عرّاب صناعة البن والغذائيات طلال قلعه جي لـ«الاقتصادية»: تهريب بضائع منتهية الصلاحية من تركيا وتزوير ماركات معروفة دخلت الأسواق
وفاء جديد
أرخت سنوات الحرب والعقوبات الاقتصادية الجائرة الأحادية الجانب ظلالها القاتمة على الصناعة، ما جعلها تعاني مشكلات وصعوبات كثيرة، وكانت النتيجة تدني الإنتاج، وارتفاع كلفه، وارتفاع الأسعار، في القطاعات كافة.
غرفة صناعة دمشق كان لها دور في مساعدة الصناعيين في مختلف القطاعات خلال هذه الفترة، ومنها قطاع الصناعات الغذائية، الذي استطاع النهوض وتطوير واقعه، رامياً خلف ظهره كل ما من شأنه إيقاف خطوات تقدمه، ليتمكن من تصدير منتجاته، والتي وصلت إلى 110 دول حول العالم، وهنا يبرز اسم رئيس القطاع الغذائي الصناعي طلال قلعه جي الذي قدم دعماً للصناعة الغذائية.
مهرجان صنع في سورية كان واحداً من أبرز الفعاليات التي قدمت لخدمة كل من الصناعي والمستهلك على حد سواء، وقد كان نافذة لتسويق وترويج المنتجات في المحافظات كافة، ما أدى إلى تطوير الشركات لمنتجاتها لتنسجم مع أذواق ورغبات المستهلكين الذين أتيحت لهم السلع كافة بأسعار الكلفة، وعندما عاد إطلاق معرض دمشق الدولي من جديد بعد سنوات من التوقف، كان لقلعه جي دور أيضاً في جعل جناح الصناعة الغذائية مميزاً، أظهر المنتج السوري بأبهى صوره، وكان له بصمته الخاصة في دعم الصادرات الغذائية، حتى وصفته بعض وسائل الإعلام بـ«عراب الصناعات الغذائية».
طلال قلعه جي هو رجل الأعمال السوري ذو الـ58 عاماً، شريك مؤسس في شركة «الذهبية» للاستيراد والتصدير، ويشغل منصب مدير عام فيها، وهو رئيس مجلس إدارة شركة «حسيب» للبن، وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها عن قطاع تحميص البن وطحنه وتعبئته آلياً منذ عام 2014، ورئيس قطاع الصناعات الغذائية في الغرفة منذ 2014.
«الاقتصادية» حاورت قلعه جي في شتى المواضيع المتعلقة بقطاع الصناعات الغذائية، مصرّاً على عدم الحديث عن مسيرته في عالم الصناعة الغذائية، وفيما يلي نص الحوار:
• بداية، دعنا نسلط الضوء على واقع قطاع الصناعة الغذائية في سورية ومدى تطوره في الوقت الراهن؟
يعد القطاع الغذائي اليوم من أهم القطاعات الاقتصادية المصنفة في سورية والتي تصدر إلى 110 دول حول العالم.
بالطبع اختلف القطاع الغذائي كثيراً عن السابق، وخلال سنوات الأزمة أثبت القطاع وجوده وحضوره، بحيث تم التحول من استيراد المواد الغذائية من الدول المجاورة وأوروبا إلى تصنيعها محلياً كمنتج وطني ضمن المواصفات العالمية والمواصفات القياسية السورية، مثل صناعة الكونسروة وصناعة الشوكولا وصناعة البسكويت.
وخلال العامين الماضيين، افتتح ما يقارب 150 معملاً بقطاع الصناعة الغذائية، وهذا من دلائل النصر للصناعة السورية والقطاع الغذائي في ظل الحصار الاقتصادي على سورية والحرب الكونية التي استهدفت تحطيم معاملنا ومصانعنا والبنى التحتية، إلا أن الصناعي السوري في القطاع الغذائي استطاع إثبات وجوده والوقوف على قدميه، ويمكن القول إن القطاع الغذائي اليوم قطاع متميز وضخم، ومشكورة الحكومة التي وعدت بحل أغلبية الصعوبات التي يواجهها القطاع الغذائي.
خلال العامين الماضيين شهدنا افتتاح أكثر من معمل جديد من القطاع الغذائي كل أسبوع، وهذا أمر نعتز به، وخاصة أن البضائع المصدرة منها والمحلية تتمتع بالمواصفات العالمية والمواصفات القياسية السورية.
• ما أكثر المنتجات الغذائية المحلية الصنع التي يتم تصديرها؟
المنتجات الغذائية السورية كلها تتموضع في قائمة التصدير كالأعشاب والبن والحلويات، والكونسروة التي تحتل المرتبة الأولى، والألبان والأجبان وغيرها.
• تحدث البعض عن إعادة تصدير مواد غذائية منتهية الصلاحية، أو تصدير مواد تدخل فيها مواد مهربة؟
هذا الكلام غير صحيح، ونحن كقطاع غذائي، هناك تهريب لبضائع منتهية الصلاحية من تركيا إلى الداخل السوري، وتم تزوير ماركات معروفة كلياً ودخولها إلى الأسواق.
نحن وضعنا الوزراء المعنيين بصورة هذا الموضوع وتتم متابعته، وليس الصناعي السوري من يشتري بضائع منتهية الصلاحية ويصدرها، فنحن لنا اسم، ولا أحد يفرط باسم منتجه.
يجب أن ننشر ثقافة بالأسواق أن وجود ماركات في الأسواق بأسعار غير منطقية حتماً ستكون مواد مزورة ومقلدة وغير صالحة للاستهلاك البشري، ونؤكد عدم إمكانية تصدير أي مادة للخارج من دون أن يتم فحصها وتحليلها وخاصة المنتجات الغذائية، أما محلياً فهناك غش وتدليس كبيران والمستهلك غير مدرك تماماً بأن هذه المواد قد تكون منتهية الصلاحية ومتلاعب بها، وفي هذا السياق، ضبطت الحكومة الكثير من البضائع الداخلة من تركيا التي تهدف إلى الإساءة للصناعة الغذائية والقطاع الغذائي، وبدورنا، نحن نعمل على أن يكون المنتج الغذائي مستوفياً للشروط الصحية ومراقباً بشكل دقيق.
وردتنا الكثير من الشكاوى على مادتي الحلاوة والطحينة اللتين تأتيان من المنطقة الشمالية بماركات وهمية وفيهما زيوت غير صحية، لذلك ننصح المستهلك اليوم أن يتأكد من اسم أي ماركة مطروحة في الأسواق، والابتعاد عن الأسماء التجارية غير المعروفة في مجالاتها، إذ إن ضعاف النفوس يلجؤون لهذا الأسلوب الذي يحقق أرباحاً خيالية، حيث يتم بيع بضاعة متجهة للتلف بعد أن يتم إحياؤها بلوغو وتاريخ صلاحية جديد، لتتمكن حينها من منافسة البضائع والماركات الموجودة في الأسواق.
• بكم تقدر قيمة البضائع والمواد الغذائية المهربة التي تدخل من تركيا؟
لا فكرة لدي عما يتم تصنيعه هناك، ولكنها كميات كبيرة جداً، فهناك أطنان كثيرة من المواد المنتهية الصلاحية يتم وضع لوغو جديد لها وطرحها في الأسواق.
• ما عوامل النجاح الأساسية التي يرتكز عليها قطاع الصناعة الغذائية في سورية؟
إن أهم مفاتيح النجاح هو منح المنتج حقه، أي جعله مستوفياً للشروط النظامية والمواصفات، وبسعر مناسب، مع دراسة جودة المنتج، إذ تتمثل العوامل الأساسية في العمل وفق المواصفات القياسية العالمية والسورية، وتحسين جودة المادة المنتجة.
إن كل الشركات اليوم حريصة كل الحرص على تلبية حاجة المستهلك وذوقه كي لا تصنع سلعاً من دون حاجة السوق، ومع إقامة غرفة صناعة دمشق وريفها للمهرجانات والمعارض تخلق عمليات تسويق كبيرة نتيجة الاحتكاك المباشر بين المستهلك وصاحب المعمل الذي يسعى بعد ذلك إلى تحسين منتجه وطرحه في الأسواق بناء على طلب المستهلك، لذا أصحاب المهنة مبدعون فيها، لكن الدخلاء على المهنة سوف يفشلون حتماً.
• ما المعوقات التي تواجه قطاع الصناعة الغذائية في سورية؟
لن نتكلم بالمعوقات، فالمعوقات كثيرة، ولا نستطيع التكلم عنها، لكن قدمنا المقترحات لرئيس الحكومة بعد اجتماعنا معه مؤخراً، ووعدنا بأن الصعوبات كافة سوف تحل خلال الفترة القادمة، خاصة مع الاهتمام الكبير للحكومة بدعم وتنشيط الصناعة السورية.
• برأيكم، هل تقوم الحكومة بدورها الفعلي واللازم لدعم الصناعيين؟ وما مطالبكم منها؟
بالطبع، الحكومة تؤدي دورها المطلوب، فقد فتحت الباب للغرف الصناعية لاستيراد المشتقات النفطية، وتشكر على ذلك، وهناك الكثير من المطالب التي قدمناها والحكومة تنفذها اليوم، فصلب اهتمام الحكومة اليوم دعم الصناعة السورية والمنتج الوطني ومحاربة التهريب الذي يضر الصناعة المحلية، كما أن هناك توجهاً كبيراً من رئيس الحكومة حول هذا الموضوع، حيث يقوم بزيارة المناطق الصناعية ليطلع على هموم ومشكلات الصناعيين لمحاولة حلها على أرض الواقع، ولدعم هذه الصناعة التي يبنى عليها الاقتصاد، وهناك توجيه من رئيس الحكومة بأن نكون كحكومة وصناعيين يداً واحدة وفي خندق واحد لجهة التشاركية في القرارات.
كلنا نعلم، أن سورية تشهد اليوم حرباً اقتصادية جديدة وحصاراً اقتصادياً جائراً أحادي الجانب، فالدول المعادية بعد أن خسرت في الحرب العسكرية لجأت إلى الحرب الاقتصادية والحصار الاقتصادي، لذا تعمل الحكومة بجدية على دعم الصناعي في سياق مواجهة الحرب الاقتصادية.
مع انفتاح سورية بعد تحرير 90 في المئة من مساحتها من الإرهاب وانتهاء الحرب العسكرية فيها، بدأ المستثمرون بالعودة والاستثمار، ما دفع الدول المعادية لمحاربتهم ومنعهم من العودة للاستثمار، لذا فإن الموضوع سياسي بحت، ويتجسد بمحاربة الاقتصاد والحصار الاقتصادي ومحاربة المستثمرين بعد الفشل العسكري.
• مشاريعكم لتطوير قطاع الصناعة الغذائية؟
نعمل على تطوير عمل اللجان الغذائية المتخصصة البالغ عددها ١٤ لجنة، ونحاول أن يكون قطاع الصناعة الغذائية خلال السنوات الأربع القادمة في سورية ولاسيما في غرفة صناعة دمشق وريفها بأبهى صورة.
• ما خططكم المستقبلية في هذا المجال؟
نحاول الاجتماع مع اللجان الفرعية الغذائية التخصصية كافة كل شهر، لمعرفة إلى أين وصلنا، وما الذي نريد فعله في المستقبل؟