اقتصاد رمضان – عدد المحتاجين ازداد وعدد المقتدرين نقص عربش: الأسرة تحتاج إلى 500 ألف ليرة للإنفاق في رمضان
راما محمد
رأى الأستاذ الجامعي في قسم الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش أن شهر رمضان لأغلبية الأسر تحول تقريباً لشهر مشابه لغيره من الشهور؛ إذ انتهت طقوس إنفاق الأسر السورية على الطعام والعادات المتبعة خلال الشهر.
وأشار عربش إلى أنه وخلال فترة سنوات الحرب على البلاد، كان من الملاحظ أنه وبسبب عوامل كثيرة حصل انخفاض حقيقي بدخل معظم الأسر السورية، ما أدى بدوره إلى انخفاض في قدرتها الشرائية، موضحاً أن أول هذه العوامل كان البطالة، وخاصة في المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرة المجموعات الإرهابية، إذ إنه وبمرحلة من المراحل كان الإنتاج في تلك المناطق شبه معدوم.
وأضاف عربش إلى ما سبق: حجم الدمار الهائل والنهب والسرقات التي حصلت في الكثير من المنشآت سواء الصغيرة أم الكبيرة، وقال: لا أعتقد أنه وفي المنظور القريب قد يحصل ويعود إنفاق الأسرة السورية على شهر رمضان كما كان سابقاً.
ونوه بأن الأسر السورية بمعظمها كانت عادةً ترصد ميزانية خاصة لشهر رمضان ونفقاته، كذلك نفقات العيد من ضيافة وغيرها، مشيراً إلى المساعدات العينية والمادية والتبرعات التي كان يقدمها البعض قبل سنوات الحرب، وقال: معظم الذين كانوا يسهمون في هذه التبرعات والمساعدات أصبحوا هم بحاجة لمساعدة.
وتابع: المدى المنظور لا يدعو كثيراً إلى التفاؤل، وإذا ما استطعنا الحفاظ على الوضع الذي نحن فيه على الأقل مع تحسن بسيط نكون قد قمنا بشيء إيجابي، موضحاً أن التحسين البسيط يكون بالحفاظ أولاً على الأمن الغذائي للأسر وتخفيض نسبة المهددين بالفقر الغذائي، إضافة إلى تحسين مستوى المعيشة بحدود معقولة، واصفاً هذا التحسّن في حال حصوله بالإيجابي، وخاصة في ظل الواقع الذي تعيشه البلاد والحصار المفروض عليها.
وأشار إلى أن إحدى الجمعيات ستوزع 25 ألف سلة غذائية خلال شهر رمضان بقيمة 25 ألف ليرة للسلة الواحدة، ما يعني أن التكلفة الإجمالية ستبلغ 2.5 مليار ليرة، منوهاً بوجود العديد من الجمعيات المشابهة، إلى جانب أن الكثير من أموال الزكاة توزع كوجبات غذائية على القاطنين في مراكز الإيواء، مضيفاً: نحن نمتاز بهذا التكافل الاجتماعي الذي مازال موجوداً، لكن على قدر الإمكان والمتاح.
وتابع: ما حدث خلال سنوات الحرب أن عدد المحتاجين ازداد وعدد المقتدرين نقص، ومن اغتنى في هذه الحرب مستغلاً إياها لا يملك الضمير الذي يدفعه لمساعدة غيره.
وبيّن الأستاذ الجامعي أنه وفي حال رغبت الأسرة في إعادة إحياء الطقوس الرمضانية المتعارف عليها، فإنها ستحتاج إلى ما لا يقل عن 400 أو 500 ألف ليرة، لافتاً إلى أنه وفي سنوات ما قبل الحرب كان إنفاق السوريين خلال شهر رمضان يرتفع بنسبة 50 أو 60 بالمئة بالحد الأدنى عن متوسط الإنفاق الطبيعي، إلى جانب أن معظم الأسر كانت تشهد تحسناً في مستوى معيشتها خلال الشهر، وقال: بعض العائلات وبحسب ظروفها كان يتضاعف إنفاقها أكثر من مرة، بين دعوات على الطعام ومصاريف مطاعم وغيرها.
وتابع: قبل الحرب كانت تنفق الأسرة في المطاعم ما يقارب 700 أو 800 ليرة للشخص الواحد، على حين إنها حالياً تصل إلى 12 ألف ليرة للشخص الواحد، ما يعني أن الفاتورة من الممكن أن تصل إلى 60 ألف ليرة، إذا كانت العائلة مكونة من خمسة أشخاص.
وتطرق عربش إلى الحديث عن البيانات التي صدرت حول مسح الأمن الغذائي لعام 2018 من المكتب المركزي للإحصاء، والتي ذكر أن متوسط احتياج الأسرة 115 ألف ليرة شهرياً، واضعاً أمام هذا الرقم العديد من إشارات التعجب والاستفهام حسب تعبيره، وقال: هذا الرقم يناقض ما قيل سابقاً، إضافة إلى أن كل الحسابات تقول إن متوسط إنفاق الأسر يتراوح بين 250 و300 ألف ليرة، موضحاً أن المكتب نفّذ مسحاً لدخل ونفقات الأسرة في عام 2009، وصدرت نتائجه في عام 2010، وبلغ متوسط إنفاق الأسرة في ذلك الوقت بحسب المكتب نحو 30 ألف ليرة، وقال: إذا ما أسقطنا عامل التضخم من عام 2009 وحتى 2019 على هذه النتيجة، فعلى الأقل يجب أن يكون متوسط إنفاق الأسرة لا يقل عن 350 ألف ليرة.
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن ما يقال عن كون بعض العائلات تستطيع الإنفاق شهرياً بحدود 30 أو 50 ألف ليرة شهرياً هو صحيح تماماً، وخاصةً ما إذا كانت تملك مأوي بعيداً من دفع الإيجار الشهري، مؤكداً أنه وفي هذه الحالة فالأسرة تعاني وضعاً تغذوياً سيئاً.
وأضاف: عند الحديث عن متوسط إنفاق أسرة، فنحن نتحدث عن كمية المال اللازمة لتأمين الحدود الدنيا من المواد التغذوية وليس الغذائية، أي المواد التي تحوي الحد الأدنى من البروتينات والفيتامينات، وبالتالي فالأمن الغذائي يعني تأمين حاجة الجسم من المواد المغذية وليس الكفاية من الطعام، مؤكداً خطورة ضعف الأمن التغذوي على المدى الطويل؛ لكون هذا الجيل من الأطفال واليافعين الذي لا يتغذى كما يجب، سيكون عرضة لأمراض عديدة وهي مكلفة علاجياً.
وتمنى عربش على الحكومة أن تضبط الأسعار كما يجب خلال شهر رمضان؛ نظراً لأنه من المعروف أن الأسعار ترتفع خلال الشهر خاصة في الأيام الأولى منه، إلى جانب ضرورة أن تكون المواد الأساسية متوافرة وبأسعار مناسبة، مشيراً إلى ملاحظة أن بعض البائعين استبقوا وصول الشهر برفع الأسعار، ما يدل على غياب الأجهزة المناط بها ضبط هذه القضايا، وقال: نحن إلى جانب مديرية حماية المستهلك لدينا جمعية حماية المستهلك التي تسير من فشل إلى فشل، منوهاً بأن جمعيات حماية المستهلك في كل دول العالم لها تأثير كبير ودور أكبر وفعال في حماية المستهلك.
وتابع: الحكومة عاجزة عن تحسين مستوى معيشة المواطن، لكن من المفترض أن تكون قادرة على تخفيف معاناته، منوهاً بأن التكافل الاجتماعي ممول بشكل جيد من القطاع الخاص، آملاً أن تكون مساهمتهم أكبر؛ لكون الذين يعانون أصبحت نسبتهم أكبر.
وبين عربش أن مؤسسات التدخل الإيجابي والسورية للتجارة لم تحلّ أي مشكلة؛ لأن معظم صالاتها الرئيسة مستثمرة من مستثمرين يجري تغييرهم كل مدة لأسباب شخصية.
وأكد أنه في بعض الأحيان يختلف سعر السلعة نفسها من صالة لأخرى، بنسبة من الممكن أن تصل إلى 30 بالمئة، مضيفاً: أحياناً الصالات تبيع منتجاتها بأسعار أعلى من السوق، مشيراً إلى وجود تفاوت في الأسعار بين صالة وأخرى، رغم أن الصالات من المفروض أنها تتسوق من الجهة نفسها، ألا وهي السورية للتجارة، ما يعني أن اختلاف السعر لا يرتبط بكون المنتج نخباً أول أو ثانياً.
وتابع: والآن لجأت صالات ثلاث- استثمرت من مستثمر جديد- إلى بدعة جديدة وهي التغليف، ومن غير المعروف وزن السلعة المغلفة، وما إذا كانت تباع بالوزن أو بالقطعة.