اقتصاد رمضان – موسم الحوالات – 8-10 ملايين دولار قيمة الحوالات من الخارج – 130 ليرة خسارة كل دولار في الحوالات عبر القنوات الرسمية
محمود الصالح
من المعروف أن الحوالات الخارجية الداخلية إلى البلد تشهد انتعاشاً ملحوظاً خلال شهر رمضان الكريم، وتزداد بشكل أكبر قبيل عيد الفطر، إلا أن الملاحظ خلال جولة على عدد من مراكز التحويل انخفاض معدلات الازدحام التي طالما كنا نشهدها في مثل هذه الأيام من الأعوام السابقة، ويبدو أن السبب الرئيس في ذلك هو اتجاه التحويل إلى القنوات غير الرسمية حيث يتم التصريف بأسعار السوق السوداء أو قريب منها.
الأكاديمي والأستاذ الجامعي الدكتور علي كنعان بيّن أن الحوالات المالية قدّرت نهاية العام الماضي بنحو 12 مليون دولار يومياً، وهو ما يتم إرساله إلى داخل البلاد فقط.
وأشار كنعان إلى أن الحوالات كانت تقدر قبل الأزمة بحدود ١٥ ملايين دولار يومياً وفي بداية المرحلة الأولى للأزمة انخفضت إلى 4 ملايين دولار يومياً وفي المرحلة الثانية ارتفعت إلى ٨ ملايين دولار.
وعن وجود فرق في سعر صرف الحوالة بالمقارنة مع السوق الموازية بيّن كنعان أن أكثر الحكومات والمصارف تركز على ربحية الحوالة للمستقبل لها وتحاول تخفيض التكاليف قدر الإمكان لكي يبقى المستفيد من الحوالة مرتاحاً تجاه هذه الحوالة، من ثم تعطيه أسعاراً تحفيزية أو تخفض عمولات التحويل، ومن جهة أخرى إذا أراد أن يبدل العملة الأجنبية القادمة بعملة وطنية فيعطى أفضل الشروط لكي يحصل على سعر الصرف المناسب، وتشجيعه على التحويل، ولذلك تلجأ المصارف الأوروبية إلى اعتماد نظام الحسابات، أي يكون للمستقبل للحوالة حساب مصرفي ويتم تحويل الحوالة إلى الحساب المصرفي، ويعفى من عمولة التحويل وعمولة التصريف، وهذه قد تصل إلى نسبة 4 إلى 10 بالمئة، على حين إن الدول النامية لكي يحقق البنك المركزي أرباحاً على حساب أصحاب الحوالات فيفرض عليهم سعراً أقل من الأسعار في السوق السوداء، لتفقد الحوالة جزءاً من قيمتها، والبنك المركزي في سورية حدد سعر صرف للحوالات 434 ليرة للدولار في حين يصل سعر الصرف اليوم في السوق الموازية الى 570 ليرة سورية للدولار، وهذا الأمر دفع بالمغتربين إلى التحويل إلى الدول المجاورة لسورية: لبنان والأردن، ما يكبدهم مبالغ كبيرة لكن تبقى أقل من الخسائر التي تتعرض لها الحوالة في داخل البلاد حيث تخسر الحوالة 130 ليرة سورية عن كل دولار، داعياً إلى معاملة الحولات الواردة بسعر الصرف نفسه في السوق الموازية (السوداء).
وأكد كنعان أن على الحكومة تشجيع التحويل عبر القنوت الرسمية وليس وضع القيود والعراقيل عليها، لأن هذه المبالغ ستأتي إلى سورية وتصرف داخل البلاد فلماذا القيد على هذه المبالغ؟ لا سيما أن أصحاب هذه المبالغ جلهم من الفقراء ويحتاجون إلى المساعدة، منوهاً بأنه على المصرف المركزي أن يهتم بسعر الدولار الحقيقي وليس بسعر صرفه في الداخل، لأنه مثلاً إذا وصل إلى ألف دولار فإنه يستطيع أن يمول به المستوردات، فلا يهتم بأنه ربح أو خسر، لكون ما يهمه هو التوازن النقدي وتوافر القطع الأجنبي لتمويل الاستيراد أكثر من اهتمامه بسعر بيعه، وبالنسبة للحكومة فإن استمرار دخول العملة الصعبة بشكل نظامي هو أفضل من دخولها بالطرق غير المشروعة.
وأكد كنعان أن الحوالات تلعب دوراً في الاقتصاد السوري لأنه في حال توجيه قسم منها إلى الاستهلاك فإنها تحرك الطلب، فيزداد الاستهلاك من السلع والخدمات، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتشغيل العاطلين من العمل.
ومن جهة أخرى إذا تم توجيه هذه الحوالات إلى حرفيين ومستثمرين فإنها تشجع على تأسيس منشأة جديدة أو إصلاح المنشآت المخربة بهدف المباشرة في الإنتاج، وبالنسبة للحكومة توفر لها القطع الأجنبي لتمول من خلاله المستوردات من السلع الضرورية هي التي تحتاج إليها البلاد فهي تحقق فوائد متعددة يجنيها الاقتصاد الوطني من هذه الحوالات.