الشخصية، وهذا أدى إلى موضوع حله.
وشدد جنيدان على ضرورة محاسبة القائمين عليه في حال كان هناك فساد وهدر للأموال، سواء من كان على رأسه أو من يسانده، مؤكداً ضرورة أن يطلع مجلس الشعب على تقرير اللجنة بعد تصفية أمور الاتحاد عبر لجانه المختصة.
واعتبر جنيدان أن اتحاد غرف الصناعة والتجارة كانا يقومان بدور الاتحاد في التصدير، معرباً عن أمله أن يبقى الوضع على ما هو عليه، وأن يبقيا المعنيين في ذلك.
تحديد المدة لمنع التلاعب
وأكدت النائبة جورجينا رزق أن القانون حدد عمل اللجنة بأن تقوم بتصفية أمور الاتحاد، وسوف يتم تشكيلها من وزارة الاقتصاد، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هناك رقابة وتفتيش على الاتحاد سابقاً.
وفي تصريح لـ«الاقتصادية» أضافت رزق: إن لجنة الطاقة والاقتصاد في المجلس حرصت على تحديد مدة للجنة وهي ثلاثة أشهر، لكيلا يكون هناك إطالة في حل الاتحاد.
وأكدت رزق أن اللجنة سألت وزير الاقتصاد عن أسباب إلغاء الاتحاد بعد عشر سنوات من تأسيسه، فكان جوابه: «الاتحاد في فترة من الفترات كان يقوم بواجبه، ولو لم يكن هناك خلل لما اتجهنا إلى إلغائه».
وأشارت رزق إلى أنه تبين أن سلبيات الاتحاد أكثر من إيجابياته، لافتة إلى أن هناك من أعضاء المجلس تحدثوا أن اتحادي غرف الصناعة والتجارة من الممكن أن يقوما بهذا الدور وهذا ما كان يتم قبل إحداث الاتحاد في عام 2009، وبكل تأكيد سيكون هناك تكامل عمل مؤسساتي بين هذه الجهات ووزارة الاقتصاد.
وأشارت رزق إلى أنه يمكن أن يكون هناك لجنة مشتركة بين اتحادي الصناعة والتجارة ووزارة الاقتصاد في موضوع التصدير، إلا أنه لا يمكن الحديث عن وزير الاقتصاد في هذا الموضوع، لأنه بكل تأكيد لديه رؤية حول هذا الموضوع.
ولفتت رزق إلى أن دور المجلس إلى جانب التشريع الرقابة، وبالتالي يجب دائماً تذكير الحكومة حول متابعة العديد من المواضيع بما في ذلك تنفيذ المشروعات، معتبرة أن المتابعة تُمكِّن من وضع اليد على باب من أبواب الفساد، مشددة على ضرورة أن يكون دور الحكومة مضاعفاً في هذه المرحلة.
وأضافت رزق: الحكومة يجب أن تعمل بشكل مؤسساتي، وأن يكون لدى كل وزارة خطة، وأن يأتي الوزير ليكمل عمل الذي قبله باعتبار أن هناك خطة خمسية لهذه الوزارة، مشيرة إلى أن اكتشاف وزير الاقتصاد لعدم جدوى الاتحاد لا يعتبر من ذنبه، إذا كان الاتحاد مقصراً في مرحلة سابقة ولم يتم تقييمه.
وكان هناك شبه إجماع في مداخلات أعضاء مجلس الشعب حول عدم جدوى وجود الاتحاد واعتباره عبئاً على الاقتصاد السوري، حتى إن بعضهم اتهم المسؤولين عليه بالفساد وضرورة محاسبة المقصّرين في حال ثبت ذلك، كما أن البعض وجّه انتقادات حول أداء المعارض في الخارج، مطالبين بتشكيل لجنة من المجلس للتدقيق في موضوع المعارض، إضافة إلى البيانات التي كان يقدمها الاتحاد إلى الحكومة.