نقص الرجال في المصارف … 862 صرافاً آلياً لدى المصارف العامة تعمل منها 554 صرافاً
عبد الهادي شباط
يبدو أن معزوفة المصارف العامة عن تردي خدمة الصرافات الآلية لم تعد تجدي نفعاً، فما الأسباب الحقيقية وراء استمرار تردي الخدمة؟ وما المعوقات التي لا نعرفها والتي لا تصرح بها إدارات المصارف العامة؟ وإلى متى استمرار حال الصرافات كما هي عليه الآن؟ وما البدائل والحلول التي تبحثها المصارف العامة وخاصة في صرافات العقاري والتجاري السوري لكونها تمتلك الحيز الأوسع من الصرافات الآلية؟
عملت «الاقتصادية» على جمع بيانات من مختلف المصارف العامة لمعرفة إجمالي عدد الصرافات التي تمتلكها هذه المصارف وعدد العامل منها، فأظهرت البيانات أن إجمالي الصرافات الآلية لدى المصارف العامة تجاوز 862 صرافاً تعمل منها حالياً 554 صرافاً على حين 308 صرافات خرجت عن العمل خلال السنوات السابقة بفعل ظروف الأزمة، حيث تعرض العديد منها لأعمال التدمير والتخريب والسرقة وغيرها، إضافة إلى عدم توافر مستلزمات الصيانة التي تحتاجها الصرافات بسبب حالة الحصار المفروضة على البلد وخاصة أن معظم الصرافات العاملة لدى المصارف العامة تجاوزت العمر الافتراضي لها ودخلت مرحلة الاهتلاك.
«العقاري»
بين المدير العام للمصرف العقاري مدين العلي لـ«الاقتصادية» أن أكثر من 125 صرافاً خسرها المصرف بسبب ظروف الأزمة خلال السنوات السابقة، على حين يعمل اليوم لدى المصرف 198 صرافاً من أصل 325، موضحاً أن العقاري يعمل بالتوازي مع صيانة وإصلاح الصرافات المتوقفة لديه على تأمين صرافات جديدة عبر خطة الشراء التي أقرّها، وفي هذا السياق تم إجراء مناقصة لشراء 100 صراف جديد، ومن المتوقع أن يحتاج توريدها لنحو 3 أشهر، مظهراً أن الصرافات التي سيتم توريدها تشتمل على أحدث المواصفات الفنية المتوافرة والمتاحة عالمياً والتي تحقق أمن المعلومات وفق المعايير العالمية المعمول بها وخاصة لجهة توافر عوامل الأمان التي توفرها هذه الصرافات للمستخدمين، مثل توافر برامج تحول دون سرقة كلمات وأرقام التشغيل للبطاقات ومنع حالات الاحتيال التي عادة ما قد يتعرض لها بعض العملاء الذين يحتاجون للمساعدة في استخدام خدمة الصراف.
ويعمل المصرف العقاري بالتوازي مع ذلك على إعادة تأهيل وترميم الصرافات التي تحتاج للصيانة والإصلاح ضمن المتوافر من قطع التبديل والصيانة وخاصة بعد اعتماد خطة للاستفادة من قطع بعض الصرافات التي خرجت عن الخدمة بشكل نهائي وغير قابلة للإصلاح، حيث يمكن الاستفادة من بعض القطع فيها لتشغيل الصرافات الأخرى.
غير تقليدية
بعيداً عن الأسباب التقليدية التي تقدمها المصارف عادة حول تردي خدمة الصرافات الآلية بين المدير العام للمصرف العقاري أن هناك جملة من العوامل التي تقل فيها التصريحات، أهمها حجم المخاطرة في نقل الأموال على مدار سنوات الأزمة وعدم توافر التغطية التأمينية الكافية على مدار اليوم، إضافة لعدم توافر العدد الكافي من المركبات الخاصة بنقل الأموال التي تتمتع بالعديد من عوامل الآمان التي يحتاجها نقل الأموال، حيث لا تحقق المركبات المتوافرة حالياً تأمين عمليات نقل الأموال بالشكل والسرعة المطلوبين.
كما كشف العلي عن نقص لدى المصرف في الكوادر العاملة وخاصة من فئة الذكور حيث لدى المصرف اليوم نحو 6 فرق عمل أو مجموعات لتغذية الصرافات تتألف كل مجموعة من 3 عاملين هم أمين خزينة وعامل تغذية وسائق على حين تحتاج عملية تغذية الصرافات بشكل مثالي وضمن المواعيد المحددة لعشرات أضعاف هذه المجموعات، وإضافة لهذه المشكلات هناك العديد من معوقات العمل التي تراجع أثرها السلبي في تشغيل الصرافات مع تحسن الأوضاع العامة في البلد مثل توافر التيار الكهربائي والاتصالات وغيرها من الخدمات التي يحتاجها عمل الصرافات.
وبين أن هناك دراسة وتحليلاً لكل تلك المشكلات والمعوقات، والبحث جارٍ عن بدائل وحلول ممكنة، ففي البداية تم التوافق مع مؤسسة التأمين على تغطية تغذية الصرافات بعد الساعة الخامسة من مساء كل يوم وهو الموعد الذي كانت تنتهي عنده التغطية اليومية ليصبح على مدار اليوم ويشمل أيام العطل والأعياد، كما تم تقدير الحاجة لنحو 25 مركبة جديدة لنقل الأموال، ويتم التواصل مع العديد من الجهات المعنية لتأمين هذه المركبات، على حين يتم التوجه نحو تأمين النقص الحاصل في الكوادر العاملة لدى المصرف عبر المسابقات التي يعلن عنها المصرف وإبرام العقود الخاصة لتأمين هذه العمالة مع مراعاة عدم جواز تكليف عامل من غير الدائمين في تغذية الصرافات لحساسية مثل هذا العمل والخبرة التي يحتاجها، حيث يتم تعيين العاملين الجدد والمؤقتين في وظائف محددة وفرز العاملين الدائمين الذين لديهم الخبرة بدلاً منهم للعمل في مجموعات تغذية الصرافات.
وبين العلي أن العديد من الخدمات الأخرى الضرورية لتشغيل الصرافات مثل التغذية الكهربائية وشبكة الإنترنت باتت جيدة في معظم المناطق ويتم التواصل مع هذه الشركات لزيادة جودة الخدمة وفي حال وجود مشكلات طارئة.
نقاط البيع
أوضح مدير العقاري أن المصرف يتجه لتحديث خدماته وبرامج عمله بما يسمح بالتخفيف من الضغط على عمل الصرافات وحالات الازدحام الحاصلة أمامها وخاصة مع أيام صرف الرواتب والأجور للعاملين في الجهات العامة الموطنة رواتبهم لدى المصرف عبر التوسع في تحديث الخدمات مثل التوسع في خدمة نقاط البيع التي وصل عددها لنحو 150 نقطة بيع، حيث تسمح هذه الخدمة في حال تعطل الصراف الآلي من صرف الأموال يدوياً بموجب بطاقة الصراف وهو ما يسهم في تأمين الخدمة للعميل وتخفيف الضغط على الصرافات الآلية وخاصة أوقات الذروة.
كما بين أن هناك خدمة الشيك الداخلي المعمول بها لدى المصرف وهي تسمح بقبض المبالغ المطلوبة من الزبون عبر تحرير شيك داخلي لدى فرع المصرف وصرفه من المحاسب مبيناً أن الكثير من العملاء لأ يعلمون توافر هذه الخدمات، حيث يعمل المصرف على زيادة التعريف بخدماته المتاحة عبر العديد من الوسائل الإعلامية والتسويقية.
«التجاري»
وبالتوجه للمصرف التجاري السوري الذي تمثل صرافاته أيضاً جزءاً واسعاً من الصرافات العاملة لدى المصارف العامة بين مدير لدى المصرف أن إجمالي الصرافات لدى التجاري نحو 470 صرافاً يعمل منها 326 صرافاً والباقي خارج العمل بفعل العديد من الأسباب والظروف معظمها يتصل بظروف الحرب على سورية، وأن المصرف التجاري السوري يعمل ضمن خطة لزيادة عدد الصرافات العاملة لديه وتوزيعها بما يتلاءم مع حالة التركز السكاني التي فرضتها ظروف الحرب على سورية وأن المصرف يعمل على توريد نحو 50 صرافاً هي في مرحلة فض العروض حالياً وسيتم توريدها وتوزيعها كدفعة أولى من خطة تطوير عمل الصرافات لدى التجاري السوري.
وأوضح أنه من ضمن الحلول التي تعمل عليها إدارة المصرف هو تحديث منظومة الدفع الإلكتروني وتطوير برامج العمل لهذه الصرافات.
بانتظار محولة المركزي
اعتبرت مديرة التقانة في المصرف الزراعي أن زيادة عدد الصرافات لدى المصرف مرهون بإطلاق محولة الدفع التي يعمل عليها المركزي على حين يتوافر لدى الزراعي اليوم نحو 33 صرافاً آلياً يعمل منها 13 صرافاً تغطي فروع طرطوس وبانياس وصافيتا واللاذقية والقدموس وجبلة وحماة ومصياف وتلكلخ وسلمية على حين يتم العمل على إعادة تأهيل صراف سقيلبية.
وفي مصرف التسليف الشعبي بين مدير التقانة خالد عيطة أن المصرف يمتلك 14 صرافاً يعمل منها 9 صرافات تتوزع على 4 صرافات بدمشق و2 في كل من طرطوس وصافيتا و2 في حماة والسلمية وصراف في حلب، كاشفاً عن طلب زيادة هذه الصرافات حيث تلقى المصرف وعوداً من العقاري بتأمين 5 صرافات من الربع النظامي لعقد توريد 100 صراف التي يعمل على تنفيذه المصرف العقاري لأن صرافات التسليف الشعبي تعمل وفق محول العقاري وهي مرتبطة بها وأن هناك لجنة مركزية تشرف على عمل الصرافات ومتابعتها ويتفرع عنها لجان فرعية في المحافظات.
مهلة الحكومة
كشفت مدير التقانة لدى المصرف الصناعي عن مهلة حددتها رئاسة مجلس الوزراء لتأهيل وتشغيل الصرافات المتوقفة لدى المصرف تنتهي مع شهر آذار القادم حيث يصل إجمالي عدد الصرافات لدى المصرف الصناعي لنحو 20 صرافاً يعمل منها نحو 8 صرافات على حين هناك 12 صرافاً خارج العمل يجري العمل على صيانتها وإصلاحها لإعادتها للعمل ضمن المهلة التي حددتها الحكومة لتحسين الخدمة للمواطن، علماً أن صرافات المصرف الصناعي ترتبط بمحولة ومنظومة عمل الصرافات العقارية، على حين لا يمتلك مصرف التوفير أي صراف وفي محاولة لمعرفة أسباب ذلك اكتفى مدير لدى المصرف أن للمصرف مسوغاته الخاصة في ذلك وأنه يعول على محولة الدفع التي يتم العمل عليها.
في المحصلة يتضح أن المصارف العامة تعمل باتجاه الخروج من حالة الحرج التي تسببها تردي خدمات الصرافات الآلية لكن هوامش الحلول والبدائل مازالت متواضعة ولا تصل لمستوى واقع حال الصرافات الآلية غير المرضي ومنه نرى أنه لابد من البحث خارج التقليد الحلول النمطية غير القابلة للتحقق خلال الظروف العامة التي يمر بها البلد وخاصة حالة الحصار التي تفرض على البلد منذ سنوات.