أمراء الاستثمار في أملاك الدولة! – وزير الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني: حصلنا على 26 مليار ل.س من خلال العقود الجديدة للاستثمار في أملاك الدولة
«الاقتصادية» تفتح ملف أموال استثمارات أملاك الدولة
الملف إعداد: محمد راكان مصطفى- علي نزار الآغا
زادت العوائد الاستثمارية لأملاك الدولة 26 مليار ليرة سورية حتى منتصف عام 2018، مما يعتبر مؤشراً لحجم الإهمال في الاستفادة من هذه العقارات، المترافق بالممارسات غير الصحيحة، إضافة إلى عدم تحريك القيم الإيجارية بما يتناسب مع السعر السوقي، الأمر الذي اقتضى التفكير بآلية تدار مركزياً لتجديد العقود المنتهية فترتها الإيجارية، وتنفذ العقود الجديدة، وتمكن من متابعة العقارات من حيث موعد تجديد العقود، القيمة الإيجارية أو الاستثمارية وبما يحقق المتابعة الدورية.
18161 عقداً تم تدقيقه حتى نهاية 2018، منها 10483عقداً تم معالجته، مع وجود 3758 عقداً إضافياً قيد التدقيق والمعالجة لدى وزارة الإدارة المحلية حتى نهاية 2018، وتمت معالجة 10483عقداً منها، كل ذلك أدى إلى نتائج مالية مهمة خلال الفترة السابقة تمثلت بمنعكس مالي خلال المدة السابقة بزيادة القيمة الإيجارية من 540.2 مليون ل.س إلى4.7 مليارات ل.س وبزيادة 4.1 مليارات ل.س، علماً أن العمل مستمر وهذه هي البداية، كل ذلك والعديد من المحاور التي تخص أملاك الدولة وعوائدها الاستثمارية كان محور الحديث مع وزير الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
أين أصبح ملف أملاك الدولة حالياً وبالأرقام؟
تصحيح واقع استثمار العقارات المملوكة من الجهات الحكومية هو عملية مستمرة، بدئ العمل به عام 2016 وما زال مستمراً، ويقع التصويب الحقيقي لواقعها على عاتق الجهات المالكة لهذه العقارات، فاللجنة المكلفة تبنت الملف وحركته وتابعته ليأخذ مساره التصويبي، وذلك لاختلاف تواريخ عقود الإيجار والاستثمار والمدد الزمنية.
حقق العمل الذي تم من خلال اللجتين المكلفتين زيادة في العائد نحو 26 مليار ليرة سورية، مع الأخذ بالحسبان أن هذه البيانات هي لمنتصف 2018، وهذا دليل ومؤشر إلى حجم الإجحاف والإهمال في الاستفادة من هذه العقارات المترافق بالممارسات غير الصحيحة في أماكن وحلقات مختلفة، ما يتطلب متابعة دورية.
ما أبرز الملاحظات والمعوقات في إدارة الملف؟
غياب بعض البيانات، عدم إيلاء هذه الملكيات الأهمية المطلوبة، عدم المتابعة، وعدم تحريك القيم الإيجارية بما يتناسب مع السعر السوقي.
لماذا وزارة الأوقاف والاتحادات والنقابات المهنية خارج إدارة الملف؟
أما ما يخص وزارة الأوقاف فعقاراتها تختلف في طبيعتها وطرق إدارتها واستثمارها، فالوزارة تملك طيفاً من الأراضي الزراعية والعقارات التي تقوم برعايتها من خلال مديريات الأوقاف في المحافظات إضافة إلى الشعب الوقفية، والأجور المتحصلة تستخدم في الإنفاق على خدمة المساجد ودور الأيتام وإعانة الفقراء، والقسم الإنمائي منها يرصد لتطوير العقارات الوقفية.
وتواجه الوزارة العديد من المصاعب منها إشغال الجهات العامة لحوالي 500 عقار وقفي وتدني أجورها، وجود مخالفات جماعية وسكن عشوائي على عقارات وقفية مهمة، وطالبت الوزارة بإيجاد آلية قانونية مناسبة لجعل دعاوى الأوقاف تنظر بصورة مستعجلة أمام المحاكم المختصة وخاصة دعاوى الإخلاء والتخمين، وقد صدر مؤخراً قانون الأوقاف الجديد الذي أتاح للوزارة الإمكانية لاستثمار ملكياتها بطريقة اقتصادية حيث تضمن في المادة 49 تشكيل مجلس الأوقاف المركزي الذي من يأتي ضمن مهامه الموافقة على استثمار الأوقاف المنقولة وفق أحكام الشريعة الإسلاميَّة، وإقرار عقود المشاركة واستثمار الأوقاف بالطريقة التي يراها مناسبة بما يُحقِّق أفضل العوائد الاستثماريَّة للوقف، والبت في طلبات استبدال العقارات الوقفيَّة كافَّة، بما فيها الجوامع والمساجد الخَرِبَة والمؤسسات الخيرية والمقابر، والاستثمار لعقارات الأوقاف وفق نظام (البناء والتشغيل والتحويل أو الإعادة).
أما عن النقابات المهنية فلديها نظام الاستثمار الخاص بها بحيث تعود عوائد هذه الاستثمارات على صناديقها المختلفة التي تخدم الأعضاء المساهمين في النقابة وتدعم جزءاً من الرواتب التقاعدية إضافة لما يقتطع من أعضائها، وتحرص النقابات غالباً على تحقيق الاستثمار الأمثل لهذه الموارد.
كذلك الأمر لدى معظم الاتحادات، وقد تم من خلال اللجنة تصحيح واقع بعض العقارات المملوكة من الاتحاد الرياضي العام في المركز والمحافظات.
كيف تتم متابعة تنفيذ العقود الجديدة في استثمارات أملاك الدولة، وخاصة بعد تسجيل ملاحظات عدة على بعضها؟
الجهات المالكة للعقار هي من يتابع تجديد العقود المنتهية فترتها الإيجارية، وهي التي تنفذ العقود الجديدة، ويتم التفكير بآلية بسيطة تدار مركزياً، تمكننا وتمكن الجهات الحكومية من متابعة عقاراتها من حيث موعد تجديد العقود، القيمة الإيجارية أو الاستثمارية وبما يحقق المتابعة الدورية.
كيف تضبط العمليات التي يلجأ إليها البعض لضمان رسو العقود على مستثمرين معينين؟
هذه ليست من مهمات اللجنة المشكلة، وإن كانت أحد الأسباب في تشكيلها إذ الخطوة الأولى هو معرفة الواقع، فالضبط منوط بالجهة التي تملك العقار، والقوانين واضحة ولكن المشكلة تكمن في الآليات الناظمة والضابطة والممارسات غير الصحيحة، فهناك بعض العقارات المؤجرة تتحدث عن نفسها حين تتم مراجعة القيمة الإيجارية لها وتراها منخفضة حتى لو قيمتها بالأسعار السائدة في الفترة الزمنية التي نظم فيها العقد، ولا يحتاج الأمر إلى الكثير من الخبرة.
ما الآلية المعتمدة في تحديد الأسعار والقيم في العقود الجديدة لاستثمار أملاك الدولة؟
الآلية الواجبة هو أن تأخذ بالحسبان واقع الأسعار المشابهة في السوق وفق خصائص المعروض للإيجار وواقع المنطقة وظروف العرض والطلب.
هل من تقديرات لإجمالي الخسائر التي تكبدتها الخزينة جراء عقود الاستثمار القديمة لأملاك الدولة؟
يصعب تقدير هذه الأرقام إذا لم يتم حصر الملكيات كافة وهذا لم يتم بسبب الوضع القائم من صعوبة الدخول إلى بعض المناطق، عندها يمكن إعادة تقييم القيمة الإيجارية بما كان رائجاً سوقياً وقت تنظيم العقد، وبعدها تستطيع إجراء المقارنة ورسم صورة أولية لحجم الضياع، وذلك لاختلاف وضع العقار والزمن والتموضع المكاني والسعر.
والأمر الشائك هو للعقود المبرمة الملزمة لفترة طويلة الأجل التي لم يرد في عقودها ما يشير إلى إعادة التفاوض خلال الفترة الزمنية الطويلة، وبعض هذه العقود سارية لفترة زمنية مقبلة.
هل من ملفات في الجهات الرقابية تخص استثمار أملاك الدولة، وخاصة العقود الجديدة؟
من خلال العمل الذي تم، هناك العديد من الدعاوى تم رفعها للقضاء، بعضها للإخلاء أو لتعديل القيمة الإيجارية أو لفسخ العقد، وليس لدي فكرة عن عدد العقود المحالة على الجهات الرقابية. ولكن هناك عدد غير قليل من الدعاوى المرفوعة.
كيف تقيمون عمليات استثمار أملاك الوحدات الإدارية بالأرقام؟ ومواقع الفساد والتلاعب فيها؟ وهل من خطة لضبطها؟
كلنا يعرف الفوضى التي كانت سائدة في إدارة واستثمار هذه الملكيات سابقاً، وإن ما تم العمل عليه خلال العامين الماضيين من وزارة الإدارة المحلية حرك ملفات كانت غير مرئية إما لعدم حصرها وإما لعدم المعرفة بها. وأنا أعتبره من أهم الملفات الذي يغير تغييراً جذرياً النظرة والهدف والمعالجة لاستثمارات الوحدات الإدارية.
هذا العمل المهم الممنهج المتميز الذي طال المحافظات السورية ولأصغر وحدة إدارية باستثناء محافظات دير الزور والرقة وإدلب سينعكس إيجابياً حتماً على عملية التصحيح ومن خلال الأرقام تم الدخول والتدقيق إلى 18161عقداً محدد القيمة وذلك لغاية 31/12/2018، وتم معالجة 10483 عقداً منها، وهناك3758 عقداً إضافياً قيد التدقيق والمعالجة.
وكان المنعكس المالي خلال المدة السابقة زيادة بالقيمة الإيجارية من 540.2 مليون ل.س إلى 4.7 مليارات ل.س وبزيادة 4.1 مليارات ل.س، وهذا الملف مستمر وهذه هي البداية.
كيف تقيمون آليات التعاقد والمناقصات لدى الجهات العامة وأنتم على رأس لجنة العقود في رئاسة مجلس الوزراء؟
لا يحق لي خلال هذه الفترة الوجيزة من تكليفي أن أقيم عملاً تتم ممارسته عبر عقود، ولكن يمكن القول إن أغلب المشكلات التي ظهرت للعقود التي تمت دراستها خلال الفترة الماضية تنحصر في مخالفات بعضها قانوني والمعظم منها إجرائي والبعض لا يحقق التناسق في الرؤية والإجراءات بين الحلقات المسؤولة عن العقد من الدراسة وحتى الإحالة على اللجنة المركزية في مجلس الوزراء.
أين أصبح قانون الاستثمار الجديد؟ وما أبرز النقاط الجديدة فيه؟
تم إقرار مشروع القانون الجديد في مجلس الوزراء، وقد شارك في إعداده كل الجهات ذات العلاقة بالشأن الاستثماري من خلال لجان فنية استمر العمل فيه أكثر من عام. وقد حرصت المناقشات على تعزيز مناخ الاستثمار من خلال بنية تشريعية قوية تحدد بوضوح ترتيب الأولويات لمرحلة فرضتها الحرب القذرة على سورية وبما يخدم إعادة دوران العملية الإنتاجية وتمكينها.
ويبقى هدفنا الرئيسي من تعزيز واقع الاستثمار والوصول إلى بيئة مناسبة وجاذبة للاستثمار، ليس فقط تدفق حجم استثمارات كبيرة بل وضع الرؤية لتوجيه هذه الاستثمارات بشكل مباشر وغير مباشر لتكون ذراعاً من الأذرع التي تحقق التعافي والنمو واستدامته. فبقدر نجاحنا في دراسة العوامل المحددة لحجم وتوجهات الاستثمار وتوصيف التدخلات المطلوبة بقدر ما نكون قادرين على توجيه الاستثمار لخدمة مسار التنمية.
ركز مشروع القانون على حماية حقوق المستثمر (من المصادرة ونزع الملكية)، ووضوح البنية التشريعية، ووضوح الإجراءات المصرفية، وتوحيد الرؤية المشتركة للاستثمار، وتوحيد المرجعيات الخاصة به، وإحداث المناطق الاقتصادية الخاصة بما يعزز تنمية المناطق الأكثر احتياجاً والأكثر تضرراً، وتوجيه الاستثمارات بما يحقق أولويات التنمية، وهذا يعني من الناحية الفنية توجيه الحوافز والتسهيلات الممنوحة بموجب القانون باتجاه القطاعات ذات الأولوية، وتبسيط إجراءات الاستثمار وتحديد إطارها الزمني، وتسوية المنازعات الاستثمارية بما يحقق اختصار وقت المقاضاة في إطار تشريعي وضعت ضوابطه بعناية.