شؤون محلية

المدير العام للمصرف العقاري مدين علي: سوق العقارات تعاني حالياً ركوداً شديداً

سقوف القروض السكنية غير مجدية وهناك مشروع لتعديلها وفق التكاليف الحالية

عبد الهادي شباط

رهانات كثيرة وكبيرة تلقى على عاتق دور المصرف العقاري في مرحلة الإعمار المرتقبة، لجهة توفير التمويلات للكثير من مشروعات الإسكان والتطوير العقاري، ومتطلبات الترميم والتأهيل، وخاصة أن المصرف متخصص في التمويل العقاري، ولديه خبرة تراكمية طويلة في هذا المجال، وقد استطاع قبل سنوات الحرب على سورية استحواذ مساحة واسعة من النشاط المصرفي في السوق المحلية والمساهمة في تنفيذ الكثير من المشروعات، فما حال المصرف اليوم بعد ثماني سنوات حرب؟ وما رؤيته للمرحلة المقبلة؟ وكيف العلاقة مع الجمعيات السكنية؟ وماذا عن ملف الديون المتعثرة لدى المصرف؟
كل هذه الموضوعات وغيرها كانت محاور حديث «الاقتصادية» مع المدير العام للمصرف العقاري الدكتور مدين علي، وفيما يلي نص الحوار:

بدايةً، تدور الكثير من التساؤلات في أذهان الناس حول تأخر رفع سقوف القروض السكنية لدى المصرف، فما سبب ذلك برأيك، وهل الرفع ممكن؟
تعاني سوق العقار والإسكان خلال الواقع الحالي ركوداً شديداً، ويمثل تنشيط هذا القطاع محفزاً واسعاً للكثير من القطاعات الاقتصادية المختلفة، لجهة إسهامه في توليد حلقات متعددة من الطلب على الكثير من المواد الأولية، التي تدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في متطلبات عمل القطاع العقاري، من مواد البناء والأدوات الصحية والكهربائية.. وسلسلة طويلة من المتطلبات الأخرى التي تحتاجها عمليات التشييد والإكساء والديكور والفرش.. وغيرها.
ولاشك أن المصرف العقاري يمثل دوراً محورياً ومهماً في توفير التمويلات اللازمة لنشاط هذا القطاع، وهو يندرج في أساس غايات المصرف وأهدافه ومهامه الأساسية لجهة توفير التمويلات لمشروعات الإسكان، وخاصة أن المصرف لديه منتجات تاريخية في هذا الإطار، مثل قروض البناء والتشييد والترميم والإكساء والشراء وغيرها، لكن المشكلة الأساسية تكمن في أن هذه المنتجات مازالت بسقوفها السابقة كما كانت قبل سنوات الحرب على سورية، وكانت في حينها متوافقة مع المستوى العام للأسعار، إلا أن معدلات التضخم التي وصلت إليها الأسعار الحالية جعل هذه السقوف غير قادرة على تلبية الاحتياجات الفعلية للمواطنين، بسبب ارتفاع التكاليف المرتبطة بالأسعار الحالية، وهو ما ولّد فجوة واسعة بين هذه السقوف والاحتياجات الفعلية واللازمة لهذه المرحلة سواء للترميم أم للإكساء والشراء.
وبناء على ذلك يعمل المصرف العقاري على مشروع لرفع هذه السقوف، بحيث تصبح مواكبة للمستوى العام للأسعار الحالية، وإن هذا المشروع قيد الدراسة وبانتظار الموافقة من الجهات المختصة بحيث تسمح السقوف المقترحة بشراء شقة بمواصفات هندسية جيدة.

كيف العلاقة مع الجمعيات السكنية وخاصة أنه رشح حدوث خلافات مؤخراً حول استقبال بعض الودائع؟
المصرف لديه خبرة طويلة في التعامل مع الجمعيات السكنية، وهناك علاقة تاريخية معها، وقد عمل المصرف على تمويل الكثير من مشروعات هذه الجمعيات، وهناك الكثير من التجارب الناجحة في هذا الإطار، لكن الكثير من الجمعيات السكنية ترهلت خلال سنوات الحرب، وتباطأت عن القيام بواجباتها ومهامها، وربما يكون هناك أسباب موضوعية تبرر لبعض الجمعيات ذلك، لكن المطلوب مضاعفة الجهد لتذليل العقبات التي تواجه عملها، وهو من مهام الجمعيات.
أما بخصوص التمويل لهذه الجمعيات، فليس لدى المصرف أي مشكلة بذلك، وخاصة أن المصرف لديه السيولة الكافية، ومن أهدافه منح القروض، وتوظيف الموارد المالية المتوافرة لديه، ضمن الشروط والضوابط القانونية، على أن يكون هناك بيانات وكشوفات هندسية، وإنجازات على الأرض تبرر للمصرف الاستمرار في عملية منح التمويل.
وفيما يخص استقبال الودائع، فليس للمصرف موقف من أي جهة في ذلك، والمصرف يتعامل مع الجمعيات السكنية مثل باقي القطاعات أو الأشخاص الطبيعيين لجهة الشروط والضوابط المتعلقة بفتح حسابات أو قبول ودائع، أما أن يتحول المصرف إلى مؤسسة وظيفتها استقبال الودائع والأموال من الجمعيات السكنية، فهو أمر غير مبرر، لأن المطلوب من الجمعيات السكنية تنفيذ مهامها وتوظيف الأموال لديها في تنفيذ المشروعات التي أعلنت عنها، وتم الاكتتاب عليها، وبالمحصلة القيام بعملها السكني والاجتماعي، والمصرف يعمل على تقديم التمويل ويسهل عمليات الاكتتاب في حال جدية الخطوات المعلن عنها لدى الجمعيات السكنية، وخاصة لمس خطوات جدية وتنفيذية على أرض الواقع.
كما أنه من غير المقبول جمع أموال المكتتبين وإيداعها لدى المصرف بحسابات تخص هذه الجمعيات، من دون توظيفها في تنفيذ أعمال على الأرض، وخاصة أن هناك بعض الجمعيات السكنية تأسست منذ أكثر من 25 عاماً ومازال المكتتبون ينتظرون بيوتهم حتى الآن، كما أن عملية إيداع أموال الجمعيات في هذه الطريقة لا ينسجم مع مصلحة المصرف الذي يبحث في المحصلة مصلحة المصرف وتحقيقه للأرباح.

ما رؤية المصرف تجاه مرحلة إعادة الإعمار؟
المصرف العقاري له دور أساس وجوهري في مرحلة إعادة الإعمار، لكونه متخصصاً في قضايا البناء والإعمار، لكن القضية لا تتوقف على الجانب التمويلي المناط جزء منه بالمصرف العقاري، وهو لديه جاهزية كاملة لتنفيذ المهام المطلوبة منه في هذه المرحلة، لكن للمسآلة جوانب أخرى، تنظيمية وإدارية، وهي من مهام واختصاصات مؤسسات وجهات عدة، وبالتالي فإن دور المصرف العقاري هو جزء مكمل وملازم لمهام وأدور العديد من الجهات المعنية بإعادة الإعمار، كما أن إنجاز المخططات التنظيمية والدراسات الهندسية المتكاملة يعد مدخلاً مهماً لانطلاق عملية إعادة الإعمار.

ما أهم الخدمات الجيدة التي يعمل عليها المصرف العقاري؟
يعمل المصرف العقاري اليوم ضمن محورين، الأول هو المحور الشاقولي، لجهة تعديل السقوف للمنتجات التقليدية والتاريخية لدى المصرف مثل رفع سقوف القرض السكني والإنشائي والإنمائي، والثاني، يتضمن تنفيذ خطة واسعة في المستوى الأفقي لجهة التوسع في تقديم الخدمات المصرفية وتحديثها ورفع جودتها، وفي هذا السياق يخطط المصرف لنقل البنك العقاري لكل التجمعات السكنية عبر فروعه ومكاتبه والخدمات التي يقدمها، حيث يعمل المصرف على إحداث العديد من المكاتب في مناطق مختلفة لتكون نواة لفروع مستقبلية، وفي هذا الاتجاه تم فتح مكاتب وفروع في مختلف المحافظات والمناطق (فرع في جرمانا ومكتب في سلمية والسقيلبية ومكتب في القدموس ومكتب في الصفصافة. ومكتب في الناصرة بحمص..)، وقد تم فتح مكتب في كلية الآداب بجامعة دمشق.

أين وصل ملف القروض المتعثرة لدى المصرف؟
نجح المصرف في التعامل مع هذا الملف، واستطاع مؤخراً طيّ صفحة واسعة من هذا الملف عبر التسويات المنفذة، ومن خلال الحوارات والإقناع وزيادة التواصل مع المتعثرين، ودراسة أوضاعهم، وتقييمها، وقد حقق المصرف خطوات مهمة في هذا الأمر، إضافة لتفعيل الملاحقات القضائية والمتابعة لها، وفي هذا الإطار؛ هناك آلاف الأضابير في المصرف محالة إلى دوائر التنفيذ والتي تبين عبر المراجعة والتدقيق أن بعضها تم شطبه في دوائر التنفيذ، وعلى التوازي أيضاً؛ هناك العشرات من القروض ستحال للقضاء لحاجتها لفتح ملفات تنفيذية، وملاحقة قضائية.
كما تمّ تنفيذ العشرات من المزادات، وهذا أسهم أيضاً في لعب دور مهم في تحفيز ودفع العديد من المتعثرين للمبادرة والتسديد، بعد أن باتت عملية المتابعة والملاحقة القضائية أكثر تشدداً، وسط حالة مستمرة من المتابعة بما يخدم مصلحة المصرف ويحقق غاياته وبما يضمن حماية المال العام.

ما الإجراءات والتدابير المتخذة لتطوير الأداء ورفع مستوى نشاط البنك؟
هناك مساعٍ لتطوير البنك، ورفع مستوى الأداء وتحسين نوعية النشاط، وقد تمّ التوجه نحو تنفيذ مجموعة كبيرة من الإجراءات والأدوات لتحقيق ذلك، ومنها تدريب الكوادر، حيث يتم العمل على الانطلاق بمشروع تدريب الكوادر البشرية وتأهيلها بصورة أفضل، من خلال دورات داخلية في مراكز التدريب المحلية، وذلك بموجب خطة تدريب وتأهيل طموحة، كما تمّ الإيفاد إلى الخارج لبعض الكوادر للخضوع لدورات تدريب وحضور ورشات عمل، وفي إطار التدريب يتجه البنك للتعاقد مع جهة تمويلية لإحداث ماجستير تأهيل وتخصص لرفع المستوى العلمي والمعرفي التخصصي التقني للكوادر، ويمنح بموجبها الكادر المتدرب درجة الماجستير التخصصي في العلوم المصرفية.
كما بين أن بهدف تبسيط الإجراءات وتسهيل إمكانية الوصول لخدمات البنك، تمت إعادة النظر بالكثير من الإجراءات والتدابير البيروقراطية عن طريق فتح باب التواصل المباشر مع مختلف الشرائح والمكونات التي يتعامل معها البنك، وتشكيل العديد من اللجان المختصة لمعالجة قضايا معينة، وإشكالات مختلفة تواجه البنك منذ سنوات، وقد قدمت هذه اللجان العديد من التوصيات والمقترحات عن طريق تقارير خاصة وهي قيد التنفيذ، إضافة لإرساء تقليد اجتماع دوري بصورة أسبوعية لمديري البنك المركزيين (مديري الإدارة العامة) لمناقشة الصعوبات والتحديات وآفاق تطوير العمل.

ولابد من الإشارة إلى أن المصرف العقاري يمتلك الكثير من المقومات التي تسمح له بلعب دور مهمٍّ خلال المرحلة المقبلة، ولاسيما أننا نتجه نحو حالة واسعة من إعادة الإعمار تتطلب حضوراً استثمارياً واسعاً وشركات مختلفة وخاصة شركات التطوير العقاري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى