هل يوجد تفاهم تحت الطاولة بين أمراء السكر لتقاسم السوق؟ «هيئة المنافسة»: العرض أكبر من الطلب.. و«التموين»: نحن نتدخل!
علي محمود سليمان
شهدت مادة السكر تحولات عديدة في آليات طرحها في الأسواق، وتقلبات سعرية متفاوتة بين الارتفاع والانخفاض خلال سنوات الأزمة التي تمر بها سورية، متأثرة بعديد العوامل المتداخلة في تركيبة فاتورتها السعرية.
وبالنتيجة، أصبحت من المواد المشدود عليها حزام التقشف نظراً لارتفاع سعرها بعدة أضعاف عما كان عليه في بداية الأزمة وقبلها، والسبب الأهم هو ضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري، الذي كان يشتري بأكياس الخمسين كيلو غراماً لتموين المادة في المنزل وبات يشتري بالكيلو، وبعد أن كانت توزع شهرياً على دفتر العائلة بنظام البونات أصبح من الوارد أن تدرج ضمن البطاقة الذكية.
ولم يعد مخفياً على أحد وجود متنفذين في السوق لكل سلعة من السلع ومن ضمنها السكر، فأصبح هناك عدد محدود من التجار المستوردين للمادة والمتحكمين بأسعارها وسوق عرضها وطلبها.
«التموين»: الأسعار مستقرة
«الاقتصادية» فتحت ملف السكر للوقوف على واقع هذه المادة في الأسواق لناحية أسعارها وطرحها ومصادرها، حيث أوضح معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب أنه من خلال جولات دوريات حماية المستهلك في أسواق المحافظات تبين أن المادة متوافرة في الأسواق بكميات جيدة، مبيناً أن أسعار المادة مستقرة وتتراوح بين ٢٣٨ و٢٤٥ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد وفق لوائح الأسعار التي تصدرها الوزارة، حيث يتم التسعير في الوزارة بعد أن يتم تقديم بيان التكلفة مرفق فيه كل الثبوتيات من بيان جمركي وشهادة منشأ وفاتورة وغيرها وتعرض الإضبارة بعد دراستها من مديرية الأسعار على لجنة التسعير المركزية وبالنهاية يصدر الصك التسعيري.
لا حالات للاحتكار
أشار شعيب إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ومن خلال ذراعها التسويقية للتدخل الإيجابي تقوم بطرح المادة في صالات المؤسسة السورية للتجارة بسعر ٢١٥ للكيلو غرام، وذلك لدعم المستهلك وتأمين المادة له بسعر أقل من السوق وبجودة جيدة.
وعن دور الوزارة بالرقابة على المادة أكد شعيب أن مديريات التجارة الداخلية بالمحافظات تقوم بإجراء جولات على الأسواق لمتابعة توافر المادة ومنع حالات الاحتكار ومراقبة أسعار المادة من خلال تداول الفواتير بين حلقات الوساطة، ولم يتم ضبط أي حالات احتكار لمادة السكر، وذلك نتيجة الطلب عليها وتعدد مصادر بيعها واستيرادها.
العرض يفوق الطلب
بدوره بيّن المدير العام لهيئة المنافسة ومنع الاحكتار شفيق العزب أن مادة السكر متوافرة في السوق بأنواع وماركات مختلفة ومن مناشئ ومصادر متعددة (مصري، أوروبي، جزائري) ويتم تأمينها من عدد من المستوردين إضافة للإنتاج المحلي.
وبين العزب أنه وفق جولات الهيئة في الأسواق لوحظ أن العرض يغطي أو يفوق الطلب المنخفض على المادة، وهو شأن معظم المواد الغذائية، وذلك نتيجة لانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك.
ولفت العزب إلى أن سعر مادة السكر في الأسواق بحسب جولات الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار يتراوح بين ٢٤٠ – ٢٥٠ ليرة سورية للكيلو غرام، ووفق ذلك فقط حافظت أسعار مادة السكر على مستواها تقريباً رغم انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل القطع الأجنبي، وذلك لانخفاض الطلب على المادة، إضافة لتوافرها في صالات المؤسسة السورية للتجارة بسعر ٢٢٠ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد.
٢٠ طن سكر في دمشق
من جانبه كشف مدير فرع السورية للتجارة في دمشق طلال حمود أن الإقبال على شراء مادة السكر من صالات المؤسسة في دمشق يعتبر جيداً في ظل توافر المادة بشكل دائم ويومي وتأمينها بسعر منافس للأسواق وأقل منها بحوالي ٣٠ ليرة سورية، حيث يتم بيع المادة بسعر ٢١٥ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد، ويجري تعبئتها وتغليفها ضمن أكياس خاصة بالسورية للتجارة لمنع الاتجار بها، ضمن أكياس وزن واحد وخمسة كيلو غرامات، مفيداً أن أغلبية المواطنين لا يشترون أكثر من خمسة كيلو غرامات نتيجة توافر المادة وعدم التخوف من انقطاعها فلا داعي لتخزينها.
ولفت حمود إلى أنه يتم طرح كمية ٢٠ طناً من مادة السكر ضمن صالات السورية للتجارة المنتشرة في دمشق والتي تبلغ حوالي ١٥٠ صالة، ويتم بيعها بالكامل تقريباً، مشيراً إلى أن المادة يتم تأمينها عن طريق الإنتاج المحلي في مصنع السكر في سلحب، وعن طريق استجرارها من التجار المستوردين للمادة.
احتكار القلة يحكم الأسواق
مصدر حكومي أوضح أن السبب الأساسي لعدم وجود حالات احتكار للمادة في الأسواق هو تنوع العرض من عدة مصادر بالإضافة إلى استمرار الطلب عليها في الأسواق وإن كان بنسب وكميات تتفاوت بحسب المناسبات، فيزداد الطلب على مادة السكر خلال فترة الأعياد وفي فترة فصل الشتاء، ويختلف من محافظة للأخرى فهناك محافظات تستهلك السكر بكميات تزيد على باقي المحافظات بحكم العادات الاستهلاكية لأبناء المحافظة.
ولفت المصدر الحكومي إلى وجود تفاهم ضمني بين التجار على تقاسم حصص الاستيراد للسلع والمواد، بحيث هناك عدد محدد من التجار تستورد مادة السكر، وعددهم تقريباً خمسة تجار، بمقابل تجار آخرين يختصون باستيراد سلع أخرى كالزيوت والشاي وسواها، وهو ما يتعارف عليه بمصطلح احتكار القلة وهو شائع في كل دول العالم، وتختلف نسبته من دولة إلى أخرى، وقد تم تحديد نسبته في سورية بـ ٢٥%، بحيث يمكن لعدد من التجار الاتفاق فيما بينهم على الأسعار لاستيراد سلعة معينة، على ألا تزيد حصتهم في السوق على ٢٥%، ولكن هذه الحصة تكون كافية أحياناً للتحكم في السوق من خلال العرض والطلب.
بالإضافة إلى تحميل إجازة الاستيراد الواحدة لعدة بنود جمركية إضافية، حيث يتمكن التاجر من استيراد عدة مواد أخرى إضافة للمادة الأساسية التي حصل على إجازة الاستيراد لها وهذا الأمر ينطبق على مادة السكر أيضاً.