6 آلاف دعوى تموينية في دمشق وريفها وأقصى عقوبة مالية لا تتجاوز مليون ليرة
قربي: التاجر ومراقب التموين يقسوان على المواطن
محمد منار حميجو
يبدو أن محاكم التموين ما زالت مقتصرة على محاسبة صغار التجار التي لا تتعدى تجارتهم محال صغيرة إضافة إلى أن الغرامات المالية قليلاً ما يصل بعضها إلى مليون ليرة على حين معظم العقوبات تصل في أقصى درجاتها إلى 250 ألف ليرة أما من جهة عقوبات السجن فأقصى مدة من الممكن أن تصل إلى سنة «بحسب مختصين».
ويتساءل المختصون: هل المشكلة في المحاكم التي أحدثت في ظل الأزمة وجاءت في ظروف صعبة أم في القانون لأنه في النهاية القاضي يطبق قانوناً وليس بدوره أن ينزل إلى الأسواق لضبط التجار الكبار؟
والسؤال الأكثر إلحاحاً: أين مشروع قانون التموين الجديد؟ وماذا حل به؟ هل بقي ضمن الأدراج أم إنه ما زال قيد النقاش رغم مضي مدة زمنية على الإعلان عن تعديل هذا القانون؟.
فضح الغشاشين
كشفت إحصائيات قضائية أن 6 آلاف دعوى تموينية نظرت فيها محاكم دمشق وريفها سواء البداية أم الاستئناف من دون ذكر قيم الغرامات التي تم فرضها في الدعاوى التي تم فصلها، مشيرة إلى أن هناك عقوبات وصلت حتى مليون ليرة على حين عقوبة السجن وصل بعضها إلى سنة.
وأشارت الإحصائية إلى أن معظم الدعاوى متعلقة بمخالفات التسعيرة وجودة المواصفات إضافة إلى وجود دعاوى متعلق بمواد منتهية الصلاحية ومغشوشة. من جهته أكد مصدر قضائي أنه عندما يتم تنظيم الضبط بحق التاجر فإنه من حقه أن يتقدم بطلب إلى مدير التموين لدفع الغرامة قبل وصوله إلى القضاء التي تذهب إلى صندوق ذوي الشهداء، موضحاً أن هذا يتعلق ببعض المخالفات التي لا تمس الأمن الغذائي في البلد وكذلك الحال للغش فإنه لا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هؤلاء المخالفين.
وفي تصريح لـ«الاقتصادية» أوضح المصدر أن التاجر المخالف يتقدم بطلب إلى مدير التموين لدفع الغرامة وفتح محله إدارياً ومن ثم يرفع المدير الطلب إلى وزير التموين للموافقة عليه أو رفضه وفي حال لم يوافق على الطلب يتم تحويل الضبط إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بحسب ما نص عليه قانون التموين.
وكشف المصدر أنه تم فرض العديد من العقوبات بالسجن بحق تجار وصلت إلى سنة، كما أن هناك عقوبات غرامات وصلت حتى مليون ليرة.
وبيّن المصدر أن العقوبات تختلف بحسب المخالفة فهناك إغلاق وإشهار وغرامة مالية والسجن وأحياناً هناك مخالفات تستوجب كل العقوبات المشار إليها، مشيراً إلى أن الإغلاق يتم عبر دائرة تنفيذ الأحكام الجزائية ومن ثم يتم تنفيذ الحكم عن طريق الشرطة.
وأضاف المصدر: الإشهار بإغلاق المحل يتم عبر لصق ضبط على باب المحل المغلق يتضمن المخالفة التي أغلق بسببها المحل، معتبراً أن هذه العقوبة شديدة لأنه يصبح معروفاً عند الناس أنه ارتكب مخالفة تموينية سواء كانت غشاً أم غيرها.
وأشار المصدر إلى أن معظم العقوبات التي أصدرتها محاكم التموين في دمشق وريفها غرامات وسجن، مشيراً إلى أن قرار إغلاق المحال يكون مؤقتاً يحدده القاضي فمن الممكن أن تصل إلى أسبوعين وأحياناً تكون لمدة شهر بحسب المخالفة المرتكبة من التجار ومدى ضررها على المجتمع.
ولفت المصدر إلى أن المخالفات الشديدة تكون بحق التجار الذين ارتكبوا مخالفات الغش أو مخالفة المواصفات ما يؤثر سلباً في المواطن، معتبراً أن هذه المخالفات خطرة.
وأوضح المصدر أنه في حال تحويل الضبط على القضاء لم يعد هناك مجال للمصالحة على الضبط فلا بد من تطبيق العقوبة المنصوص عليها في القانون وحسب المخالفة المرتكبة مشيراً إلى أنه بالإمكان أن يحول القاضي عقوبة السجن إلى غرامة مالية وهذه من السلطة التقديرية الممنوحة له في ذلك إضافة إلى ذلك يعود ذلك إلى حجم المخالفة المرتكبة وتأثيرها سلباً في سلامة غذاء المواطنين.
واعتبر المصدر أن مخالفات التموين لها تأثير في المجتمع من عدة أمور أهمها التأثير في القوة الشرائية للمواطنين برفع التسعيرة وعدم التقيد بتسعيرة التموين وكذلك الحال في المخالفات المتعلقة بالغش ومخالفة جودة المواصفات ما يؤثر ذلك في صحة المواطنين.
وأكد المصدر أن القضاء لا يتهاون مع هذه المخالفات ويتم تطبيق العقوبات الشديدة والمنصوص عليها في القانون إذا كانت المخالفة تؤثر في سلامة المواطنين.
تدخل غير ذكي
ورأى رئيس لجنة الخدمات في مجلس الشعب صفوان قربي أنه لا قراءة واقعية اقتصادية لواقع الأسواق، موضحاً أن هناك خللاً في النهج والذهنية التي تقرأ هذا الواقع وكيفية تعديله والتأثير فيه.
وفي تصريح لـ«الاقتصادية» أضاف قربي: البعض يظن أن مديرية التموين من الممكن أن ترفع الأسعار أو تخفضها وهذا الكلام غير صحيح، مبيناً أنه من يضبط السوق هي سياسة العرض والطلب وهذه قاعدة اقتصادية منذ آلاف السنين وستبقى آلاف السنين.
واعتبر قربي أنه لا يمكن أن يكون هناك سياسة لتخفيض الأسعار إلا عبر ضخ المواد في الأسواق باعتبار أنه من غير الممكن أن يتم فرض سعر معين على مادة قليلة في السوق وهذا ما يكون أقرب للخيال.
ورأى قربي أن أدوات تدخل الحكومة في السوق محدودة وأن القرارات الإدارية لا تضبط الأسواق فمن الممكن أن تؤثر فيها نسبياً وليوم أو يومين ولكن لا يمكن أن تؤثر على المدى البعيد، مضيفاً: ومن ثم هذه القاعدة أن تكون في ذهن الحكومة أولاً فمهمة مراقبي التموين يجب أن تنحصر مهمتهم في ضبط حالات الخلل في المواصفة والجودة وليس ضبط خلل التسعير.
وأضاف قربي: التسعير يجب أن يكون خارج نطاق ذهن إدارة التموين بمعنى أن السوق يجب أن تخضع لقاعدة العرض والطلب وهذا متعارف عليه في العالم فلا يمكن أن يكون لدينا قواعد اقتصادية مختلفة عن أبسط ألف باء الحياة الاقتصادية.
واعتبر قربي أن التدخل في التسعير يندرج ضمن التدخل غير الذكي فالتركيز يجب أن يكون على نوعية المادة والمواصفة والرقابة الصحية على المواد الغذائية فهل المواد التي نأخذها صحية؟ وما تبقى فإن السوق من الممكن أن تضبط ذاتها بذاتها.
وأضاف قربي: أقرأ أن حاجتنا للمراقبين التموينيين حاجة معدومة فلا أظن أن لهم فائدة كما نرجو، فدورهم يجب أن يكون فنياً ومختلفاً عما يقومون به حالياً في الأسواق، مؤكداً أن العصا لا تضبط السوق.
واعتبر قربي أن عنصر التموين حالياً أقرب إلى عنصر الجمارك، مضيفاً: الرقابة السلبية مستفزة ومدخل للفساد لكن قابلة للضبط بنوع من أنواع الحرفية الاجتماعية فقط لا غير.
وأكد قربي أن العقوبات المالية أقرب ما تكون للردع وتكون مؤلمة جداً فبينما الإدارية قابلة للاختراق، مشيراً إلى أن العقوبات الجزائية دائماً تكون من جنس العمل.
وأضاف قربي: أنا من أنصار التشدد في العقوبات المالية وترك السوق تعمل في حرية وهذا هو الصح وكل من يفكر عكس ذلك يكون واهماً أو يحاول أن يتدخل في أسلوب الحياة.
وأشار قربي إلى أن هناك تكاملاً بين التاجر ومراقب التموين وأحياناً الطرفان يقسوان على المواطن الذي يدفع الثمن في النهاية، مشدداً على ضرورة أن تأخذ الحكومة أيضاً دور التاجر عبر استيراد المواد الأساسية وضخها في الأسواق.
ورأى قربي أن ألف خطاب وتعميم ونشرة أسعار لا يمكن أن تضبط السوق وفقط ضخ المواد هو العنوان الأساسي، مضيفاً: لنبتعد عن الخطابات وعن عصا التموين الغليظة ستكون الأسواق في أحسن حال.
ونص قانون التموين الحالي أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبالغرامة المالية من 500 ألف إلى مليون ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع منتجات معدة للبيع باسم معين تخالف العناصر التي يجب أن تدخل في تركيبها مثل هذه المنتجات وفي حال حازها أو عرضها للبيع يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة مالية من 25 إلى 50 ألف ليرة.
كما تضمن القانون أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة مالية مقدارها 25 ألفاً كل من غش في أغذية الإنسان أو الحيوان أو الحاصلات الزراعية أو الطبيعية متى كان معداً للبيع، وكل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئاً من هذه المواد أو الحاصلات التي غشها.